الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
البوصلة

البوصلة

1



 أن تكون خارج إطار الزمن أمر سيكلفك الكثير.

2

واحد من أهم الاستثمارات حول العالم هو مجال الألعاب الإلكترونية، مجال شهد طفرة جنونية تواكب طفرة التطور التكنولوجى، ولأنها تعتمد على الشباب والمراهقين والأطفال وهم الفئات الأكثر ديناميكية فى المجتمع لذلك تحولت هذه الصناعة إلى واحدة من أقوى الصناعات حول العالم فى وقت قصير، ومع دخول تكنولوجيا الميتاڤيرس هذه الصناعة ستصبح الأولى على مستوى العالم.

3

 يُضخ فى هذا المجال ملايين الدولارات سنويًا، بين الإنفاق على الصناعة ذاتها وبين الإنفاق على المسابقات والمهرجانات المرتبطة بها، ويتكالب عليها رجال الأعمال وشركات الدعاية من دول العالم الثرى.

4

وفقًا لدراسات علم الاجتماع الحديثة فإن أقوى فئة عمرية تحرك السوق العالمية والتكنولوجية هم الشباب من سن المراهقة المبكرة إلى النضج المبكر، فاحتياجاتهم أصبحت محل اهتمام مفرط، والدليل على ذلك هو تنافس صنَّاع منصات التواصل الاجتماعى على استقطاب هذه الشريحة والتى تساوى بالنسبة لهم ثروات تقدر بملايين الدولارات.

5

فى عالمنا العربى تنبهت بعض الدول لحجم الاستثمارات المرعب فى مجال الألعاب الإلكترونية فسعت دبى لاستضافة «انسومنيا» وهو مهرجان سنوى للألعاب الإلكترونية، كما أطلقت السعودية 10 شركات حديثة فى مجال صناعة الألعاب الإلكترونية منذ أقل من عام وأسست منصة تابعة لوزارة الاتصالات مهمتها تشجيع رواد الأعمال فى المجال ذاته من خلال الدورات التدريبية ومتابعة تأسيس الشركات.

6

فى مهرجان واحد أقيم بالولايات المتحدة كان حجم الجوائز للمتسابقين يقدر بـ30 مليون دولار وحصل الفائز الأول على 3 ملايين دولار وكان لا يبلغ من العمر سوى 16 عامًا، هذا خلافًا لما أنفق على إقامة المهرجان ذاته، إذن نحن نتحدث عن مجال سيقلب مفاهيم الاستثمار رأسًا على عقب.

7

يحقق المراهقون «الجيمرز» مكاسب لحساباتهم الشخصية تقدر بآلاف الدولارات سنويًا من خلال الدعاية للشركات والفوز بالمسابقات لدرجة أنهم لم يعد لهم أى مخاوف تجاه المستقبل.

8

عام 2022 حققت الولايات المتحدة إيرادات من سوق الألعاب الإلكترونية بلغت 55 مليار دولار من خلال 156 مليون لاعب وحققت الصين 44 مليون دولار من خلال 714 مليون لاعب، والفجوة هنا سببها تضييق الحكومة الصينية الخناق على بعض الألعاب وعلى الانفتاح التكنولوجى العالمى بوجه عام، وهذا يضعنا أمام التجربة وتحدياتها المستقبلية ويجعل الاستفادة منها أمرًا سهلًا.

9

 أما فى مصر فالموقف متراجع لعدة أسباب، أولًا: لدينا الجامعات المتقدمة فى الدراسات الهندسية والتكنولوجية لكن لا يتم الاستفادة من الخريجين بسبب غياب مثل هذا النوع من أسواق العمل، مما يدفعهم للهجرة خارج البلاد، ثانيًا : القريب من هذا المجال يعرف جيدًا أن الحضارة الفرعونية مادة جذب لصناع الألعاب وكثيرًا ما يستخدمونها كتيمة للعبة، لكن فى أحيانٍ قد ينقلون بعض المعلومات المغلوطة، وبسبب الانغلاق الذاتى الذى ننسجه حول أنفسنا لم تتم أى محاولة لاستضافة رواد هذه الصناعة وتعريفهم بالحضارة الفرعونية، واستغلالهم فى نشر الثقافة المصرية بين أكثر الفئات تأثيرًا فى كل دول العالم. ثالثًا: ما زالت هناك عقول شديدة التخلف تنظر للألعاب الإلكترونية على أنها رجس من عمل الشيطان وذاكرتهم توقفت عند «الحوت الأزرق» مع أن هذا التطبيق لا يصنف ضمن الألعاب الإلكترونية. رابعًا: ما زالت هناك محاولات عبثية للزج بمؤسسات الدولة لمحاربة خطر اللهو الخفى القابع خلف الشاشات، وهو أمر أشبه بمحاربة طواحين الهواء.

10

الوضع برمته يتطلب عقولًا مستنيرة، فبين السعى لاحتواء مفهوم جديد للقوة الناعمة واهتمام جديد أيضًا للشباب والمراهقين وحجم استثمار يقدر بملايين العملة الصعبة، وبين عقلية «مدام انشراح اللى فى الدور التالت» تفوت الفرص وتطاردنا الرجعية.