الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. (إيه اللى لمك على الراقصة دى يا نجيب)!

كلمة و 1 / 2.. (إيه اللى لمك على الراقصة دى يا نجيب)!

بمناسبة الاحتفال بذكرى رحيله تذكرت بعض ما تحتفظ به الذاكرة، المرة الوحيدة التى غضب فيها نجيب محفوظ بسبب شريط سينمائى يحمل اسم رواية له.



الفيلم هو (نور العيون)، كنت أنا الصحفى والناقد الوحيد الذى اقتنص هذا الاعتراف من أديبنا الكبير، فى شهر سبتمبر 1991 ونشرته على صفحات (روزاليوسف) قال لى إنه غير راضٍ عن الفيلم المأخوذ عن تلك القصة القصيرة من مجموعة (خمارة القط الأسود).

كان أديبنا الكبير دائمًا عند سؤاله عن أى فيلم يقول للسائل، حاسب المخرج عن الفيلم، وحاسبنى أنا فقط على الرواية المنشورة، وفى العادة لا يدلى بأى رأى سلبى عن الشريط السينمائى.

هذه المرة كما يبدو (اتسع الخرق على الراتق)، وباح نجيب محفوظ بغضبه ممزوجًا كعادته بخفة ظله: (أنا خايف حد يسألنى يا طارق ويقول لى إيه اللى لمك ع الراقصة دى يا نجيب)، كان يقصد فيفى عبده التى لعبت البطولة، ويقال إنها شاركت فى الإنتاج من الباطن حتى تضمن أن تصب كل دعاية الفيلم لصالحها، رغم أنه لاقى فشلًا ذريعًا فى دار العرض.

 تذكرت أيضًا إجابة أخرى أدلى بها عمنا وتاج رأسنا نجيب محفوظ فى حوار طويل 6 صفحات نشرته له قبل نحو 38 عاما فى (مجلة الوادى) مصرية سودانية أصدرتها مؤسسة روزاليوسف وذلك قبل حصوله على جائزة نوبل قال لى: (لو أعرف أن روايتى ستقرأ على مجموعة من الأميين لكتبتها بطريقة أخرى)، كان السؤال عن دور المتلقى فى تشكيل أسلوب المبدع، هل ندون فقط ما نشعر به، أم أن هناك عقلًا واعيًا، يتلقى أولا الكلمة أو النغمة، ويبدأ فى اختبار مدى قدرتها على الوصول للناس، الإجابة تعنى ضمنًا أن كاتبنا الكبير يفكر مرتين، الأولى للتعبير عن إحساسه والثانية المفردات التى تنقل هذا الإحساس.

ليست (شعبوية) كما يفسرها البعض بعجالة، التى تعنى أن المبدع يقدم عمله ومع سبق الإصرار والترصد تبعًا لذوق وثقافة الجمهور، المقصود أنه فقط لا ينسى أبدًا أن هناك جسرًا من التواصل مع الناس، وعليه مراعاة (الأبجدية) حتى يصبح ع الموجة.

الرقم الذى يتحقق فى شباك التذاكر وكثافة المشاهدة وتداول الكتاب وتوزيع الأغنية لا يمكن أن نقلل من أهميته، رغم أنه ليس هو الدليل الوحيد على القيمة الإبداعية، إلا أنه يحمل مؤشرًا ودلالة يجب الالتفات إليها، ونتأملها بدقة، على الجانب الآخر عندما تتضاءل الإيرادات ويدير الجمهور ظهره للعمل الفنى ويلاقى فشلًا ذريعًا فى دور العرض أو محلات بيع الأغانى، أو منافذ توزيع الشريط، يجب أن نحلل ظلال الأرقام، وما تطرحه علينا من أسباب ودوافع مباشرة أو غير مباشرة.

العمل الفنى الذى يخرج عن الصف ويتجاوز الطابور، يجب أن يحمل وميضًا خاصًا يجذبك إليه، هذا الوهج الخاص هو الذى يدفعك لكى تشاهده أو تقرأه مرة أخرى، وبعد ذلك تشعر بحنين واشتياق دائمين إليه لتعاود المشاهدة والقراءة مرة وربما مرات، ودائمًا تعثر على ما يفتح شهيتك للمزيد من المتعة، المبدع والجمهور على نفس الموجة هذه حقيقية، يستوعب أولاً الكاتب الجمهور، وبعدها يبدأ فى البحث كيف يصل ببساطة إلى هذا الجمهور.

‎الكبار أمثال نجيب محفوظ يتبقى دائمًا فى ذاكرتنا الكثير مما يروى عنهم فى ذكراهم وبعيدًا عن ذكراهم!.