الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دورات وورش مجانية للشباب البحث عن الذات والعلاج بالفنون له ألوان أخرى

«أنا حابة أشارك إن كان عندى حلم من 8 سنين امبارح حققته، وأظن أنى لو فضلت أتكلم التلات شهور اللى فاتت كانوا مهمين وحلوين عندى إزاى مش هخلص.. فكل اللى أقدر أقوله إن «مريم بهجت بقت ألوانجية يا رجّالة» كلمات تركتها ابنة الــ 21 عامًا على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك لتحفظ بها ذكرى لمكان ترك بصمة داخلها وداخل الكثيرين من الشباب، اعتبره البعض وسيلة للتعلم، والبعض الآخر اعتبره وسيلة للحصول على أصدقاء فيما اعتبره آخرون وسيلة للعلاج بالفن.



 

 هى حكاية مكان طبع أثره داخل النفوس وقدم لهم العلم بالمجان، يجمع داخله أطيافًا وألوانًا من البشر اشتركوا فى حب المعرفة والفنون.

خلال السطور التالية تأخذكم «روزاليوسف» فى جولة داخل ذلك الصرح الفنى ونقترب من النفوس البشرية بما تحوى من كلمات تعبر بها عما يجول بداخلها من ألوان.

«ألوان» قصة بدأت منذ 11 عامًا تحديدًا فى صيف 2012 حينما عاد المهندس رياض محمد رفعت من الخليج بعد أن نجح فى إنشاء شركاته الخاصة، فى ذات الوقت عاوده حنينه للفنون الذى بدأ معه منذ أن كان مراهقًا صغيرًا حينما قرر عمل مجلة نقدية تحت عنوان «كرابيج» استمرت معه حتى سنوات الجامعة.. وبعد سنوات عاوده حلم الفنون مرة أخرى فقرر أن يُنشئ صرحًا فنيًا ثقافيًا، وبدأ خطواته بجولات داخل الجامعات المصرية باحثًا عن أطياف مختلفة من البشر يحبون الفنون ويرغبون فى تعلمها. وأخذ فى الحديث مع الأسر الطلابية فى الكليات وأصبح داخل كل جامعة أسرة لألوان وقدم أوراق المؤسسة إلى وزارة الشئون الاجتماعية وحصلت على الموافقة فى أغسطس 2012، وكانت نقطة البداية الأولى لألوان فى معسكر مدرسة سان جبريل فى الإسكندرية الذى جمع 90 طالبًا من محبى الفنون من الجامعات المصرى المختلفة واستمرت حتى يومنا هذا.

تقدم مؤسسة ألوان منحًا مجانية للشباب فى الفنون مرتين فى العام. تكون مدة المنحة 3 أشهر وتُختتم بمهرجان لعرض تلك الفنون المختلفة. تضم المنح أشكالًا من الورش الفنية مثل ورشة المسرح، الفيديو، الإيقاع، التصوير، الحكى، التعبير الحركى، الرسم التعبيرى، النحت، الماريونت، التفصيل، الكورال، الموسيقى.

 حياة جديدة

 يروى محمد مسعد 30 عامًا ويعمل أنيميتور وأحد المتدربين القدامى داخل ألوان قصته مع المكان قائلاً: «اعتدت التواجد فى أجواء الورش وتعلم الفنون، وبالتالى لم تكن أجواء ألوان غريبة علىَّ، لكننى وجدت بداخلها الرفقة والحياة المتجددة، التحقت بألوان فى 2014 حيث كان لى أصدقاء بالداخل أخبرونى عنها، كنت عندها فى مكان يشبهها خاص بالأطفال وكنت محبًا لتلك الأجواء، كانت بدايتى مع كامب إسكندرية أبو قير 2014. قدمت وقُبلت وسافرت مع الفريق، بدأت بالتعلم فى ورشة المسرح، ومن ذلك الوقت التحقت بكل الورش فى المؤسسة عامًا تلو الآخر.. تعلمت الكثير من تجاربى داخل الورش فى ألوان سواء الجيد منها أو السيئ. كسبت الكثير من الأصدقاء، فأغلب أصدقائى إن لم يكن كلهم الآن من ألوان، عرفت عن نفسى أمورًا كنت أجهلها وتعلمت أشياء لم أكن على علم بها أو أننى سأتقنها، وهناك الكثيرون غيرى ممن تعلموا الكثير حتى إن البعض استغل ذلك فى أعمالهم الخاصة. خضت تجربة جيدة وأنصح الآخرين بها.

 اكتشاف الذات

من جهته يقول عبدالرحمن فؤاد عبدالفتاح الشهير بـ «بوشكاش» 29 عامًا مدير تشغيل فى ألوان: «كانت بدايتى فى ألوان كمتدرب حينما قرأت إعلانًا عن ورشة كاريكاتير، وأردت تعلم ذلك الفن فخضت التجربة والتى كانت ممتعة، وتلاه التحاقى بالعديد من الورش حتى أصبحت جزءًا من المكان وأصبح المكان جزءًا من كيانى عندها انتقلت لمرحلة أعلى، حيث التحقت بفريق التنظيم منذ عام 2015 والذى استمر حتى الآن.

ويضيف: «استكملت رحلتى فى ألوان طوال تلك السنوات لشعورى أنها تُحدث فرقًا مع الطلاب وهم الفئة المستهدفة الأولى للمكان. حيث إنها تقدم الفنون لمحبيها بالمجان وتجعلك تشعر بالتميز من خلال ظهورك على المسرح فى ختام العروض.

