الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. (كليوباترا) بين الطبلة والقانون؟

كلمة و 1 / 2.. (كليوباترا) بين الطبلة والقانون؟

ما الذى سوف يسفر عنه الاحتجاج والشجب حول المسلسل السينمائى (كليوباترا) الذى تقدمه (نتفليكس) ؟ لا شىء، سيُعرَضُ ويشاهده الملايين، وبشرة ( كليوباترا) السوداء ستصبح هى الحقيقة المتداولة؛ ما دمنا لم نقدم الحقيقة، أعلم أن القناة الوثائقية المصرية تُعِد فيلمًا تسجيليًا عن الملكة المصرية، ولكن هذا لا يكفى؛ يجب أن نقدم للعالم فيلمًا عالميًا فى بنائه، ولا نكتفى فقط بالدائرة العربية.



إنه صراع الطبلة والقانون، القانون بمعناه المتعارَف عليه فى ساحات القضاء، وليس آلة القانون التى تُصدر أنغامًا ساحرة، والذى يعود تاريخه إلى مئات السنين، وهو يُعتبر (أُمّ الآلات الشرقية)، يقابله فى الموسيقى الغربية «البيانو»، القانون فى فِرَق التخت الشرقى، هو «ترمومتر» القياس مثل «البيانو» فى الأوركسترا السيمفونى، فهم يضبطون عليه أوتارَهم، وهو ما يُعرف بين أهل المهنة بـ«الدوزنة»، فهو ليس فقط قانونًا؛ بل دستور لكل الآلات.

بينما الطبلة، وهى أشهَر وأهم الآلات التى توصف بالإيقاعية، المساحات الصامتة بين نقرة وأخرى تحدّد سرعة سريان النغم، الطبول هى أكثر الآلات التى تُحدث صخبًا، ولهذا تسبق عادة بداية التراشق بالسيوف أو النيران فى الحروب؛ لبث الحماسة فى قلوب الجنود، ولهذا يتردد كثيرًا تعبير «طبول الحرب»، كما أنها أيضًا تلعب دَورَ البطولة فى حفلات الزفاف مع الرّق والمَزاهر، فهى قادرة على لعب الدورين بنفس الكفاءة فى الحرب والحب.

فى المقاربة بين الطبلة والقانون، المقصود هو الفارق بين الحق الذى لا يحتاج لصوت عالٍ لإعلانه، فهو يشبه آلة القانون، وبين الباطل الذى لا يتوقف عادة عن إعلان وجوده بقوة مثل الطبلة، هذا التقابل على المستوى المجازى، منسوب للمطرب والملحن اللبنانى مارسيل خليفة، فهو صاحب تلك المقولة «حتى فى الموسيقى صوت الطبلة يعلو على صوت القانون».

لو زاد قُطر الدائرة قليلاً ونظرت لحالنا كعرب ستكتشف أن قضايانا عادلة، خُذ مَثلاً الدفاع عن حق الفلسطينيين فى إقامة وطن لهم والعاصمة القدس؛ إلا أن صوت القانون خافت، بينما إسرائيل استطاعت بطبولها الزائفة، أن تحقق كل هذه الانتصارات الإعلامية لأنها تجيد التواصل مع العالم.

توصيف «الإسلاموفوبيا»، من الممكن أن نعتبر الغرب هم الذين يروجونه، وأننا ضحايا لحملة ظالمة، تمهّل قليلاً، ألم يُسئ البعض منا للإسلام، بالكثير من الأفعال التى تتدثر عنوة بالشرع، يقتلون ويذبحون الأبرياء تحت مظلة يرفعونها على الشاشات باسم الدين؟! ما الذى فعلناه سينمائيًا، هل قرّر العرب إنتاج فيلم عالمى يقدم الوجه الحقيقى للإسلام، كدين يَحترم أصحابَ كل الديانات ولا يُقهِر أحدًا فى الدخول تحت مظلته.

تابع أيضًا على المستوى الفنى، مَن الذى يحتل أغلب الفضائيات وأغلفة المجلات؟، هل الفنان الصادق صاحب القضية والموقف والذى يتمتع بالموهبة؟ أَمْ أن الأمر مفتوح لمن يجيدون فك الشفرة، مستغلين ومطبقين المبدأ الذى صار يحكم المنظومة الإعلامية والفنية والثقافية فى بلادنا، «المصالح تتصالح».

أتذكر مقولة: «اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يُصدّقك الناس» المنسوبة لوزير الدعاية النازى غوبلز؛ إلا أننى أتصور أن الحكمة الأصدق والتى تعيش أكثر وهى المنسوبة لإبراهام لينكولن الرئيس السادس عشر لأمريكا، والذى يعزى إليه قرار إلغاء الرّق فى أمريكا عام 1863، وكانت لديه حاسة أدبية ثاقبة، وله عشرات من الأقوال اللاذعة واللمّاحة مثل: «خير لك أن تظل صامتًا ويظن الآخرون أنك أبله؛ من أن تتكلم فتتأكد الظنون»، أختار له هذه المرّة: «إنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت».

هل نحن فى حياتنا نُمسك القانون أَمْ الطبلة؟ نعم معنا الحق والوثيقة والتاريخ (القانون) ولكننا نعيش فى عصر (ما بَعد الحقيقة)، وشعاره (الطبلة)، لن نحقق أى إنجاز فقط بـ(القانون) نحتاج فى هذا الزمن وبقوة إلى (الطبلة)، فهل وصلت الرسالة ؟!