السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الإرهاب البيولوچى.. تحوُّل خطير فى مسار الإرهاب التقليدى تقرير للأمم المتحدة يؤكد استخدام داعش للأسلحة الكيميائية فى العراق

يُعَد الإرهابُ البيولوچى من أقوَى أسلحة الدمار الشامل من حيث الفتك والتدمير والخراب الذى يخلّفه، ومما يزيد الأمر خطورة هو أن الحصول على مثل هذه الأسلحة لا يحتاج إلى إمكانيات باهظة سواء من الناحية المادية أو التقنية، وأنه يمكن استخدامها بسهولة من قِبَل التنظيمات الإرهابية على اختلاف مسمياتها ومَصادر تمويلها.



وتضمّن تقرير للأمم المتحدة أن تنظيم داعش الإرهابى قام باستخدام أسلحة كيميائية فى العراق بين العامين 2014 و2019؛ حيث أشار التقرير إلى قيام التنظيم بتصنيع وإنتاج صواريخ ومَدافع هاون كيميائية وذخائر كيميائية للقنابل الصاروخية ورؤوس حربية كيميائية وأجهزة متفجرة كيميائية يدوية الصنع، ومما ورد بالتقرير أنه «تم فحص أدلة متعلقة بدفع تعويضات لأسَر أعضاء التنظيم الذين قُتلوا فى أثناء نشرهم للأسلحة الكيميائية، وسجلات تتعلق بالتدريب الذى كان يوفره تنظيم داعش لكبار العملاء على استخدام المواد الكيميائية كأسلحة، بما فى ذلك أجهزة نثر المواد الكيميائية.

وذكر التقرير أنّ الذى تم إجراؤه عقب الهجوم الذى تعرّضت له مدينة طوز خورماتو العراقية فى شهر مارس 2016 أنّ أنواع الأسلحة الكميائية المستخدمة منها فوسفيد الألومونيوم والكلور والسيانيد والنيكوتين والريسين وكبريتات الثاليوم.

فيما سلط مرصدُ الأزهر الضوءَ على ظاهرة الإرهاب البيولوچى، فمن خلال عمل مرصد الأزهر ورصده لأنشطة التنظيمات الإرهابية وجد أن الإرهاب البيولوچى أكثر أنشطة وممارسات التنظيمات الإرهابية خطورة؛ حيث يستخدم الإرهابيون الأسلحة البيولوچية كــــ(البكتيريا، الفيروسات، الفطريات، الرسائل البيولوچية، الحشرات، الحيوانات) المسببة للأمراض الوبائية التى تستخدمها تلك التنظيمات فى هجماتها الدامية، ومما يزيد الأمر خطورة أن هذه الأسلحة من النوع غير المرئى، فهذه الأسلحة تضرب دون سابق إنذار؛ وآثارها لا تظهر إلا بعدما يكون مرتكب الجريمة قد توارى عن الأنظار، ومما يجعل هذه الأسلحة أكثر شراسة وعنفًا عن غيرها من الأسلحة الأخرى أن نطاق ضحاياها يتسع ليشمل الفئات العمرية كافة؛ إذ لا تفرّق بين مدنى وعسكرى؛ بل تتخطى آثارها المدمرة البشر لتشمل حتى الحيوانات التى منها ما يستخدم ضمن منظومة الأسلحة البيولوچية.

ويعرَّف الإرهاب البيولوچى (Bioterrorism Biological Terrorism) بأنه: «ذلك الاستخدام المتعمد لبعض الكائنات الحية الدقيقة والتى تعرف اختصارًا باسم «الميكروبات» وكذلك إفرازاتها السامة بهدف إحداث مرض أو القتل الجماعى للإنسان، أو ما يمتلكه من ثروة نباتية، أو حيوانية، أو تلويث لمَصادر المياه، أو الغذاء، أو تدمير للبيئة الطبيعية التى يحيا فيها والتى قد يشملها التدمير لعدة سنوات.

وأشار مرصد الأزهر إلى أن الإرهاب البيولوچى يتسم بالعديد من الخصائص التى تجعله أشد أنواع الإرهاب خطورة، أهمها قدرته الفائقة على نقل العدوَى، وسرعة الانتشار سواء عن طريق الهواء، أو عن طريق أى عامل آخر، والقدرة على النمو والتكاثر تحت ظروف بيئية متنوعة فى حالة استخدام ميكروبات حية، وقدرته الفائقة على التخزين؛ حيث يظل ثابتًا محافظًا على التأثير لفترات طويلة، ومقاومة فعل المضادات والأجسام المضادة الأخرى.

