الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عكس الاتجاه.. مسابقة ملك جمال الشحاتين

عكس الاتجاه.. مسابقة ملك جمال الشحاتين

فى البداية لم يكن مفهومًا لماذا احتفت وسائل الإعلام الآسيوية وسارعت قبل الأوروبية والأمريكية بانفرادها فى نشر خبر السيد الملياردير الهندى العاطل المتسول «بهارات جين» الذى جمع فى غفلة ملايين الدولارات من (القعدة ذليلًا على الأرصفة بثياب بالية متسخة طالبًا حسنة لله).. نشرت الصحف والمواقع الهندية صورته وقصة حياته بكامل التفاصيل المملة -وليه لا ده أغنى رجل هندى- باعتباره المنتج البراند الرائد المتفوق مثله مثل ماركة الملابس الهندية الشهيرة (فان هوزان) و(ألين سولى)، وكأنها تخرج لسانها للسيدين «مارك زوكربيرج» وصاحبه «إلون ماسك وللماركات الأمريكية (جى سى بينى) و(جاجوار) قائلة لهم I’m The One.



نعم هكذا بدا الأمر وكأنه مسلسل المنافسة على زعامة الكون حول قائمة أغنى أغنياء العالم والذى انضم إلى قائمتهم شحات هندى، مهنة جديدة فى عالم المليونيرات، ليزيح من أعلى القامة رجال أعمال الصناعة والحاسبات الآلية وتجار المخدرات والرقيق الأبيض وتصبح الهند رائدة فى صناعة المتسولين بنادى المليارات، وتصبح صورته على أغلفة المجلات ويصير ضيفًا على قنوات التليفزيون ليحكى رحلة الصعود العصامية الشاقة.

ثمة أمر آخر أكثر أهمية فى الاحتفاء العالمى بالمتسول الهندى، وكأنه أمر واقع وقدوة ومثل يحتذى به لدى الكثير من الحالمين بالثراء فى عالم من العاطلين يفقد فيه الملايين وظائفهم كل يوم بكل سهولة، هنا سيصبح الطريق المُعبّد للثراء وللشهرة هو التسول، وظيفة بلا تعليم ولا درجات علمية ولا تحتاج لأبّهة فى الملابس والسيارات والممتلكات، بل تحتاج إلى عكس ذلك تمامًا وهو العدم.. فى عالم وواقعٍ وحالٍ مثل هذا يصبح السيد «فان هوذان» أنموذجًا وقدوة فى كيفية التعامل مع الإحباطات والإخفاقات والحرمان والقحط ومجمل ذلك السيناريو الكارثى الذى تنتظره البشرية.

انفردت صحيفتا India Times وFinancial Express الهنديتان بنشر خبر المليونير الهندى المتسول «بهارات جين» وأضافت على الطبيخ من خيالها كبشة بهارات هندية ذات رائحة نفاذة وصلت أنوف سكان المعمورة فى لمح البصر عن المُعدم الذى حين جمع ثروته من الشحاذة لم يضعها فى الزير ولم يخفٍها فى شقوق الحوافز خوفًا من النشل والسرقة بل تصرف كأشيك رجل أعمال أمريكى واستثمر ثروته فى استئجار متاجر وتشغيلها وتوظيف عمال بها، ليس ذلك فحسب بل قام بامتلاك عقارات وتأجيرها، ثم ألحق أولاده بالمدارس ليجيدوا توظيف ثروة والدهم فى عالم المال والأعمال.. ولكى يصبح المتسول المليونير الهندى قدوة حقيقية لكل العاطلين فى الأرض فقد استمر فى مهنته والسير حافيًا لمدة 12 ساعة فى شوارع مومباى طالبًا حسنة لله يا مؤمنين غير عابئ بكاميرات الباباراتزى التى تتعقب أنفاسه وخطاه مثله مثل الأميرة ديانا فى زمانها.

حتى الآن لم يلتق السيد «بهارات» الهندى بالسادة «جيف بيزوس» و«بيل جيتس» على هامش أى منتدى اقتصادى لمناقشة المستجدات الآنية فى عالم المال والأعمال، ولم تطارده جميلات بوليود طلبًا للزواج أو الصداقة البريئة أو تمويل إنتاج فيلم غنائى، وحتى الآن لم تُقَم مسابقة لملك جمال الشحاتين من ذوى الثروة والجاه، فهو ليس أكثر دمامة من «وارن بافت» رجل الأعمال والمستثمر الأمريكى صاحب الثلاثة وتسعين عامًا وأكثر من مائة مليار دولار وزوج السيدة المخيلة جدًا صاحبة فضيحة كوب القهوة أبو 4 دولارات التى هالها أن تدفع هذا المبلغ فى كوب قهوة بيع لها الأسبوع الماضى فى منتجع (صَن فالى) المخصص لأثرياء ومشاهير أمريكا والعالم والذى لم يدخله بعد السيد بهارات الهندى.