الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عكس الاتجاه.. منى فاروق وحوار القفص

عكس الاتجاه.. منى فاروق وحوار القفص

لماذا تبدو بعض الحوارات الإعلامية مع بعض الفنانين وكأنها تدور من داخل تحقيق نيابى مع مجرمين أو متهمين، حتى ولو تم التحقيق القضائى معهم من قبل! حتى ولو تمت محاكمتهم من قبل، هذا ليس وظيفة الإعلام.



وما الذى نستخلصه حين نُقِيم ونُقَيّم حوارًا تليفزيونيًا مكررًا فى أسئلته ومكررا فى إجاباته ومكررا فى ضيوفه: بين مذيعة تتحدث من عَلٍ بأسئلة، لا باستجواب وبنظرة فوقية استعلائية متكبرة وبين ممثلة منكفئة (مذلولة) متهمة سابقة فى قضية سمعة لم يُتَبَيّن حيثياتها كلها على مدى السنين؟

ما الذى تضيفه حوارات مثل تلك للمضيف وللضيف وللمشاهد؟ سوى الحسرة ووجع القلب وجلد الضيف والمشاهد؟ ففى حوارات بالتوازى وبالتبادل -كده من غير مناسبة- يطيب لبعض قنوات التليفزيون أن (تدق الشطة الحمرا فى الهون فى وِشّنا علشان نكح والناس تسمع وتشوف حشرات روحنا وهى بتطلع وييجوا يتفرجوا معانا).

فإن تستضيف بعض القنوات - حتى القنوات العربية- كلا من «آمال رمزى ومنى فاروق» فى ذات التوقيت كى تتحدثا عن حادثة شرف خاصة بكل واحدة منهما، كانت الأولى قد سُجِنَت واتهمت فى سبعينيات القرن الماضى فيما عُرِف وقتها بقضية (الرقيق الأبيض) بينما تجلت حكاية «منى فاروق» فى فيديو من حجرة النوم مع «خالد يوسف» قيل إنها كانت زوجته، فضيحة بجلاجل يعنى، بينما حوادث مشابهة جمة لآخريات لا تزال قيد ستر الله وستر البعض.

الحوار الفنى ليس نكاية ولا (صيدة) ولا مكيدة ولا عقابا ولا (عَلْقَة سُخنة بالكرباج) ولا محاكمة على الهواء، ولا خناقة فى حارة. 

بلا حسابات معروفة وبلا أسباب واضحة وبحب جارف تتعاطف الناس مع «منى فاروق» ومع ما آلت إليه حكايتها مع (مخرج السيما الشهير)، ولا مرة أنكرت «منى» الواقعة، ولا مرة لم تندم وتطلب السماح وتقبيل رأس الأنقياء الأفاضل (أن يرحموها وينسوا بقى علشان هى عايزة تعيش وتشتغل بالحلال وتاكل لقمة فيها بركة) صعبة دى»؟ ولم لا وبعضهن عِشْنَ ذات التجارب ولم يُحرَمْن من العمل الفنى، وبعضهن نجمات وبطلات! من وراء تشريد «منى فاروق» وحرمانها من العمل؟

منذ سبعنيات القرن الماضى والبرامج والصحف لا تشبع ولا تكتفى من استضافة الممثلة «أمال رمزى» لتجيب عن السؤال الأزلى بإجابة أزلية: هل كانت حادثة الرقيق الأبيض سياسية ملفقة لـ«ميمى شكيب وناهد شريف» وللفنانات المتهمات بالدعارة؟ تقول آمال: نعم نحن لسن مذنبات بدليل أن الاتهامات سقطت كلها رغم السجن.. فما جدوى استضافة «آمال رمزى» كل شوية وما جدوى السؤال والإجابة؟ ولماذا لا تُوَجّه لهن أسئلة أخرى عن الفن؟

ولماذا لا تتم استضافة فنانين وأدباء لديهم تجارب فنية ومعارف إنسانية تستحق أن تُروى؟

لماذا لا يأخذ المضيف ضيفه إلى منطقة أمان يبوح فيها بحكايا إنسانية وحياتية ملهمة؟

لماذا يُجرَى كل هذا العصف الذهنى والبدنى للمشاهدين؟ لماذا لا نخلق ذائقة أخرى إنسانية وفنية ملهمة لا تمس الحياة الشخصية ولا تحكى ما يحدث فى حجرات النوم والأقسام والأقفاص؟

ثمة وجه آخر للحقيقة، هو هذا الوجه الإنسانى المتسامح المتعاطف القوى الذى تبدو عليه «منى فاروق» وهى تبث فيديوهاتها القصيرة لترد على أسئلة البعض القاسية والساخرة والمتشفية -من المجتمع المتدين بطبعه - وتُكايد تلك التعليقات السخيفة غير اللائقة بابتسامة، ليس هذا فقط بل المفاجأة أن منى فاروق تبث فيديوهاتها الأخيرة وهى وسط عائلتها، جميعهم حولها: أمها وأخوتها الذكور.

ليبقى السؤال الذى لم يطرحه المضيف ولم يحقق فيه المُعِد: لماذا «منى فاروق»؟ لماذا يجب عليها وحدها أن تُجلَد وأن تُرجَم وأن تحمل وِزْرَ وعار الأخريات؟.