الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حكاية وطن

حكاية وطن

فعلاً إنه وطن (حكايته حكاية) شغلت عقول ونفوس العديد من أبناء هذا الشعب، مثلما شغلت من قبل وحاليًا، وستشغل مستقبلاً نفوس الكثير ممن لا يتمنون له الخير والنماء والسعادة، ومع هذا يتخطى الصعاب والعَقبات، ويقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الإضرار به وبشعبه، الذى يستند فى التصدى لكل مجرم أو مأجور أو مدفوع أو متطرف أو تاجر دين، إلى حضارة وتاريخ تخطى الـ 7 آلاف سَنة، حضارة تدعم ظهره ولا تسمح له قَط بالانحناء وقت المحن والأزمات، محن بدايتها كانت على يد مستعمر خارجى، وضع جُل همّه على استعباد هذا الشعب وسرقة ثرواته، ولكن بمقاومته وتشديد الحصار عليه، قرّر النفاذ بجلده لينجو بنفسه من الخطر والتهلكة التى باتت تهدد رجاله؛ على الرغم من فقدانه للكثير من أبنائه الوطنيين الشرفاء، الذين ضحّوا بالنفس قبل الجسد ليظل هذا الوطن فى أمان، عقب خوضه حربي 48 و67 وحرب الاستنزاف، كللت جميعها بنصر حاسم فى 6 أكتوبر 73، وعقب تحرير الأرض بعدها تنسّم هذا الوطن نَسيم الحرية التى عصت عليه لسنين طويلة، من جرّاء وجود مستعمر الخارج، الذى لا يزال يسعى بشتى الطرُق لوضعنا تحت سيطرته مَرّة أخرى، وعندما نفض الوطن ثوبه من استعباد المستعمر ليخوض معركة البناء والتنمية، ابتلى بمستعمر الداخل، المتمثل فى المجرمين والمأجورين الذين أرادوا فرض هيمنتهم، ومن قبلها سيطرتهم على مقدراته وثرواته تحت مزاعم الدين، الذى لم يعرف الطريق إلى نفوسهم المريضة يومًا؛ حيث اتضح فى النهاية أنهم ليسوا سوَى تجار فى الدين، يكسبون الكثير من خلفه.. استعمار ونهب جديد ولكن بصورة أخرى.



بالمناسبة؛ مهنة الاتجار فى الأديان موجودة منذ بدأت الخليقة، وأغلب الظن أنها ستستمر لحين قيام الساعة داخل نفوس البعض، وهذا ما أدركه مستعمر الداخل، الذى يجيد خداع البسطاء والمغرر بهم لنشر تجارتهم، ولذلك يحاولون اليوم خداعنا بنشر أكاذيبهم بين صفوفنا وتحت أسقف بيوتنا، تحت مزاعم وحجج أنهم يتصدون لمَن يخالف الدين وشريعته، وهذا ما اعتادوا عليه منذ تكوين جماعتهم الإرهابية، ولذلك قدّموا وعودًا (جميعها زائفة) بانحيازهم للمساكين والبسطاء من أبناء هذا الشعب، مُلبين سعيه وطلبه لسُبُل عيش كريمة، ولكن فطنة وحكمة أبناء هذا الوطن، سرعان ما جعلتهم يكشفون حقيقة وفساد هؤلاء التجار، وعرفوا من تلقاء أنفسهم ومن جراء أفعالهم السابقة والحالية وحتى اللاحقة، أنهم كاذبون، ولا يعنيهم سوى تحقيق مصالحهم وأهدافهم، والتى من أجلها حاولوا سرقة الوطن؛ بل ووصل بهم الأمْرُ إلى بيعه لمَن يدفع أكثر؛ طالما تتحقق مصالحهم الذاتية ومآربهم الدنيوية.

وعندما خاب ظنهم، اعتمدوا إطلاق الشائعات ليكون سلاحهم الجديد ونمَط حياتهم الذى يتكسبون منه، عن طريق كتائبهم وعملائهم فى الداخل والخارج، آملين أن يمكنهم هذا السلاح من العودة مرة أخرى لتصدُّر المشهد، الذى كانوا على قمته يومًا؛ إلا أن المرض والغرض تمكن منهم وأصابهم بضلال الفكر وعمى القلوب، بحيث لم يروا مشاريع التنمية والنهضة التى يراها العالم أجمع فى كل ربوع مصر، مشاريع وتنمية حقيقية فى الاقتصاد والصحة والصناعة والثقافة والتعليم، وليس لها أى علاقة بمشاريع النهضة الوهمية التى حاولتم الضحك بها على عقول الناس؛ ليسطر ذلك فى مجلدات تاريخكم المُظلم، الذى بات يعرفه جُل مصرى مُحب لوطنه، وهى نفسها المجلدات التى سيسطر فيها أن هذا الشعب وقع اختياره على رحيلهم ليَعبر بنفسه إلى بر الأمان؛ مستعيدًا حريته التى حاولتم سرقتها تحت ستار الدين والشريعة.. الذى لم يمنعكم من قتل الأبرياء ونشر فكر الإرهاب وسفك الدماء وزرع الفتن بين أبنائه، وشككتم فى إنجازاته العديدة التى حققها منذ رحيلكم غير المأسوف عليه.

السطور السابقة ما هى إلا جزء بسيط من حكاية هذا الوطن العزيز والذى نفخر بالعيش فيه، نحن وأبناؤنا من بَعدنا، وطن يسع الجميع، ويسمح بالرأى والرأى الآخر، الجميع فيه متسامحون، ويعملون من أجله لرفع شأنه بين الأمم الأخرى، لا وجود فيه لتاجر دين أو عميل، أو لمن يبيعون أنفسهم، أو للمدعين والمزايدين، أو لمن يراهنون عَمّال على بَطّال على صعوبة الوضع الاقتصادى وغلاء الأسعار وأوجاع الناس؛ لأننا فى النهاية نريده وطنًا يستطيع مقارعة ما حوله من أوطان أخرى، وهذا لن يحدث سوى بالعمل وبذل الجهد وتوحيد الصف، حتى لا نسمح بوجود مَن يتاجرون باسمه مَرّة أخرى.