زينب حمدي
الفهامة .. كلنا بنحب «القمر»! والقمر بيحب مين؟!
أم كلثوم كوكب الشرق، أحبها كل من عمل معها من شعراء وكتّاب الأغانى والملحنين والموسيقيين، ولكن لا أحد عرف من أحبت.. وينطبق على حالتها قول الشاعر: «كلنا بنحب القمر والقمر بيحب مين»؟ حتى قصة حبها لموسيقار مغمور وأنها أرادت الزواج منه، ولكنه لم يتزوجها، القصة مشكوك فيها، فمن كان يرفض الزواج منها وهى كانت معشوقة الجماهير من الشرق إلى الغرب، بل كانت فى ذلك الوقت الكوكب والنجوم معًا حتى أطلق عليها لقب «كوكب الشرق» وحتى زواجها من دكتور الأمراض الجلدية حسنى الحفناوى وهى فى سن كبيرة لم يكن عن حب، ولكنها أجبرت على الزواج، ولهذا الزواج قصة لا تتسع المساحة لذكرها وهى معروفة.
ومن كتّاب الأغانى الذين كتبوا لأم كلثوم القصائد والأغنيات الشاعر الكبير أحمد رامى الذى أحبها وظل يحبها بلا أمل حتى بعد وفاتها حتى إنه رثاها بعد عام من وفاتها فى قصيدة وكأنه يرثى نفسه وحاله: «ما جال فى خاطرى أنى سأرثيها بعد الذى صغت من أشجى أغانيها - قد كنت أسمعها تشدو فتطربنى - واليوم أسمعنى أبكى وأبكيها - يا درة الفن يا أبهى لآلئه - سبحان ربى بديع الكون باريها.
مهما أراد بيان أن يصورها - لا يستطيع لها وصفًا وتشبيها - أضفى إلهى عليها ظل من منهل الرضوان يسقيها - تبلى العظام وتبقى الروح خالدة حتى ترد إليها يوم يحييها»، وكان قد تزوج وأنجب أطفالا.
ولد أحمد رامى فى عام 1892 فى حى السيدة زينب بالقاهرة ومازال بيته موجودًا وإن كان قد تهدم وأصبح ركامًا.. ودرس فى مدرسة المعلمين وتخرج فيها، ثم سافر إلى باريس فى بعثة من أجل تعلم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية.. تعلم الفارسية فى باريس وترجم مائة وسبعين رباعية من رباعيات الخيام، غنت أم كلثووم منها 15 رباعية، أحب رامى أم كلثوم بالسر على مدار أعوام دون أن يبوح لها بحبه وحين باح لها بحبه لم يلق منها كلمة تطفئ نار قلبه.. ومع ذلك لم يقدر على منع نفسه من حبه لها أو كبح مشاعره تجاهها.. فاكتفى بأن تشدو حنجرتها بأغنياته دون أى مقابل مادى رغم صبره نصف قرن «50 سنة كاملة» من الزمان والسنوات بالشك والقطيعة نتيجة وشاية وشى بها أحدهم عنه لأم كلثوم.
كتب للست 115 من أجمل أغانيها منها «غلبت أصالح فى روحى وعودت عينى على رؤياك ودليلى احتار وحيرت قلبى معاك وأنت الحب وهجرتك يمكن أنسى هواك ويا ظالمنى وجددت حبك ليه».. وظل طوال عمره يحبها حتى وفاته وكأن الشاعر يصف حاله حين قال: «من أحب فعشق حبًا طاهرًا وعذريًا، وتألم ثم مات فهو شهيد».. و«إن مر على الخاطر ذكراه تنزل من الوجد دموعى»، فى قصيدة «جددت حبك ليه» لرامى وهى من أجمل ما شدت به أم كلثوم.
أين حب ذلك الزمان من حب هذه الأيام الذى غرضه المصلحة المادية ولهذا فهو عمره قصير.
الفهم طريق الحرية.