السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
خُلع وداد الأمريكانى!

خُلع وداد الأمريكانى!

بداية أود أن أتقدم بالشكر للدراما المصرية وللشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، على ما تم تقديمه من إنتاج ضخم تميز بالتنوع، ما بين الأعمال الاجتماعية والتاريخية والكوميدية، تم من خلالها تناول العديد من المشاكل الواقعية التى يمر بها مجتمعنا، نتيجة لسلوكيات غريبة أفرزت ثغرات فى بعض القوانين، تحتاج لتدخل وتعديل تشريعى عاجل لنضمن عدم تهديد الأمن والسلم المجتمعي، وهذا ما تجلى فى مسلسل «جعفر العمدة» بطولة محمد رمضان، الذى عرض مؤخرًا، الذى أثار حالة من الجدل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، امتدت إلى قاعة البرلمان، وذلك بسبب واقعة خلع «وداد» لزوجها «سيد» دون علمه خلال الأحداث.. إذ أقامت وداد دعوى خلع ضد زوجها سيد العمدة، وحكمت المحكمة لصالحها فى هذه الدعوى، ولكن دون علم زوجها، وعليه تزوجت من شوقى فتح الله، مما أثار تساؤلات عدة بين الجمهور حول حكم نفاذ الخلع بدون علم الزوج، وكذلك حكم زواج المرأة بعد الخلع، وأيضًا معاشرة المرأة لزوجها الذى خلعته، والمعروف لدى العامة بالخلع الأمريكانى، الذى يتم عن طريق إرسال الإخطار على عنوان خاطئ، وهو ما يحدث كثيرًا فى الواقع فى هذا النوع من القضايا، وجسدته إحدى حلقات المسلسل، وسبق أن أوضحه مركز الأزهر الشريف للفتوى من قبل عندما ورد له سؤال: هل يقع خلع الزوجة إذا وقع دون علم الزوج ورضاه؟، إذ أكد أن الشرع «جعل الخلع من طرق حل عقدة الزوجية فى مقابل عوض تلتزم به المرأة، واستدل بالقرآن والسنة، قال الله تعالى: «وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ»، وعن سيدنا عبد الله بن عباس- رضى الله عنهما-: أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه فى خلق ولا دين، ولكنى أكره الكفر فى الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتردين عليه حديقته؟» قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة»، واستكمل المركز نص الفتوى قائلًا: ومن المقرر شرعًا وقانونًا أن الحكم بتطليق الزوجة من زوجها طلقة بائنة للخلع لا يتوقف على رضا الزوج؛ وذلك لأنه وإن كان الزوج يملك الطلاق، فإن الزوجة تملك طلب خلعها من زوجها، ويحكم لها القاضى بذلك، عقب اتخاذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها فى القانون، من إثبات تنازلها عن جميع حقوقها المالية الشرعية المترتبة على الطلاق، وردّ الصداق الذى كان قد أعطاه الزوج لها، وإقرارها صراحة بأنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما، وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، وأضاف المركز: ومسألة علم الزوج بدعوى الخلع هذه مسألة قضائية بحتة؛ وذلك لأن إعلان الدعوى يتم عن طريق المحضرين تحت بصر وبصيرة محكمة الموضوع، ولذلك فإنه متى صدر الحكم بالطلاق خلعًا وأصبح الحكم نهائيًا، حاز الحكم الحجية من الناحية الشرعية والقانونية لما ورد فيه، وعلى من يدعى وجود بطلان فى الإجراءات أو تزوير أو تدليس أو ما شابه ذلك إثبات ذلك عن طريق القضاء باتباع الإجراءات القانونية المقررة لذلك، وهذا تحديدًا ما جعل النائب شحاتة أبوزيد، عضو مجلس النواب يتقدم بطلب إحاطة موجه إلى وزير العدل، بشأن ما وصفه بـ «الخلع الأمريكانى»، مشيرًا إلى أن بعض الزوجات يلجأن إليه كوسيلة للانفصال النهائى عن أزواجهن، والزواج بآخر دون أن يكون لديه علم بذلك بعد أن يتم إخطاره على عنوان خاطئ، وهناك حالات بالفعل موجودة فى مجتمعنا اتبعت نفس هذا الأسلوب.



وأوضح النائب فى طلبه، أن الخلع يمنح الزوجة الحق فى تطليق نفسها، موضحًا أن الخلع بهذه الطريقة يتم عن طريق الغش والخداع، حيث يكتب بصحيفة الدعوى عنوان خاطئ، لا يقيم به الزوج حتى تتمكن من أخذ حكم غيابى لا يعلم به الزوج شيئًا، مشيرًا إلى أنه بعد ما سلط المسلسل الدرامى «جعفر العمدة» الضوء على هذا العوار القانونى، الأمر الذى يهدم القيم التى تقوم عليها الأسرة المصرية وتؤدى إلى تفككها، فمن الضرورى وضع إجراءات صارمة فى قضايا الخلع تلزم بحضور الزوج، بما يضمن حق الزوج فى الدفاع عن نفسه أمام القاضى، ليصدر بعدها القاضى حكمه (بعلم الزوج) سواء بالخلع أم لا، وهذا ما نتمنى أن يتم تداركه فى قانون الأسرة الجديد الجارى إعداده حاليًا، والذى يضم جميع القوانين والأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية فى قانون واحد، يحتوى على ضوابط جديدة لمسألة الخلع بالقانون، سواء بحضور الزوج أو وكيل عنه، بحيث لا يتم الحكم بالخلع بغياب أحدهما، ليقدم كل منهما دوافعه وأسانيده ليحكم القاضى فى النهاية.. حتى لا نتفاجأ بدعاوى الخلع الأمريكانى التى تعطى الزوجة الحق فى الزواج من آخر دون أى مسئولية قانونية عليها، كما فعلت وداد فى جعفر العمدة.