طارق الشناوي
كلمة و 1 / 2 .. عبدالوهاب وميادة.. و(القوس المفتوح)!!
فى بداية مشوارى الصحفى وأنا تحت التدريب فى (روزاليوسف) تعرضت لواحدة من تلك المواقف الحرجة، كتبت عام 1976 واقعة غناء عبدالحليم حافظ مع أحمد عدوية (السح الدح امبوه)، احتل هذا الخبر الفنى جزءًا معتبرًا من غلاف المجلة السياسية، وكان هو أيضًا أول خبر أراه منشورًا بتوقيعى، عشت أسعد لحظات حياتى، إلا أن عبدالحليم أفسد فرحتى، عندما أعلن مساء نفس اليوم، فى برنامج إذاعى شهير (الليل والفن والسهر) تكذيبًا للواقعة، ولم يستطع أحد من شهود العيان بمن فيهم أحمد عدوية رد اعتبارى، خاصة وأن هذا الحدث - ما قبل عصر المحمول - ولا توجد وثيقة مصورة تؤكده، بعد رحيل عبدالحليم، بات الكل يذكر أن عبدالحليم غنى مع عدوية (شيل الواد م الأرض/ إدى الواد لأبوه).
قبل أسابيع استمعت لأصوات شهود العيان أيضًا فى واقعة أغنية (فى يوم وليلة) التى غنتها وردة بتلحين الموسيقار محمد عبدالوهاب وتأليف حسين السيد، صاحب ذلك لغط كثير، كان من المفروض أن تشهد هذه الأغنية انطلاق ميادة الحناوى منتصف السبعينيات من القاهرة، بتلحين (موسيقار الأجيال)، برغم أنه لم يسبق له تقديم أى صوت لأول مرة بألحانه، تعوَّد عبدالوهاب طوال رحلته أن ينتظر المطرب محققًا للنجاح أولًا مع غيره من الملحنين، وبعدها يلحن له، فعل ذلك مع عبدالحليم ونجاة وفايزة ووردة وصباح وغيرهم، ولكن مع ميادة قرر أن يكون هو صاحب البصمة الأولى، إلا أنه وقبل انطلاق الأغنية بأيام أسندها إلى وردة.
وتعددت الروايات وفى التسجيل الذى استمعت إليه مؤخرًا قالت وردة بعد أن اتهمها وقتها عدد من أصحاب الأقلام أنها أخذتها عنوة من ميادة، قالت إنها لا تدرى لماذا أسند لها عبدالوهاب الأغنية، ولم تسأله، بينما قالت ميادة إنها قبل تسجيل الأغنية بالقاهرة بعد عامين من التحضيرات، أصيب والدها بوعكة صحية وكان ينبغى أن تعود إلى دمشق، وهناك علمت من الصحافة أن عبدالوهاب أسند لوردة الأغنية، بينما فى القاهرة كان السبب المتداول أن ميادة رددت (فى يوم وليلة) فى جلسة خاصة وغضب الوهاب فقرر أن يحرمها من غنائها.
ميادة ظلت ممنوعة وحتى التسعينيات من دخول الأراضى المصرية بقرار من وزير الداخلية الأسبق النبوى إسماعيل، وكانت أغانيها الجديدة التى يقدمها لها ملحنون مصريون يتم تنفيذها فى استوديوهات دمشق أو بيروت أو أثينا.
الحقيقة المسكوت عنها تجدها فيما انتهى إليه الإعلامى والصحفى الكبير الراحل وائل الإبراشى، عندما أجرى حوارًا صحفيًا مع وزير الداخلية الأسبق النبوى إسماعيل مطلع القرن الواحد والعشرين، ليعرف منه تفاصيل الموقف فقال له إنه بالفعل أصدر هذا القرار بمنع ميادة من دخول الأراضى المصرية، لأنه يرى أن الأمن القومى لمصر يشمل أيضًا الأمن العائلى للموسيقار محمد عبدالوهاب، وهو ما كان مهددًا وقتها، حيث طلب منه عبدالوهاب مباشرة أن يصدر هذا القرار، بناء على طلب زوجته الراحلة السيدة نهلة القدسى، لأنها تشككت أن عبدالوهاب ربما وقع فى حب مطربته الشابة فائقة الجمال فى الصوت والصورة والروح.
أين الحقيقة؟ هل تلك التى سجلها شهود العيان، أم ما كشف عنه وزير الداخلية الأسبق؟
قرارات أمن الدولة لا يجوز الطعن فيها أمام القضاء، وتظل محصنة حتى تسقطها الجهة التى أصدرتها.
هل لن نفاجأ بعد قليل بوجه آخر للحقيقة، ورواية أخرى؟ أتصور أن القوس لا يزال مفتوحًا!!