السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مواقع التواصل الاجتماعى المتهم البرىء!

مواقع التواصل الاجتماعى المتهم البرىء!

.. لا يستطيع أحد أن ينكر الدور الذى تقدمه مواقع التواصل الاجتماعى فى الجمع بين الناس رغم اختلاف مواقعهم الجغرافية ولغاتهم وأعمارهم وأجناسهم ومستواهم الفكرى والثقافى وغير ذلك، حيث يتم تكوين صداقات وتبادل أفكار ومعلومات وتعبير عن الرأى بكل حرية، فى كل القضايا والمشكلات أيًا كانت: اقتصادية، سياسية أو اجتماعية، كما أن هذه المواقع تعد وسيلة جيدة لمتابعة الأخبار فى كل أنحاء العالم أولًا بأول، بخلاف كونها أيضًا وسيلة لتحسين المجال المهنى والوظيفى، حيث يمكن للأفراد الحصول على وظائف وفرص عمل تتناسب مع خبراتهم ومؤهلاتهم، وفرصة جيدة لأصحاب المواهب الذين يعرضون مواهبهم من خلالها، بالإضافة إلى أنها وسيلة فعالة للترويج لسلعة أو فكرة ما، كما أن لها دورًا مهمًا سواء فى الضغط أو المناصرة والتفاعل فى تحقيق المسؤولية المجتمعية إذا ما أحسن استثمارها واستغلالها وتوجيهها بشكل جيد، بعيدًا عن كونها منصة ترفيهية للجميع، فبإمكان الجميع مشاركة ما يعجبهم من صور وأحداث والتفاعل معها، ورؤية ما يشاركه الأصدقاء عبر صفحاتهم.



ورغم جل هذه الإيجابيات المتعددة لمواقع التواصل الاجتماعى، التى جعلت من جميع الفئات تستهوى متابعتها، إلا أن هذه الإيجابيات جعلت منها سلاحًا ذا حدين، فعلى الرغم من أنها تساهم فى رفع ونمو ثقافة المرء وحثه على العديد من القيم الإيجابية، لكنها على النقيض ساهمت بشكل كبير فى فرض الكثير من السلوكيات السيئة والتى لا تتفق مع قيم وعادات مجتمعاتنا العربية، مما جعلها تعانى بشدة، حيث ساعدت على انتشار العنف والجريمة، وساهمت كثيرًا فى تفكك العديد من الأسر، وغيرت فكر الشباب من فرط استخدامها، الأمر الذى أدى إلى إصابة العديد منهم باضطرابات فى الدماغ والشخصية، ونتج عن ذلك ارتفاع ملحوظ فى معدلات العنف والجريمة، فقد بات شبابنا منشغلًا باستخدام شبكات الإنترنت والألعاب ومشاهدة الأفلام التى تدعو إلى العنف، وهذا ما انعكس بالسلب على القيم التى تُغرس بداخلهم وأصبحوا قابعين أمام شاشات الكمبيوتر لفترات طويلة، وهو ما عمل على اتساع الفجوة بينهم وبين أسرهم مما انعكس بالسلب على باقى أفراد المجتمع، فطفت على السطح جرائم لم تكن معروفة من قبل فى مجتمعنا، مثل جرائم التشهير والابتزاز التى نتج عنها ضحايا من الجنسين، بالإضافة إلى تلويث السمعة، وجرائم النصب وسرقة البيانات التى تحرم الفرد من التمتع بأدنى قدر من الخصوصية، عندما يقوم بعض الأشخاص بتتبع هذه المعلومات بغرض استخدامها لهدف من شأنه الإضرار بالشخص المراد أو أسرته، ووصل بنا الحال إلى استخدام هذه المواقع فى الترويج لبيع المخدرات عبر منصاتها المختلفة، فساهم ذلك فى انتشار تعاطى المخدرات بين شبابنا، الذين أصبحوا لا يستطيعون العيش إلا فى هذا العالم الافتراضى الذى فرض عليهم من جراء إدمان مثل هذه المواقع.. عالم غير حقيقى .. به من المخدرات والجنس والإباحية ما يجعل البعض منهم مغيبًا وغير قادر على مواجهة الوسط الذى يعيش فيه وينتمى إليه.

وإذا كانت هذه الآثار السلبية التى نتج عنها جرائم ومشكلات وأزمات يعانى منها أى مجتمع من جراء استخدام هذه المواقع، فإن هناك جرائم أخرى تتسم بخطورة أكبر على أى مجتمع تصيب الدول فى مقتل، حيث يعتمدها بعض الخونة والإرهابيين والعملاء فى توجيه الرأى العام ونشر سيل من أفكار التطرف والعنف والشائعات بهدف زعزعة واستقرار المجتمع، ناهيك عن استخدامها فى التواصل بين أفرادها وبين قياداتهم، لتبادل الخطط والمعلومات حول تصنيع القنابل والمتفجرات ومهاجمة المواقع المستهدفة، وتجنيد الشباب الذى يتم من خلال التغريدات المنشورة من خلالها ليتبين لهم الأشخاص الأكثر ميلاً للمشاركة فى عملياتهم الإرهابية.

هذا بعض من جل من سلبيات مواقع التواصل الاجتماعى التى تواجه مجتمعنا والتى يجب علينا جميعًا (حكومة وشعبًا) التصدى لها للقضاء عليها، ولن يتأتى ذلك بغير الوعى والتعمق فى المعالجات بما يناسب ويخدم مصالح الشعوب عامًة، لأن هناك إيجابيات عديدة لا يمكن بأى حال أن نغفلها خصوصًا فى ظل الثورة التكنولوجية التى يستظل بها كل دول العالم والتى لابد أن نسايرها ونعمل وفق متطلباتها.