الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مساحة  للنقاش

مساحة للنقاش

بالنقاش الهادئ الهادف ترتقى المجتمعات وتتقدم، وبالتالى لا يمكن أن نتخيل يوما أن مجتمعاتنا تفتقد هذه الهبة العظيمة، فنحن لسنا بأقل من الآخرين، ولكن للأسف فى زمن المحمول ومواقع التواصل الاجتماعى والبحث عن لقمة العيش، افتقدنا هذه الهبة، وبالتبعية أيضا افتقدنا ثقافة النقاش الصحى، وتمكن فى أذهان أغلبنا نقاش فرض الرأى والتطاول على الغير، والتشكيك فى النوايا لمجرد طرح ما يختلف عما يبتغيه الآخر، وبدلا من أن يتحول النقاش إلى اتفاق راقٍ يذهب بأصحابه إلى تنمية خبرات وقدرات تصب فى صالح المجتمع، تحول إلى جدل الغلبة فيه للمتشنجين والمتعصبين.



واليوم تعج حياتنا اليومية بالعديد من الجوانب السلبية للنقاش، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، تلك الدعاية والإعلام الكاذب الذى يمارسه أراجوزات ودجالو الجماعة الإرهابية والمنتفعون من خلفها، بدأت بمحاولات الوقيعة بين الجيش وأفراد الشعب (الذين هم منه) مستغلين فى ذلك حادث الضابط الطبيب الذى دهس طبيبة، مرورا بالتشكيك فى جدوى الحوار الوطنى الذى تجرى جلساته حاليا بمشاركة جميع القوى السياسية وأهل الخبرة والعلم للوصول إلى حلول عملية للقضايا الأكثر إلحاحا التى تهم المواطن المصرى، ثم يعرجون إلى الحديث عن بيع أصول مصر، دون الخوض فى الحديث عن الغرض من بيع حصص أقلية تسعى الحكومة من خلفها لجذب استثمارات جديدة تضخ فى السوق المصرية الذى سبق أن دمروه بجهلهم وغبائهم.

وهنا تحديدا لا بد من ذكر ملحوظة عن الحوار الذى يرددون الأكاذيب بشأنه، وكيف تم منعه بالضبة والمفتاح فى عهدهم الميمون تحت أوهام المغالبة لا المشاركة الذى حاولوا فرضه علينا، مرة تحت مزاعم احتكارهم لفهم الدين الصحيح دون غيرهم، ومرة أخرى تحت مزاعم أنهم سيقدمون مشاريع (اتضح أنها وهمية) تحقق الرخاء ونماء البلاد هذا بالنسبة للحوار، أما حديثهم الكاذب عن البيع، فأعتقد جازما أنه حديث يراد به باطل، وخاصة أنهم يعلمون جيدا من هو الذى كان سيبيع ومن سيقبض الثمن، حينما وافقوا عن طيب خاطر على بيع سيناء ثم قناة السويس لمن يدفع أكثر، أما حديثهم عن اقتصاد مصر فيكفى أن أذكرهم بأننا ندفع ثمن الخراب المهلك الذى تعرضت له البلاد فى عهد أسيادكم، الذى اتسم بالعشوائية، لافتقادهم للخبرة الاقتصادية، وبالتالى لم يكن لديهم خبرات عملية لإدارة منظومة اقتصادية، فنتج عن ذلك تدهور فى معدلات النمو والذى بسببه تفاقمت أزمة البطالة، وانهار الاحتياطى النقدى فى الدولة، علما بأنهم تناسوا عن قصد وتعمد الأزمة الاقتصادية التى يمر بها العالم أجمع، ومع ذلك استطاعت مصر أن تسدد ديونها فى مواعيدها، وأعتقد أن هذا يزعجهم، ولذلك لن يكون متاحا أمامهم مساحة للنقاش بخصوص هذا الشأن أو غيره، فلن يصدقهم أحد.

نترك إعلام ونقاشات الإخوان التى ليس لها من معنى أو آثر يذكر فى حياة المصريين، لنتحول مباشرة إلى النقاش فى تراث مصر الغنائى والمعركة الدائرة بشأنه بين الأستاذ على الحجار والتلميذ مدحت صالح (حسب ما صرح به الحجار) ورغم أننى من أشد المعجبين بكلاهما، إلا أن الأستاذ الذى يدعى أن طرح هذا التراث هو أول من فكر فى تقديمه، فإننى أؤكد له ولغيره أن هذا التراث ليس ملكه، وليس من حقه أن ينفرد بالحديث عنه، لأنه (كده وبصريح العبارة) ملك للشعب المصرى بأجمعه حتى ولو تشابهت الرؤى والأفكار فى طرحه أو إعادة تقديمه أكثر من مرة، لهذا أقول للأستاذ وقبل أن توجه أصابع الاتهام لزميل: عليك أن تراجع نفسك أولا، حتى تعرف لماذا مشروع تلميذك ظهر للنور قبل مشروعك الذى تتحدث عنه منذ 20 عاما؟ الإجابة من وجهة نظرى الشخصية وحسب معرفتى بك، تتلخص فى أن تلميذك أكثر نشاطا وحركه منك، كما أنه يملك الكثير من العلاقات الاجتماعية والمستشارين الذين يقدمون له النصح والإرشاد، الذى يتفوق بهم عليك، وهى صفات يعرفها القريبون من الوسط الغنائى أو الفنى، ولذلك أستمتعنا بمشروعه، ومع هذا نتمنى أن نرى مشروعك ونستمتع به أيضا، خصوصا بعد أن جمعك لقاء مع وزيرة الثقافة تم خلاله الترحيب بمشروعك الغنائى، بشرط ألا ننتظر 20 سنة أخرى، لأن وقتها سندخل أيضا فى حلقات نقاش، لن نستطيع أن نعلم نتيجتها.

أخيرا وتحت مزاعم حرية الرأى المزعومة وحماية الحقوق الوهمية التى يتشدق بها الغرب، جاءت واقعة حرق المصحف الشريف فى السويد، لتؤكد للقاصى والدانى أن الحرية التى يطالبونا بالأخذ بها لا تعدو سوى كونها دعوة لنشر الكراهية والعنصرية، التى من المؤكد سوف تنال من الغرب نفسه فى القريب العاجل، بعد أن أباح لنفسه (دون غيره) انتهاك المبادئ والمواثيق الحقوقية الإنسانية والدولية، والتى يأتى على رأسها احترام خصوصيات الآخر الدينية والثقافية، ومن هنا نريد أن نعرف عن أى حوار أو نقاش يتحدث الغرب؟ هل هو حوار الطرشان أو التابعين؟ أم حوار السخرة والعبودية التى كثيرا ما استفاد منه الغرب راعى حرية التعبير والديمقراطية؟ أم حوار التطاول ونشر الانحلال الذى يدين به الغرب نفسه قبل غيره؟.