الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
البوصلة

البوصلة

1



هل من حق رئيس الجمهورية تعيين قيادات السلطة التنفيذية والمحافظين؛ أم يمكن  للقانون النص على انتخابهم عوضًا عن التعيين؟!

2

عندما نناقش مشروع قانون متعلق بالنظم السياسية يجب أن نناقشه فى ظل النظام السياسى الحاكم وفق علم القانون الدستورى ونظرياته المتأصلة، لا وفق العلوم السياسية، فالقانون يجابه بعلم القانون وليس بعلم آخر.

3

وفق محددات النظام الرئاسى، فإن رئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى للسلطات الثلاث وتتمركز فى يده السلطة التنفيذية.

4

بمعنى أن تعيين أعضاء السلطة التنفيذية اختصاص أصيل له، فهم يتبعون رئيس الجمهورية شخصيًا ويُسألون أمامه وله حق محاسبتهم وفق القانون أو حتى إعفائهم من مناصبهم، وبالتالى النظام الرئاسى يمنح رئيس الجمهورية الهيمنة التامة على السلطة التنفيذية تحديدًا.

5

وهذا له سبب علمى يهدف لتحقيق التوازن بين قوة السلطات الثلاث والفصل بين النظام الرئاسى والنظام البرلمانى، فإن كان للبرلمان مثلًا حق ترشيح  وانتخاب أعضاء الحكومة ستكون له الهيمنة عليها وبالتالى ستصبح أضعف منه، سواء أكان بالسلطة المطلقة له وحده، أو بالمتداخلة كأن يتولى هو الترشيح ويتم الانتخاب بواسطة الشعب، النتيجة واحدة. 

6

محددات النظام البرلمانى فى التعامل مع الحكومة معيبة لسبب واحد هو أن المسيطر الوحيد على البرلمان والحكومة ومساحة التداخل بينهما من عمل ورقابة هو حزب الأغلبية وحده، وبالتالى من الوارد أن يتم ترشيح أعضاء الحكومة وفق الواسطة والمحسوبية داخل الحزب، وأيضًا لن تكون الرقابة حقيقية، فالحزب لن يحاسب نفسه بنفسه، إلا فى حالة كيدية وهى أن يقرر رئيس الوزراء فقد ثقة البرلمان والانفصال بالقرار مثلًا.

7

نعود إلى النظام الرئاسى ومبدأ مهم جدًا وهو الفصل النسبى بين السلطات، والذى يضمن حق تفتش عنه المعارضة دائمًا وهو الرقابة المتداخلة على عمل السلطات فيما بينها، والتى يحميها النظام الرئاسى بشكل كامل، كما وضحتُ  فيما يتعلق بالتعيين أو انتخاب القيادات التنفيذية، والوسيلة القويمة للرقابة لن تؤتى أكلها إلا إذا كانت من جهة على جهة أخرى لأن الرقابة لا تتم إلا على عمل الغير.. وتحدث البعض عن تجارب لدول أخرى يطبق فيها نظام الولايات والرد هنا أنه فى حالة عدم وجود حزب حاكم فالتجربة ستصبح مهلهلة وعشوائية تدار بمنطق الغنائم السياسية والقبلية، فلا يمكن استقطاع تجارب الدول كما يحلو لنا دون الأخذ فى الاعتبار أن تجربة الحكم هى مجموعة من التروس تعمل فى تناغم محسوب.

8

وقد يكون القصد من الانتخاب يتم بعيدًا تمامًا عن البرلمان كأن تجرى انتخابات عادية ومن يرى فى نفسه أهلية الترشُّح يتقدم فى السباق، وهذا فى الحقيقة عمل شديد العشوائية لا يتطابق مع عمل السلطة التنفيذية، كما أنه سينتقص من محددات النظام الرئاسى مرة أخرى، ولن يحق للبرلمان أو غيره تحميل رئيس الجمهورية المسئولية عن عدم تحقيق رؤيته لأنه لم يتمكن من حق اختيار عناصر العمل، كما أنه يسهم فى الانفصال الإدارى على المدى القريب وربما الانفصال الحدودى على المدى البعيد.

9

اللبس الحاصل فى تفسير محددات الاختصاص قد يكون سببه نصًا دستوريًا أو أكثر والاحتكام هنا يكون بتغليب العلم لأن النص يستنبط منه وليس العكس.

10

القانون العام تحديدًا بدأ فى الظهور فى وقت مبكر من تاريخ البشرية حتى قبل عصر الحضارات وأخذ فى التطور والترقى عبر القرون والأزمنة حتى وصل إلى ما هو عليه الآن من الدرجة المثلى من الفهم والتطبيق، قد يخضع النص لمؤثرات عديدة لذلك لا بد من رده دائمًا للأصل سواء فى الصياغة أو التفسير.