عزيزى القارئ.. هذا المقال يعلمك معنى الـ«الألبوم» بدون معلم

فى المقال السابق الذى قدمت فيه مراجعة مينى ألبوم (أنا كويسة) لـ«آمال ماهر»، انزعج البعض من وصفى للألبوم بأنه غير مترابط على مستوى الموضوعات المطروحة، أو على المستوى الموسيقى، بل إنهم اتهمونى بالجهل، بسبب كثرة الألبومات «غير المترابطة» التى تصدر بشكل معتاد فى المجتمعات العربية، وكأنها حجة علىّ، وهذا يؤكد انتشار الثقافة الخاطئة لدى الجماهير قبل المبدعين والصناع.

 

كأى قارئ طبيعى عندما يجد مصطلحًا لا يعرف معناه، فأول ما سيقوم به، هو الدخول إلى «جوجل» ويبحث عن أصل المصطلح، فإذا تحدثنا عن الألبوم، فستخبرنا «ويكيبيديا» أنه عبارة عن مجموعة من التسجيلات الصوتية التى أُصدرت كمجموعة على قرص مضغوط (سى دى)، أو قرص فونوغراف، أو شريط صوتى، أو أى وسيط آخر.

هذا من حيث الأمور التقنية، ولكن من حيث المحتوى الفنى لن نجد له تعريفًا.

ولكن نقولها ونكررها مرة أخرى، الألبومات الجيدة التى حققت نجاحًا وانتشارًا جماهيريًا ونقديًا وفنيًا وتم تكريم صناعها على مستوى «العالم» جميعها بدون استثناء كان «الترابط» من حيث الموضوعات أو من حيث الموسيقى، هو المسيطر على كل هذه الأعمال الغنائية، وحتى كى لا يكون كلامنا بدون أدلة، فإليكم بعض الأمثلة:

1

ألبوم (الجدار) لفريق «بينك فلويد» الحائز على جوائز (Juno Award for International Album of the Year) لعام 1981، و(Grammy Award for Best Engineered Album, Non-Classical) لنفس العام، وأيضًا (BAFTA Best Original Song Written for a Film) فى العام التالى.

كانت فكرة الألبوم مبنية بالكامل عن شخصية خيالية تدعى «بينك»، وتحكى كل أغنية فى الألبوم عن شعور بعينه مر به بطل الألبوم، بداية من ولادته، ثم القيود التى فرضتها عليه أسرته، ثم اضطهاده من معلميه فى المدرسة، حتى يفقد ثقته فى نفسه، ويصبح شخصية معقدة، وهذا التعقيد ألهمه ليكون نجمًا موسيقيًا، فأصبح يعانى من أمراض نفسية أخرى مثل جنون العظمة، ويبدأ فى تعاطى المخدرات، ويكتشف أن حبيبته تخونه.. إلخ.

كل موقف من هذه المواقف تم التعبير عنه بشكل منفصل فى أغنية، وكل أغنية تمثل «طوبة»، ولذلك سمى «الجدار» لأن هذا الجدار مكون من مجموعة من العقد النفسية التى فرضت بالغصب من المجتمع على شخصية الطفل البرىء «بينك».

ولكى يكتمل الترابط، عندما قام الفريق بغناء هذا الألبوم فى حفلات جماهيرية مباشرة، كان بعد انتهاء كل أغنية، يوضع على المسرح مجسم لحجر عملاق، حتى أصبح الفريق يغنى من خلف جدار وهو منعزل عن رؤية جمهوره!

2

ثقافة الألبوم أيضًا موجودة فى ألبومات نفس الفريق، ومنهم (مزرعة الحيوان) المأخوذة من رائعة الكاتب «جورج أورويل» الصادرة عام 1945، وأيضًا ألبوم (الجانب المظلم من القمر) الصادر عام 1973.

وبمناسبة الحديث عن (الجانب المظلم من القمر)، من استمع إلى تفاصيل هذا الألبوم جيدًا، واستمع بعدها مباشرة إلى ألبوم (شبابيك)، الأنجح جماهيريًا وفنيًا فى مشوار «محمد منير»، سيجد هناك تأثرًا واضحًا بتكنيك عزف وتوزيعات الألبوم، وبالتحديد أغنية (يا زمانى)، والتى تشبه (Breathe)!

ألبوم (شبابيك) هو الآخر مترابط على المستوى الموسيقى، حيث تم عزف جميع الأغانى وتوزيعها من قبل فرقة «يحيى خليل»، كان هناك تنوع فى استخدام القوالب الموسيقية التى اعتمد جزء كبير منها على الـ«روك»، كان هناك أسلوب جديد يعتبر كطفرة موسيقية إعجازية بالنسبة لعصر صدور الألبوم فى صناعة «الهارمونى» داخل الألبوم الواحد، هذا الألبوم استغرق التحضير له سنة كاملة من البروفات التحضيرية وتم تسجيله «لايف» حتى نشعر بهذا الترابط «الموسيقى» المقصود.

3

ألبوم (تملى معاك)، الذى ترجمت كل أغانيه تقريبًا بكل لغات العالم، والذى احتوى على الأغنية العربية الأشهر فى تاريخنا (تملى معاك) التى اقتبست فى أكتر من 42 نسخة بلغات عديدة، سيطرت على الألبوم أشكال موسيقية متجانسة مع بعضها البعض، حيث سيطرت أشكال الموسيقى اللاتينية على كثير من الأغانى منها الـ«لاتن بوب» فى أغنيات (تملى معاك، العالم الله، سنين)، أو الـ«لاتن بالاد» فى أغنية (بعترف)، أو الـ«لاتن روك» فى أغنية (قلبى اختارك)، فكانت هناك هوية واضحة كان يريد صناع الألبوم طرحها على الجمهور، حتى الـ«مقاسيم» طغت عليها روح موسيقى البحر المتوسط، الذى يعتبر «عمرو دياب» أبًا روحيًا لها فى العالم أجمع!

4

ولمزيد من التفاصيل عن كيفية صناعة الألبوم المترابط، من الممكن العودة لقراءة مراجعتى لهذه الألبومات المنشورة فى نفس هذا الباب «ربع تون» وهي (كنترول لـ «مروان بابلو»)، و(مانجستو لـ«وينجى»)، و(روما لـ«كايروكى»).