الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
بين فينيسيوس وكليوباترا ونحن العرب

بين فينيسيوس وكليوباترا ونحن العرب

أعادت حادثة الهجوم العنصرى ضد لاعب نادى ريال مدريد «فينيسيوس جونيور» والتى وقعت الأسبوع المنصرم فى المباراة التى جمعت فريقه ضد فريق فالنسيا فى الدورى الإسبانى للواجهة قبح العقلية الفوقية الفاشية التى ما زالت للأسف تعشعش فى أذهان الكثيرين حول العالم، خصوصًا فى المجتمعات التى تصنف نفسها متقدمة ومتحضرة وهى فى كثير من أوجهها ما زالت تعيش فى عصور الظلام بكل ما فيها من بلطجة أخلاقية وتنمر اجتماعى وإقصاء لكل مختلف.



هذه الحادثة والتى لاقت رفضًا من جميع المؤمنين بالمساواة بين البشر الرافضين لكل ملامح التمييز بين الأقوام والأعراق تأتى فى أجواء ملبدة بصراعات اجتماعية ناتجة عن حالة عدم الاستقرار التى يعيشها العالم، ففى أوروبا هناك مثلًا الخوف من الإسلام الذى ينتشر بسرعة البرق بين جنبات القارة العجوز نتيجة لملايين المهاجرين من الدول الإسلامية التى تعيش حروبًا وفسادًا وأنظمة قمعية، وفى ذات الوقت هناك فى العالم الإسلامى ذات المشكلة ولذات الأسباب ولكن يتمحور الخوف ورد الفعل على شكل نزعة قومية أو فاشية وطنية يدفع ضريبتها ذات المهجرين الذين هربوا من بلادهم لا حبًا فى أرض الغريب العربى والمسلم بل بحثًا عن ملاذ آمن لهم ولذويهم.

فى الولايات المتحدة على سبيل المثال بات موضوع الصراع العرقى أو الاندماج العرقى إحدى  أهم القضايا التى تتمحور حولها الانتخابات على جميع المستويات، حتى بات أحد أهم أركان الجذب السياسى للحزب الديمقراطى كما هو معلوم، ومع نهوض الخطاب التقدمى ضمن السردية السياسية الأمريكية بات موضوع الصراع والاندماج العرقى يخطو بشكل أكثر تطرفًا بحيث أصبح يسعى لدمج كل الأطياف التى كانت مهملة ومهمشة أو مضطهدة مثل المثليين بكل تفصيلاتهم الحديثة، لدرجة أصبح مجرد مجادلة ما يسوق له أو يدفع به خروجًا على مبادئ حقوق الإنسان وحق الجميع فى المعاملة بالمثل، وهو بلا شك تطرف غير منطقى خصوصًا إذا ما كان مطلوبًا من الفرد أن يسمى رجلًا ما بأنه امرأة فقط لأن ذاك الرجل يريد أن يوصف بما يحلو له!

لا بد أن يكون واضحًا للقارئ الكريم أن التمييز ضد أى إنسان مرفوض ومستهجن وأن الإنسان بصرف النظر عن لونه أو ميله الجنسى يجب أن يحظى بكل حقوق المواطنة وبمساواة كاملة وبلا تفريق أو اضطهاد، إلا أنه فى ذات الوقت علينا أن نكون حذرين فى أن نأخذ المسائل من أجل تثبيت هذا الحق لمناطق تمتزج فيها الحقيقة بالخيال، وذلك كما حدث فى المسلسل الذى أثار ضجة مؤخرًا والذى يحكى قصة الملكة الفرعونية كليوباترا والتى ظهرت فى المسلسل كسيدة بملامح أفريقية سوداء وهو تجسيد لم يأت مصادفة أو مبنيًا على وقائع تاريخية بقدر ما أتى ضمن هذه السردية التى تحاول أن تقول ما يدعم توجهًا يرفع من قدر عرق وإن كان بتزوير التاريخ، وهى سردية ذات بعد سياسى كما قلنا ولها أهدافها المحمودة ولكن تدفع بمبالغة متطرفة يدحضها التاريخ والحاضر الواعى.

العنصرية داء حقيقى كان وما زال وسيستمر ينخر فى المجتمعات التى تعجز عن حل مشاكلها الداخلية، حاول هتلر فى الماضى أن يبررها فخسر فى نهاية المطاف كل شيء، وأمريكا التى تصورت أن بلادها هى للعرض الأبيض فقط انتهى بها الحال لحالة انقسام تستفحل مع مرور الأيام والسنين يزداد فيها تطرف الجانبين، وعالمنا العربى وإن كان يبدو على السطح أنه بلا عنصرية، إلا أننا إن دققنا جيدًا وتجردنا من الخوف والمكابرة سنكتشف أننا نتميز ونتفوق فى أنواع تخصنا نحن فقط، ما بين عنصرية قبلية وعنصرية طائفية وعنصرية طبقية واقتصادية داخل البلد الواحد وبين العرب وبعضهم كبيرهم وصغيرهم!