 أشخاص تشبهنى

وتقول ياسمين محمود السيسى 27 عامًا محامية ومدربة نحت وتفصيل: بدأت قصتى مع ألوان عام 2015 حينما التحقت بنشاط يُدعى ألوان تابع لجامعة الأزهر، وكنت عندها ملتحقة بورشة إنشاد وأردت الالتحاق بورشة الحكى ولم يكن فى إمكانى الالتحاق بورشتين فى ذات الوقت، ثم تركت جامعة الأزهر وابتعدت عن ألوان، لكن كان لايزال بداخلى حنين لها وبينما أبحث عنهم على صفحات الإنترنت اصطدمت بألوان التى أدرب فيها حاليًا ووجدت ورشة الحكى التى أريدها فقدمت طلبًا للالتحاق؛ لكنها لم تكن مناسبة لمواعيد عملى فاعتذرت وظلت الرغبة بالالتحاق داخلى ومرت الأيام وعلمت أنها فتحت أبواب التقديم مرة أخرى. وفى عام 2021 التحقت بورشة الحكى أخيرًا. شعرت فى الداخل بالراحة ووجدت أشخاصًا تشبهنى يشبهون روحى، بعد مرور موسمين قررت خوض تجربة التدريب وشعرت فيه أننى قادرة على العطاء ونقل العلم ولو بقدر ضئيل.

 

البحث عن الذات

من جهتها تقول نورهان محمد زكى 25 عامًا بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية ومتدربة حديثة فى ألوان: «أبحث عن شغفى فى الحياة، ولذلك قررت خوض التجارب الجديدة لأبحث فيها عن ذاتى بدأت معرفتى بألوان عام 2017 حينما كنت جالسة فى المترو أثناء عودتى من الكلية، حيث التقيت بفتاة تتعلم الكمان وحينما سألتها عن مكان تعلمها أخرجت لى كارت ألوان وأخبرتنى أن التعلم فيه مجانى، عندها لم يكن عندى أى معلومة عن المكان واندهشت من الفكرة، وبمجرد عودتى للبيت بدأت فى البحث عن الأمر، ومنذاك الوقت وأنا أرغب فى خوض التجربة، طوال تلك الفترة لم أفكر بالتقدم للمكان حتى العام الماضى حينما بدأت اختبارات الالتحاق، وقمت بالتقديم على ورشة الحكى والتصوير. 

 العلاج بالفنون 

من جانبها تشير الدكتورة ياسمين الفيلالى إخصائى العلاج بالفن، ورئيس الرابطة الأفروآسيوية للعلاج بالفن، إلى أنه يوجد اتجاهان فى العلاج بالفن. اتجاه يستخدم الفن فى العملية العلاجية وفقًا لأهداف وخطة محددة وحسب كل حالة على حدى وهو المنهج الذى أسسته مارجريت نومبرج وأسمته العلاح النفسى بالفن art Psychotherapy. أما المنهج الآخر فهو يتبع فكرة أن ممارسة الفنون فى حد ذاتها لها خصائص علاجية وتنفيسية وهو الذى تبنته أديث كرامر وأسمته الفن كعلاج Art as therapy. وكلتا المدرستان أثبتتا فعاليتهما وأكدتا على قدرة الفنون على التأثير على الحالة النفسية والمزاجية والعقلية على الشخص، إلى جانب تأثيرها التربوى والتعليمى والتنموى والتثقيفى. 

وتضيف: إن ممارسة الفنون وفقًا لنهج أديث كرامر هو أيضًا ممارسة علاجية وتندرج ضمن العلاج بالفن، مع ملاحظة أننا كمعالجين بالفن لا نستخدم الفنون فقط للعلاج النفسى المباشر للاضطرابات النفسية؛ ولكنها تستخدم أيضًا لأغراض تنفيسية، فهى وسيلة رائعة للتنفيس عن المشاعر والطاقات والصدمات والخبرات الصادمة والمكبوتات بأشكالها كافة، أيضًا تستخدم للتشخيص وهو ما يقوم به المتخصصون فى الاختبارات الإسقاطية بالرسم أو باستخدام الرسم الحر وبالتحاور مع المريض بفك رموز العمل الفنى والذى يكون فى كثير من الأحيان عبارة عن إسقاطات لا واعية لأمور يعجز عن التعبير عنها بشكل لفظى، فيأتى الفن ليعطيه لغة تعبيرية آمنة وطريقة للتواصل غير اللفظى تمكنه من التعبير عما بداخله.

أما الهدف الآخر للفنون فهو الوقاية من الوقوع فى الاضطرابات عن طريق التنفيس عن الضغط بشكل اعتيادى والتعبير عن النفس وإحساس الإنجاز والنجاح والانشغال بأعمال محببة ولطيفة تصرفه عن مشاكله أو تشغل وقته، فتصرف التفكير عن أمور قد تسبب ضيقًا أو انزعاجًا، أيضًا ممارسة الفنون وخاصة فى مرحلتى المراهقة والطفولة، يعطى للطفل شعورًا بالذات وتقديرًا للذات لأنه يقوم بعمل له قيمة ومقدر من المجتمع، يفرغ فيه طاقته ويشغل فراغه فيصرفه عن المقارنات مع أقرانه أو المشاكل الأسرية وغيرها من التحديات التى تواجه شبابنا وأطفالنا.

وتوضح: إن الانشغال فى العمل هو أيضًا مدرسة علاجية وتسمى العلاج بالعمل. فإفراغ الطاقات والتركيز على أعمال تشغل العقل عن التشتت وتساعده على التركيز والإنجاز وتحقق له الشعور بنفسه وبأنه فرد له قيمة فى مجتمعه ومؤثر، فهو من الأمور التى تساعد الشخص على أن يحيا حياة متوازنة نفسيًا وانفعاليًا.