الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
القانون المنتهك!

القانون المنتهك!

فى الوقت الذى أكد فيه زعماء الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا دعمهم لإسرائيل وحقها فى الدفاع عن نفسها، طالبوها أيضا بالالتزام بتطبيق قواعد الحرب فى هجومها على قطاع غزة، وكأن هؤلاء الزعماء الأشاوس لا يرون كم الانتهاكات التى يقوم بها سلاح الجو الإسرائيلى بقصفه للمستشفيات والمساجد والكنائس ومنازل المواطنين المدنيين، وتعمد إيذائهم من خلال قطع المياه والكهرباء عن جميع سكان غزة، بما فى ذلك المستشفيات، وهذا ما تغافل عنه هؤلاء الزعماء حينما طالبوا دولتهم المدللة بضرورة اتباع قواعد الحرب، التى انتهكتها إسرائيل عن قصد وتعمد طوال 75 عامًا، رغم أن هناك قانونًا دوليًا إنسانيًا مكونًا من مجموعة من القواعد الدولية، التى تحدد ما يمكن وما لا يمكن فعله خلال نزاع مسلح وتهدف بشكل رئيسى للحفاظ على شىء من الإنسانية فى النزاعات المسلحة وإنقاذ الأرواح والتخفيف من المعاناة.. وتعتبر اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، التى حظيت بانضمام وتصديق عالمى، المعاهدات الجوهرية للقانون الدولى الإنسانى، قانونًا واضحًا ويعد الالتزام به فرض عين على جميع الدول وليس اختيارًا، ومخالفته تعد جرائم حرب، بما فيها مسألة التهجير القسرى التى دعت فيها إسرائيل سكان قطاع غزة إلى إخلاء منازلهم ودفعهم للنزوح إلى مصر ثم إلى جنوب القطاع، عقب رفض مصر الصريح لمثل هذا الاقتراح، لأنه يعنى فى النهاية تفريغ القطاع من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية برمتها. وفى هذا الشأن تحديدًا، تشترط قوانين الحرب قيام الأطراف المتحاربة بتقديم «تحذيرات مسبقة فعالة» من الهجمات التى قد تمس السكان المدنيين، لكن يبقى المدنيون الذين لا يخلون المكان عقب التحذير متمتعين بكامل حماية القانون الإنسانى الدولى، وإلا لجاز للأطراف المتحاربة استخدام التحذيرات لإحداث عمليات نزوح قسرى وتهديد المدنيين بالأذى المتعمد إذا لم يستجيبوا لهذه التحذيرات، ولهذا يقول أساتذة وخبراء القانون الدولى: إن الحصار المفروض على غزة يعد جريمة حرب لأنه يستهدف المدنيين، ولا يعد وسيلة مشروعة لتقويض قدرات حماس العسكرية.



المؤسف فى الأمر أن عدم تطبيق دولة الكيان لقواعد هذا القانون، تزامن مع عدم سماحها بتقديم المساعدات الإنسانية (أغذية ومياه ووقود وأدوات طبية وغيرها) بالدرجة التى تمثل الحد الأدنى من المساعدات التى تكفل ضمان الحياة الضرورية لمواطنى قطاع غزة المفروض عليهم مثل هذا الحصار غير الإنسانى بالمرة، على الرغم من مناشدات المسئولين فى الصليب الأحمر الدولى والقائمين على مؤسسة الأونروا التى تعمل على إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، يحدث هذا فى نفس الوقت الذى أرسل فيه زعماء أمريكا والدول الأوروبية العديد من شحنات الأسلحة لدولة الكيان، يفوق عددها بكثير عدد شحنات المساعدات المرسلة لخدمة مواطنين مدنيين، التى تسمح إسرائيل بدخولها الى غزة حسب ما تراه يخدم مصالحها فقط.

معايير مزدوجة ليس لها من آخر، وضع قواعدها وساهم فى نشرها المجتمع الغربى وأمريكا، الذى يطالب بتطبيق معايير الحرب الأخلاقية فى أوكرانيا بسبب العملية العسكرية الروسية، ولكن فى حالة إسرائيل يتجاهلون هذه المعايير، وهو نفسه مجتمع الغرب الذى يتشدق قادته يوميا بالحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية ويطالبون الغير بالأخذ بها، وإلا الويل والثبور وعظائم الأمور تنتظر من يجرؤ على مخالفة قواعدهم، فتشديد الحصار وأتباع أساليب الضغط والترهيب تنتظر أمثال هؤلاء الخوارج عن إجماعهم.. من ناحيتى لا أستغرب ما يفعله الغرب وأمريكا، التى سبق أن مارست هذا الازدواج على المواطنين الأصليين لأمريكا (الهنود الحمر) الذين سلبت أراضيهم وأصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية ولم يندمجوا فى المجتمع الأمريكى حتى وقت قريب، وهى نفس السياسة التى تتبع مع المواطنين من أصحاب البشرة السوداء، الذين يتعرضون للضرب والاعتقال حتى الآن، رغم الشعارات الديمقراطية والحرية والحقوق، ولذلك لم يعد بمستغرب لى أو لغيرى أن يقف زعماء مثل هذه الدول مع إسرائيل فى عدوانها المجرم ضد المدنيين والأبرياء، ولم ولن يغمض لهم جفن وهم يشاهدون عبر إعلامهم موت وبكاء الأطفال الذين يفقدون حياتهم أو تيتموا قبل الأوان.. هذه هى قواعد الحرب التى يرونها ويؤمنون بها.. والتى بسببها يتم انتهاك أو تناسى أى قانون إنسانى.