الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
لعنة  الضوء الأخضر!

لعنة الضوء الأخضر!

فى معجم المعانى، تُعرف جملة «أعطاه الضوء الأخضر»: أَذِن له بالبدء فى عمل ما، أو منحه الموافقة والقبول على ما يريد أن يفعله، وهذا تحديدًا ما أخذ به المجتمع الغربى وفعله وعلى رأسه أمريكا، حينما صرح لدولة إسرائيل المحتلة بحرية إسقاط جميع أنواع القنابل، بما فيها القنابل الفسفورية المحرمة دوليًا على رءوس الفلسطينيين، وبفرض حصار خانق ويمنع الماء والكهرباء والغذاء والدواء عن سكان قطاع غزة والضفة التى يحتلها ويفرض سطوته عليها دون وجه حق، ليتبين لى ولغيرى أن هذا اللون الأخضر (أو الضوء الأخضر حسب فهم الغرب وأمريكا) ليس سوى حق يراد به باطل، حق يحصد فى طريقه الأخضر واليابس، أعطوه عن قصد وطيب خاطر لتلك الدولة لتعيث فى الأرض فسادًا، مخلفة من جراء ذلك الدماء والقتل والخراب لشعب أراد الحياة، وعندما يثور مطالبًا بها بعد طول عقود من الذل والهوان والتشريد فوق أرض وطنه، يصمت هذا الغرب ويتم وصمه بالإرهاب، وهنا وجب الاتحاد عليه وعلى مقدراته بالسماح للدولة المدللة، بأن تفعل به ما تشاء، تحت حجج الدفاع عن النفس، والتى بسببها ترتكب المذابح والمجازر منذ عشرات السنين، ولكن من يسمع ومن يرى هذا الدمار الذى لحق بشعب محروم من العيش داخل وطنه، ومن أجل هذا المنح والصمت غير المبرر بت أكره اللون الأخضر الذى منحه المجتمع الغربى لمن لا يملك، وزيادة فى الظلم أرسلوا أساطيلهم البحرية لدعمه وتشجيعه، وتهديد كل من تسوّل له نفسه مجرد التفكير فى دعم الأشقاء الفلسطينيين، وسارع وزير خارجية أمريكا بالسفر إلى دولة الكيان معلنًا دعمه ودعم دولته، مؤكدًا أن زيارته عقب عملية الطوفان، تأتى أولاً لكونه يهودى الديانة قبل أن يكون وزيرًا للخارجية، مؤكدًا فى هذا التصريح أن هذه الحرب باتت دينية، أكثر من كونها ردًا على عملية الطوفان الفلسطينية، فى مشهد يعيد إلى الأذهان الحروب الصليبية، الغريب فى الأمر أن منظمة الأمم المتحدة التى لم تتوان عقب العملية الروسية على أوكرانيا بيوم أو اثنين عن إصدار بيان يطالب بإنهاء العملية ورحيل القوات الروسية، لم تصدر أى بيان على لسان أمينها العام أنطونيو غوتيريش يطالب بوقف الاعتداء الإسرائيلى حتى كتابة هذا المقال، بالطبع هذا معروف ومعلوم للقاصى والدانى، بعد أن رسخت هذه المنظمة مبادئها وأعرافها على الوقوف ضد كل ما هو مرفوض من أمريكا ومن يسيرون فى ركابها.



دعم وتأييد جعل البطش والمجازر ليس لهما من حد أو سقف، مذابح حالية وأخرى سابقة جميعها تعامى عنه الغرب والمنظمات الدولية، رغم مخالفته الصريحة للقانون الدولى الإنسانى والعدل، نتعرف من خلاله على هذا الكم الكبير من المعايير المزدوجة الذى يمارسه المجتمع الغربى على كل من يخالفه أو يتصدى له، تهدر من خلاله الكرامة الإنسانية من أجل تحقيق المصالح، مؤيد بصور وفيديوهات (اتضح فبركة بعضها بعد أيام) تبرر القصف الوحشى وجرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى، التى يجب أن تستمر كما صرح وزير الدفاع الأمريكى للقضاء على حماس، مع ضرورة تطبيق قواعد الحرب، التى تنادى بعدم تعرض المدنيين للإيذاء (حسب وصفه) فى منطقة تعد من أكثر مناطق العالم من حيث الكثافة السكانية، بمعنى أن تعرضهم للخطر أمر حتمى.

ما سبق ليس سوى جزء من كل، نتج عن الضوء الأخضر الذى سمح به الغرب وأمريكا، ودعمه بعض التابعين الذين لا يبغون سوى فرض إرادتهم علينا نحن العرب، من أمثال المنظمة المعنية بشئون العالم لخدمة المدللة إياها، والتى بالمناسبة انكشفت حقيقتها، فلم تعد الدولة التى لا تقهر كما أشاعوا عن أنفسهم، وسيظل شهر أكتوبر يمثل لهم ذكرى سوداء، سواء فى الماضى أو الحاضر، ولهذا ولغيره كثير شاءت أم أبت، لم ولن تنعم بالسلام المنشود سوى بالعودة إلى إعطاء الفلسطينيين حقهم فى إقامة دولتهم، التى تغافل الغرب وإسرائيل عن وجودها، رغم العديد من المبادرات والقرارات التى نادت بذلك، وقتها لن يكون هناك مجال لضوء أخضر أو غيره من الألوان، لمثل هذا الانحياز والتأييد الأعمى.