الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كارثة  الـ 105 ملايين نسمة

كارثة الـ 105 ملايين نسمة

رغم مرور أكثر من 4 عقود على كل الحملات الدعائية التى تهدف إلى توعية المواطنين بخطر الزيادة السكانية، وأهمية تنظيم النسل، التى بدأت بحسنين ومحمدين مرورًا بـ(الراجل مش بس بكلمته.. الراجل برعايته لبيته وأسرته)، (وفى البيت الرايق ما حدش متضايق) وصولاً لـ(السند مش فى العدد)، ناهيك عن العديد من المسلسلات والأفلام التى تتناول نفس الظاهرة، بخلاف المبادرات الحكومية التى بدأت بإطلاق الاستراتيجية القومية لتنمية الأسرة المصرية فى فبراير 2022، والتى تهدف للارتقاء بجودة حياة المواطن والأسرة بشكل عام من خلال ضبط معدلات النمو المتسارعة، والارتقاء بخصائص السكان (مستوى التعليم.. توفير مدارس، الصحة، إقامة مستشفيات، معدل الفقر، فرص العمل).. الذى تلاه قيام وزارة التضامن الاجتماعى بتدشين مشروع «2 كفاية» بهدف تحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة خاصة فى المناطق الفقيرة والأكثر احتياجًا، والذى من خلاله تم التعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وتتضمن أنشطة المشروع حملات طرق الأبواب للسيدات فى المحافظات الأعلى فى معدلات الخصوبة، والتوسع فى إقامة عيادات تنظيم الأسرة وعيادات الجمعيات الأهلية المشاركة فى المشروع، فضلاً عن تقديم النصائح والمشورة ورفع وعى السيدات لتغيير القيم الإنجابية الخاطئة التى سادت مجتمعنا بفعل المفاهيم المغلوطة التى روج لها المغرضون والغائبون عن الوعى.



المؤسف فى الأمر أنه رغم كل هذه الجهود والحملات فإن غول الزيادة السكانية مازال يلتهم فى طريقه الأخضر واليابس، خاصة بعد أن وصل تعداد سكان مصر إلى 105 ملايين نسمة (فى عين العدو)، وفقًا لما أعلنته الساعة السكانية بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء المرتبطة بقاعدة بيانات تسجيل المواليد والوفيات بوزارة الصحة والسكان مؤخرًا.. لأنه مازال يتواجد بيننا من يؤمن بأن (الطفل بييجى برزقه) ويتحدث عن العزوة والسند والزواج المبكر للإناث، هؤلاء المدعون الكاذبون الكارهون لوطنهم ولأنفسهم مطلوب التصدى لهم ولما يدعونه بكل حزم، وكفانا من فتاواهم وآرائهم الهدامة، التى تقضى فى طرفة عين على أى إنجازات أو تنمية تبذلها الدولة لتحسين حياة المواطنين، أمثال هؤلاء يعملون وفقًا لمبدأ أو بمعنى أصح مقولة (خالف تعرف) وبعضهم الآخر يغلف فتاواه الخاطئة بمسحة دينية حتى يقنع الغير بأن استخدام وسائل منع الحمل يتنافى مع تعاليم الدين الصحيح، فتاوى يحوطها الغرض والجهل وعدم الوعى والإدراك بأن كثرة الإنجاب لا تسمح لأى رب أسرة أن يقوم بتنشئة أبنائه بالصورة الصحيحة، ليؤكد أمثال هؤلاء بقصد وتعمد العلاقة الطردية التى تنمو وتزدهر بين حجم السكان وزيادة معدلات الفقر الذى يسعون إليه حتى تستتب لهم الأمور، فالجميع يعلم أنه كلما زاد عدد السكان انخفض نصيب الفرد من الدخل والخدمات والقدرة على الالتحاق بالعمل المناسب، كما أن استمرار الزيادة السكانية بنفس هذا المعدل، سوف يؤدى إلى عديد من الآثار السلبية على مستوى جودة الخدمات الصحية المقدمة، وسوف تؤدى أيضًا إلى ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوفير عدد أكبر من الكوادر الطبية كالأطباء وأطقم التمريض والمستشفيات وعدد الأسرة والأجهزة والمعدات الطبية، وجميعها معطيات تشكل ضغطًا على الميزانية العامة للدولة (والموجهة للقطاع الصحى بشكل خاص) التى ستتجه رغمًا عنها لتلبية احتياجات وخدمات المواطنين بدلا من إنشاء المزيد من المشروعات الاقتصادية والتنموية التى تضمن توفير حياة كريمة للمواطنين.

ومن أجل القضاء على هذا الخطر الذى يلف حباله حول بلدنا، لابد أن يتكاتف الجميع حكومة وشعبًا ومؤسسات مجتمع مدنى وهيئات، فى مواجهة حقيقية وجادة للقضاء على هذه الكارثة، بفرض قوانين ملزمة للناس بتنظيم الأسرة مقترنة بحوافز تشجيعية لمن يحدد

 

الإنجاب، لأنه لا يمكن أن تتم أى تنمية مستدامة فى ظل هذه الكارثة، لأن المخاطر الناجمة من جراء هذا الانفجار السكانى عديدة، وقد يكون أقلها حدة زيادة معدلات البطالة، التى بدورها تؤدى إلى ارتفاع خط الفقر، وزيادة عدد الفقراء، وعدم توازن النمو الاقتصادى مع النمو السكانى، وبالتالى يحدث انخفاض عام لمستوى المعيشة، وسنتفاجأ بتفاقم عدة ظواهر لم تكن فى الحسبان، مثل ظاهرة أطفال الشوارع، وارتفاع معدلات الفساد والجريمة، وانتشار الجهل والأمية والتكدس المرورى، وارتفاع نسب الوفيات بين الأمهات بسبب تكرار الحمل، وهى العناصر التى لو عجزنا عن علاجها سريعًا، وقتها فقط نستطيع أن نقول على تنمية وطننا الحبيب السلام.