الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فساد المحليات وانهيار العقارات!

فساد المحليات وانهيار العقارات!

بات مقدرا علينا أن نستيقظ يوميا على خبر انهيار عمارة سكنية فوق رؤوس ساكنيها، يتبع ذلك قيام أجهزة الحماية المدنية بالبحث عن مفقودين تحت الأنقاض، ثم يتخذ إجراء احترازى يتضمن إخلاء العقارات المجاورة من السكان لحين معاينتها، وعقب ذلك مباشرة يطل علينا مسئولو الحكم المحلى بتصريحات مفادها أن العقار المنكوب صادر له قرار إزالة أو لدور من أدواره أو بتنكيسه، جميعها قرارات لا نعلم عنها شيئا إلا عند وقوع الكارثة، السطور السابقة سببها انهيار عقار مكون من 14 طابقًا بدائرة المنتزه فى محافظة الإسكندرية، والذى بدوره فتح ملف انهيارات العقارات الذى بات شبحا يهدد حياة السكان إما بالموت أو التشرد فى الشوارع، يحدث هذا فى الوقت الذى تبذل فيه الدولة جهودا حثيثة لإيجاد حلول استراتيجية للقضاء على ظاهرة البناء المخالف، التى استشرت ولم نجد لها حلا ناجزا حتى الآن، فمسلسل انهيار العقارات مازال مستمرًا، وقرارات الإزالة أو التنكيس مازالت حبرا على ورق، والبناء المخالف تتحكم فيه فئة من المقاولين وملاك العقارات، جميعهم معدومو الضمير ولا يعرفون سوى لغة المكسب، يقومون ببناء وحدات سكنية فوق الارتفاعات المصرح بها، مستغلين ضعف الرقابة وزيادة الطلب على الوحدات السكنية.. وحدات شيدت بمواد بناء مغشوشة وتم التلاعب فى مواصفاتها، وللأسف ضحية هذا الغش والخداع وضعف الرقابة يضار منه مواطنون جمعوا شقى العمر ووضعوه فى شقة تحميهم وتصونهم من غدر الزمان، علما بأنهم لم يكلفوا أنفسهم السؤال فى إدارات الأحياء إن كان العقار حاصلا على ترخيص بناء أم لا قبل ضياع تحويشة العمر، ولكن الخطأ الأكبر والذى ساعد على تنامى هذه الظاهرة، يقع على بعض موظفى الإدارات الهندسية فى الأحياء الذين لا هم لهم سوى شرب الشاى والقهوة وقراءة الجرائد، وفى أحسن الأحوال يضطرون إلى إصدار قرارات إزالة على الورق فقط دون تنفيذها، قرارات كفيلة بتبرئة الموظف وغسل يده حال حدوث الكارثة، ولذلك تظل حبيسة الأدراج لاستعمالها عند اللزوم، ناهيك عن (صهينة أو تقاعس) البعض الآخر من العاملين فى هذه الإدارات عن إجراءات البناء المخالف وغير المطابق لمواصفات البناء الصحيحة وتحرير مخالفات بشأنها، لتقاضيهم رشاوى مالية عملا بمبدأ (اطعم الفم تستحى العين) معللين ذلك بضعف الأجور (وليس الضمير) ما يؤدى إلى فتح مجال الرشاوى والمساومات، وهذا تحديدا ما جعل العديد من الكفاءات الهندسية يعزفون عن العمل فى المحليات؛ هربًا من المسئولية الهندسية التى تجعلهم دائمًا عرضة للمساءلة القانونية، كما أن تضارب القوانين والتشريعات الخاصة بالبناء وتعددها، أدى إلى اختراقها والالتفاف حولها واستغلال ثغراتها.



لهذا ومن أجل أن نجد نهاية مثالية لهذا المسلسل الدامى، علينا أن نطالب بوقفة حاسمة من جانب الحكومة وعلى جميع المستويات تضمن عدم تكرار ما حدث من انهيارات فى جميع محافظات مصر وليس الإسكندرية فقط.. وقفة تبدأ بتطهير المحليات من الفساد الذى يعشش داخل ثكناتها، ويأتى فى مقدمتهم بعض مهندسى الأحياء منزوعى الضمير الذين يقومون بتسجيل اسم وهمى (أصبح معروفا لدى من له علاقة ببناء العقارات المخالفة بالكحول) فى سجلات المخالفات التى يتم تحريرها للعقار المخالف، ثم يسمحون بإشغال الوحدة الموجودة بالطابق الأخير فور الانتهاء من البناء لمنع إزالة المبنى، كما نطالب بضرورة إيقاف نقل وإلغاء ندب حملة الدبلومات الفنية للعمل فى الإدارات الهندسية التابعة للأحياء، ونطالب أيضا بضرورة الانتهاء من إقرار تعديلات قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، خاصة أن تأخير تلك التعديلات يؤدى إلى زيادة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة، كما نتمنى أن يخرج إلى النور قانون التصالح الذى لم تصدر صورته النهائية حتى الآن، والذى من المفترض أن يلزم مقدم طلب التصالح بضرورة الحصول على إفادة من لجنة تفيد بسلامة العقار الإنشائية وتضمن عدم انهياره.

وأخيرا نتمنى التعجيل بتلافى مساوئ ومعوقات قانون الإيجار القديم الذى أسهم بدوره فى سوء العلاقة بين المالك والمستأجر، الذى نتج عنه غياب الصيانة الدورية للعقارات، بما لا يضر المالك أو المستأجر.. حتى لا يتكرر مسلسل الانهيارات على أرض الواقع.