السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ماكلتش رز وكدهوّن!.. هو وهى ورمضان

ماكلتش رز وكدهوّن!.. هو وهى ورمضان

كان هناك مقولة منتشرة حتى تسعينيات القرن الماضى تؤكد على أن الفيديو بلا ذاكرة بعكس السينما أفلامها خالدة تعيش وتبقى فى وجدان الجمهور إلى الأبد ككتاب قيم يحتفظ به داخل مكتبتة الخاصة بينما المسلسلات التليفزيونية  تشبه الصحف اليومية التى تفقد قيمتها بمجرد قرائتها ويتخلص منها القارئ مباشرة وظل هذا الاعتقاد مستمرا حتى ظهرت مسلسلات عظيمة نجحت فى القضاء على مصداقية تلك المقولة واختفائها بل وتركت بصمة لا تمحى من تاريخ الدراما المصرية ولا يمل المشاهد من تكرار مشاهدتها مرات ومرات رغم مرور السنوات مثل هى وهو وضمير أبلة حكمت وليالى الحلمية ورأفت الهجان ولن أعيش فى جلباب أبى وغيرها من المسلسلات الرائعة التى بقيت فى وجدان المصريين حتى يومنا هذا دون أن تفقد رونقها وجاذبيتها



وكدهون من يستوعب أن مسلسل (هو وهى) مضى على عرضه الأول 38 سنة دون أن يمله الجمهور أو يمحى من ذاكرته؟؟ من منا لا يحفظ اسم هذا المسلسل المنفصل المتصل ذو العشر حلقات فقط عن ظهر قلب؟؟ بل تحول مع الوقت لأيقونة تليفزيونية نادرة جمعت بين اتنين من عباقرة التمثيل المصرى والعربى بالإضافة لروعة وجمال أغانى صلاح جاهين وألحان كمال الطويل وعمار الشريعى، كدهون فى عام 1985 كان الميعاد والحدث الذى طال انتظاره أخيرا ستشرق شمس السندريلا سعاد حسنى من خلال الشاشة الصغيرة لأول مرة (ولم نكن نعلم أنها ستكون آخر مرة أيضا) وهو حدث لو تعملون عظيم بالنسبة لجمهورها الكبير فى الوطن العربى الذى اعتاد أن يرى نجومه الكبار من خلال أفلام السينما فقط ونادرا ما يشاهدهم من خلال المسلسلات التليفزيونية لأسباب عديدة أهمها اختلاف التكنيك الخاص بالمسلسلات عن تكنيك السينما وهو أمر مجهد لأى ممثل اعتاد العمل السينمائى فالمسلسلات تعتمد على ثلاث كاميرات على عكس السينما التى تستخدم كاميرا واحدة فقط فتسمح لنجومها التركيز مع كل جملة واللفتة ورد فعل على عكس الفيديو الذى يعتمد على سرعة إنجاز المشاهد ويحسب كام دقيقة تم تسجيلها فى اليوم الواحد حتى يصل إلى معدل إنتاجى مربح لجهة الإنتاج حتى لو كان على حساب جودة العمل الفنى مما يتطلب على نجم السينما أن يحفظ حوار المشهد كله مرة واحدة والذى قد يصل لعدة صفحات وليس جملة صغيرة من الحوار كما اعتاد أن يفعل فى الأفلام ولهذا تأخر ظهور أيقونات سينمائية مثل سعاد حسنى وفاتن حمامة ولم تلحق بهما شادية لاعتزالها المفاجئ وكدهون، سبق مسلسل (هو وهى) دعاية غير مسبوقة من قبل أن يعرض نظرا لوجود سعاد حسنى معشوقة الجماهير وانتظر الجميع الانتهاء من التصوير دون جدوى فقد طال التصوير لأكثر من عام كامل وهو وقت مهول بالمقارنة بباقى المسلسلات حتى فقد البعض الأمل فى الانتهاء منه وخاصة أن العمل توقف لأكثر من مرة بسبب الإرهاق الذى أصاب بطلتة التى لم تعتد على كل هذا المجهود والضغوط التى لم تصادفها خلال عملها السينمائى هذا بالإضافة إلى حدوث بعض الخلافات بينها وبين مخرج العمل الأستاذ يحيى العلمى مما صعب عليها التجربة واختصارها إلى عشر حلقات فقط بعد أن كان المخطط له أن يكون خمس عشرة حلقة وكدهون أرادت سعاد حسنى أن تقدم عملا تليفزيونيا مختلفا يعتمد على المتعة والإبهار والإقاع السريع كل يوم تحكى حكاية جديدة لجمهورها الذى ينتظرها بلهفة ولما لا وهى شهرزاد هذا الزمان تجيد فنون الحكى والإلقاء، محصنة بجمالها الآخاذ وسحرها السينمائى الذى لا يختلف عليه اثنان؟ الفكرة بدت مثيرة جدا لعشاق السندريلا بعيدا عن السرد التقليدى للمسلسلات التليفزيونية فى ذلك الوقت حيث الإيقاع البطيء والأداء الروتينى والحلقات التى قد تمتد لثلاثين حلقة بدون ضرورة درامية ومن هنا جاءت أهمية هذه التجربة التليفزيونية فماذا يحدث عندما تلتقى سعاد حسنى وأحمد زكى فى حكايات سناء البيسى وسيناريو وحوار وأغانى صلاح جاهين وإخراج يحيى العلمى وكانت البداية بمقدمة غنائية راقصة تشبه فوازير نيللى الرمضانية وهذا الشىء مختلف عن أى مقدمة ونهاية تقليدية فى المسلسلات فقط أصرت سعاد حسنى على تلك المقدمة الاستعراضية رغم غرابتها على مسلسل درامى ولكنها أرادت أن تقدم وجبة شهية لجمهورها الذى ينتظرها وقد كان لها ما أرادت فجسد جاهين الصراع التاريخى بين الرجل والمرأة فى شعر بديع مشاغب وخفيف الظل: هى وهو لا هو وهى الأول هو ده سِيد البيت.. الأولى هى ده الإتيكيت.. قالك مساواة قولناله ياريت.. أصل التفرقة مش طبيعية.. هو أفضل من هى، هى أجمل من هو.. ما تنكريش أن الطاووس أجمل من الطاووسة ناقص تقولى أن العريس أجمل من العروسة وكدهون توهجت سعاد فى أداء المقدمة الفوازيرية الطابع والهوى على عكس المتبع مع باقى المسلسلات التى تعتمد على مقدمة تحمع لقطات من المسلسل نفسة ولكن سعاد أرادت التميز والاختلاف فكانت تلك المقدمة الاستعراضية الغنائية وارتدت فيها أجمل أزيائها وتنقلت برشاقة بين الشخصيات العصرية والشخصيات التاريخية مثل هدى شعرواى وملكة جمال العالم فى ثلاثينيات القرن العشرين مرورا بشخصيات درامية عديدة تجسد الصراع بين الرجل والمرأة شاركها الفنان أحمد زكى الاستعراض والغناء لتنتهى تلك الوجبة الشهية من الإبداع بالعد التنازلى استعدادًا لاستقبال أحداث أولى حلقات المسلسل (جرس الفسحة) تحمل معها انطباعات غير مشجعة وربما مخيبة لآمال وطموح جزء كبير من جمهورها ربما لاختلاف التناول وسرعة الإقطاع أو قصر زمن الحلقة ولم يستوعب الجمهور ما حدث وفجأة خلصت الحلقة رغم أنها قدمت فيها أغنيتها الشهيرة جدا (البنات أجمل المخلوقات) إلا أن انطباع الجمهور بعدم الحماس لما يراه كان يبعث على القلق والخوف ولأنها سعاد حسنى انتظرها الجمهور بشغف على أمل أن يجد فى الحلقة الثانية ما أفتقده فى الحلقة الأولى ولكنه تفاجأ بأنها حلقة مختلفة تماما وأحداث وشخصيات وتحمل اسمًا جديدًا لا تمت بصلة لشخصيات حلقة الأمس وهكذا صدم جمهورها لثانى ليلة على التوالى فقد اعتاد أن تستمر الأحداث والشخصيات على مدى خمسة عشر حلقة أو ثلاثين ولكن كل يوم حكاية دى كانت مجهدة لذهنه فجمهور الشاشة الصغيرة كسلان بطبعة فقد اعتاد على الإيقاع البطىء وتكرار المعلومات والتمهيد الطويل للأحداث وهذا لم يحدث فى مسلسل هو وهى فكانت الصدمة فى البداية حتى تفهم طبيعة المسلسل المختلفة وهضم فكرة الحلقات المنفصلة المتصلة التى لم يكن يألفها فى ذلك الوقت والتى انتشرت بعد ذلك بشكل كبير شجع على تكرار التجربة بممثلين آخرين فقد أحدث مسلسل (هو وهى) نقلة جذرية فى الدراما التليفزيونية من حيث الكتابة والأداء ومزج التمثيل بالغناء والرقص استغلالا لمواهب سعاد حسنى الاستثنائية وكدهون، مع الوقت تفهم الجمهور لطبيعة المسلسل وارتبط به بشكل كبير وأخذ يردد أغنياته مثل خالى البيه والشوكولاتة ساحت راحت مطرح ما راحت والبنات البنات أجمل المخلوقات وآه يا هوى والمفاجأة كانت غناء أحمد زكى لأغنية ذات طابع درامى وهو يبكى ويقول .. لا مش كده أثبت ماتخليش ولا واحد يشمت وكدهون. وأتذكر أن الموسيقار عمار الشريعى روى لى أن سعاد حسنى ظلت تسجل أغنية (ياترى أنت فين يا حبيبى) إحدى الأغنيات التى غنتها فى الحلقات من السابعة مساء وحتى السابعة صباحا وبعد كل تسجيل تقرر أن تعيد التسجيل مرة أخرى بدون سبب واضح غير وسوسة ليس لها منطق خاصة وهو موافق على نتيجة التسجيل إلى أن رفض إعادة التسجيل فخرجت سعاد حسنى من الاستوديو حزينة لرغبتها فى إعادة التسجيل وبعد ساعة واحدة كان صلاح جاهين يتصل به ثم كمال الطويل وممدوح الليثى لتعود مرة أخرى سعاد إلى الاستوديو لتعاود التسجيل للأغنية مرات ومرات إلى أن رضيت واستراحت وعادت إلى منزلها لتستريح قليلا من الوسوسة والقلق الذى صاحبها ليلا ونهارا بحثا عن الأفضل والأجمل والأبقى وكدهون مضت السنوات سريعا وكان لسعاد حسنى ما أرادت فقد تحول مسلسل (هو وهى) إلى إحدى أهم الأيقونات التليفزيونية التى رسمت البهجة والفرحة فى وجدان المصريين وبقيت أغنيتها شاهدة على موهبة استثنائية أن يجود الزمان بمثلها وكدهون سلاما لسعاد حسنى وأحمد زكى أو هو وهى.