الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
وطن  يسع الجميع

وطن يسع الجميع

عقب فترة ليست بالقليلة، كاد فيها البعض أن ينسى أو حتى يتغافل عن جُل ما له علاقة بالحوار أو لغته، شاركت فيها أحزاب سياسية بعينها قبل قيام ثورة 23 يوليو، كان غرضها الأول والأخير نيل رضا المَلك، والتقرب إليه لاكتساب النفوذ والسلطة، وبعد الثورة كان هناك الاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى، تلك الجهات أو التنظيمات الثلاثة (قل عليها ما تشاء) كان هدفها الوحيد الذى ليس له من بديل سماع الرأى والصوت الواحد داخل هذه التنظيمات دون مشاركة فعالة من باقى أفراد الشعب، ثم تكونت منابر  تحولت بقدرة قادر إلى أحزاب بأمر مباشر من الرئيس السادات، تعمل وفق من سمح بتكوينها، وإذا حدث وخرجت عن الخط، العقاب والتهميش جاهز، وعقب ذلك تم فتح الباب على البحرى، وأصبحت حياتنا السياسية تعج بأحزاب كثيرة (أغلبها لا يعلم عنها المواطن المصرى شيئًا)، منها حزب فرض نفسه علينا بالدم والمؤامرات، ادعى القائمون عليه زورًا وبهتانًا أنه يعمل وفق الشريعة، وجاء قرار حله ليكون السبيل فى تطهير حياتنا من عمالته وخيانته.. جميعها فترات غابت عنها لغة الحوار والاهتمام بالوطن وشئونه، وتم فقد التوافق بين أفراده مما هدد السلم والأمان الاجتماعى، حتى جاء الخلاص فى حوار وطنى يهدف إلى تحقيق توازن بين تعزيز حقوق الإنسان والحريات وبين الحفاظ على الاستقرار والأمان العام.. حوار شكك فيه المغرضون وأصحاب الغرض والمرض منذ طرح كفكرة، ولكن خاب ظنهم وأملهم، عندما صدّق الرئيس عبدالفتاح السيسى على جل مخرجاته وإحالتها إلى الجهات المعنية بالدولة لدراستها وتطبيق ما يمكن منها فى إطار صلاحياته القانونية والدستورية، معلنًا تقدمه بما يستوجب منها التعديل التشريعى إلى مجلس النواب لبحث آلياتها التنفيذية والتشريعية لتشكل حالة من الانفتاح التام فى جميع الملفات التى تهم الوطن، وهو الأمر الذى يدعم فتح المناخ العام أمام الجميع ليدلى برأيه فى جل القضايا والملفات.



ثم جاءت قرارات العفو الرئاسى والتى كان آخرها القرار الرئاسى رقم 348 لعام 2023 بالعفو عن عدد من المحكومين الذين أدينوا بأحكام نهائية، لتؤسس لسياسة جديدة افتقدتها مصر منذ زمن، سياسة تؤكد أن الجمهورية الجديدة التى نطالب بها ليست شعارًا يردده البعض لنيل البركة من جمعيات ودكاكين حقوق الإنسان، التى لا هم لها سوى النيل من مصر وتحجيم دورها.

سياسة تتوافق مع المبادئ الديمقراطية، وتأتى فى إطار الجهود المستمرة لتحقيق الإصلاح السياسى والاجتماعى فى مصر، وتتماشى مع استراتيچية حقوق الإنسان المصرى، (وليس الخائن أو العميل الذى يهاجم وطنه ويسىءإليه لصالح من يدفع أكثر) وتؤكد أن التواصل والحوار هو الحل لكل المشاكل والصعوبات التى من الممكن أن تنال من الوطن حال عدم وجوده؛ خصوصًا أن الفترات التى غاب فيها مثل هذا الحوار تعرض وطننا لكثير من الصعوبات، وطوى النسيان لغة التفاهم بين أفراده، بعد أن احتكرها البعض، ليهل علينا بين الوقت والآخر متحدث باسمنا، دون أن يعرف مدى احتياج مجتمعه من مطالب أو خدمات، فتدهور التعليم وتهاوت الصحة والخدمات، وتمكنت البيروقراطية من جميع مؤسساتنا، ليرتع فيها الفساد باسطا جناحيه على جميع أوجه الحياة فى مصر، وهذا تحديدًا ما سيتصدى له الحوار الدائم بين جميع طوائف المجتمع، شريطة أن تكون هناك جهات تنفيذية ومن قبلها تشريعية تستطيع أن تساير تدفق الأفكار، طالما ارتضينا أن تتسع الدائرة لتشمل جميع المواطنين الذين يعيشون تحت سماء هذا الوطن (وليس الهاربين منه)، لأن فى النهاية المصلحة واحدة.

ننتظر حوارات هادفة دون إملاءات أو شروط أو أوامر مسبقة، كما كان يحدث أو يفرض علينا من قبل، يشارك فيها الكبير والصغير، وكل صاحب رأى مؤيد أو معارض، فهذا أو ذاك وطنى يحب وطنه ويسعى إلى خدمته كلٌ بطريقته، فقط علينا أن نتحيز لما ينفع ولا يضر، فهذا هو الغرض الذى نصبو إليه، وهذه هى مصر التى تتسع للجميع، والتى دائمًا وأبدًا تفتح قلبها قبل ذراعيها لجميع أبنائها المحبين المخلصين.