السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. لافتة سوهاج الإرشادية وعشق جَلد الذات

ع المصطبة.. لافتة سوهاج الإرشادية وعشق جَلد الذات

مع تحقيق قناة السويس ارتفاعاً غير مسبوق فى الإيرادات التى بلغت 8 مليارات دولار فى 2022، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية عبر موقعها الإلكترونى باللغة العربية تقريراً حول القناة استند إلى وثائق بريطانية تؤكد ما أيقنته مصر عام 1956 من أن الغرب وفى المقدمة منه بريطانيا لم يكن لديه النية لتسليم القناة إلى السيادة المصرية.



ووفق هذه الوثائق، فإن بريطانيا أعدت خطة سرية بالتعاون مع فرنسا تتضمن بدائل لشركة قناة السويس تضمن لهم الهيمنة والنفوذ فى قناة السويس، وفى أفضل الأحوال حصول مصر على ربع عائدات القناة بينما يحصل الغرب على معظم العائدات، ناهينا عن استمرار القناة شوكة فى ظهر مصر بدلاً من أن تصبح جزءاً من تنميتها.

الغرب راهن على أن المصريين لن يستطيعوا إدارة القناة، إلا أن مصر كانت لها الكلمة العليا بأن فاجأ الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر العالم الغربى بقرار التأميم فى 26 يوليو 1956، ليضع المسمار للأخير فى نعش النفوذ البريطانى والفرنسى فى الشرق الأوسط.

ما يستوقفنا هنا أن خطة التأميم لم تكن لتنجح دون أى مشاكل فنية تذكر لولا جهود العنصر البشرى وكفاءة المصريين فى إدارة حركة الملاحة بالقناة لتتحول شركة قناة السويس إلى شركة مصرية %100 بعدما كانت ملكيتنا لها مجرد حبر على ورق.

لماذا كتبت السطور السابقة؟

كتبت ما سبق لأوكد على أمر بالغ الأهمية وهو أن هذا النجاح المصرى تحقق لأنه لم يكن بيننا من يستمتع بجلد الذات ويشيع حالة من الاحباط والتقليل من قدرتنا على إدارة القناة، فى حين أننا الآن نستمتع كثيراً بجلد الذات والتهوين من قدراتنا، فعلى سبيل المثال تداول عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية صورة لإحدى اللافتات الإرشادية بمحافظة سوهاج مكتوبة باللغة العربية بينما تم استخدام الترجمة الإنجليزية على طريقة «الفرانكواراب»، ما جعل اللافتة موضع سخرية كبيرة وعلى الفور تدارك مسئولو المحافظة الأمر وتمت إزالة اللافتة.

ربما تكون الكتابة الإنجليزية التعيسة مصدراً ومبرراً للسخرية، لكن من استغلوا تلك اللافتة للسخرية تغاضوا عن جوهرها المهم واعتمدوا الطريقة المعتادة لجلد الذات، فهذه اللافتة لولا سقطة هذا الموظف الصغير الذى ترجمها بهذا الأسلوب الركيك، كان من الممكن أن تعطى مدلولات إيجابية كثيرة، وربما لم يكن يعيرها أحد الانتباه.

اللافتة تضمنت اتجاهات مواقع مدينة سوهاج الجديدة، ومطار سوهاج الدولى وجامعة سوهاج الجديدة والطريق الصحراوى الغربي، وهى منشآت كان يفترض أن تتم الإشادة بها كأحد الإنجازات التنموية للدولة فى الصعيد، بل فى أشد المحافظات فقراً، لكن خطأ موظف يجهل اللغة الإنجليزية، مع عشقنا لجلد الذات جعل منها مصدر سخرية بدلاً من أن تكون موضع إشادة.

هذه الواقعة تتكرر بأشكال مختلفة فى مناسبات عدة، فظاهرة جلد الذات تكشف عن عدم الثقة فى النفس وفى إمكانيات الدولة، وهو شعور سلبى يجعلنا لا نرى سوى نصف الكوب الفارغ.