كما أوضح مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الطرُق التى يمكن من خلالها نشر الإرهاب البيولوچى من قِبَل التنظيمات الإرهابية منها إطلاق الأسلحة البيولوچية عن طريق نشر الميكروب عن طريق وسيط من الحشرات أو القوارض التى تنقل الأمراض، كما تطلقها من خلال رشها مع اتجاه الرياح من طائرة أو باخرة، أو تطلق من مَصدر إطلاق صناعى، أو توضع داخل قنبلة على رأس صاروخ فيما يسمى بـ «الرؤوس البيولوچية»، أو عن طريق تلويث مَصادر المياه، أو الطعام، أو من خلال الحقن تحت الجلد بشكل مباشر، أو تقديمها على شكل بخاخ.

ومن أمثلة الإرهاب البيولوچى: العثور على طرد فى غرفة البريد الذى تسبب فى رعب الرئيس الأمريكى فى البيت الأبيض وتتلخص الوقائع فى هذا المجال إلى أن الجهات الأمنية بالبيت الأبيض أبلغت بوجود طرد فى غرفة البريد يحتوى على طبق تحضر عليه مزارع البكتيريا مدونًا عليه باللغة الإنجليزية B-Anthracis وكذلك Yersenia pestis فالأول يسبب الجمرة الخبيثة، والثانى مرض الطاعون وكلاهما من النوع القاتل. وتم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة والتحفظ على الأشخاص الموجودين فى المكان ووضعتهم فى حَجْر صحى؛ لمنع انتقال المرض، لكن تبين بعد ذلك أن الطبق لا يحوى على أى من هذين النوعين من البكتيريا.

 توصيات للمواجهة 

وقدّم مرصدُ الأزهر من خلال وحدة البحوث والدراسات عددًا من التوصيات للوقوف أمام هذه الظاهرة المرعبة والتصدى لها، فبحجم الخطر تكون المواجهة، وعليه هناك مجموعة من الاعتبارات والأمور المهمة التى يجب مراعاتها؛ أولها العمل على مواجهة ظاهرة الإرهاب البيولوچى من خلال تكاتف دولى وتبنّى رؤية موحدة تتضافر فيها جهود المكافحة على المستويين الفكرى والميدانى وتبادل الخبرات فى هذا المجال.

كما طالب المرصدُ بإعلان اتفاقيات دولية لمنع انتشار وتصنيع مثل هذه الأسلحة والالتزام بتنفيذها فى السلم والحرب، ووضع معايير واضحة لمحاسبة الدول الراعية للإرهاب البيولوچى، سواء كان ذلك بالتمويل أو التدريب، أو أن تكون هذه الدول مأوًى للتنظيمات الإرهابية، إضافة إلى توفير التقنيات الحديثة للوقاية من مثل هذه الهجمات؛ وبخاصة لدى الدول المعرضة لانتقال الإرهاب وتسلله إلى أراضيها، والتى تقع ضمن قائمة الدول المستهدفة بالأطماع الإرهابية.

كما أوصَى مرصدُ الأزهر بتعليم وتدريب الأفراد والمجتمعات المقيمة بالمناطق التى من المحتمل استهدافها من قِبَل التنظيمات الإرهابية بأسلحة بيولوچية على تدابير الوقاية المناسبة وكيفية حماية أنفسهم من مَخاطر هذه الأسلحة الفتاكة، وكذلك وضع خطط للطوارئ جاهزة التطبيق.

وشدّد على ضرورة أن تتعاون جميع أجهزة الدولة لتحقيق الأمن والسلم؛ وبخاصة وسائل الإعلام التى يقع عليها دور كبير فى توجيه وإرشاد الأفراد وتوعيتهم بالأخطار والآثار المدمرة للإرهاب بشكل عام والإرهاب البيولوچى بشكل خاص.

ويرَى مرصدُ الأزهر لمكافحة التطرف أن الإرهاب لا يكفّ عن البحث عن وسائل متعددة لتنفيذ أچنداته الإجرامية وممارساته الدموية، وأنّ التنظيمات الإرهابية لا تتوانى عن اتباع جميع الوسائل الكفيلة بفرض سياساتها الوحشية ولو على أشلاء الأبرياء، ومع لجوء تلك التنظيمات لوسائل وأدوات قد يستبعد البعض أن تكون يومًا من الأيام مَصدرًا للخطر تبرز أهمية التفكير الجاد والتعامل بحِرَفية ومهنية مع هذه التهديدات، مع ضرورة أن تعمل كل الجهات والمؤسّسات على توفير الحماية اللازمة ضد هذه الأفكار المنحرفة والممارسات البعيدة كل البعد عن الإنسانية والفطرة السليمة.