طارق الشناوي
كلمة و 1 / 2.. فيلم (جولدا) فى برلين يدافع عن رؤية إسرائيل الكاذبة!!
إسرائيل تُمارس العنصرية حتى فى أدق التفاصيل، اعترضت إحدى الفنانات التى تدين باليهودية على النجمة العالمية هيلين مبرين البارعة فى أداء الشخصيات التاريخية مثل (إليزابيث البريطانية) وحصلت عنه على الأوسكار.
الاعتراض لو استند مثلاً لأسباب فنية يصبح ممكنًا، إلا أن ما تم تداوله هو أن ميرين ليست يهودية ولا يجوز أن يؤدى شخصية اليهودى إلا يهودى، وهكذا وصلنا إلى أقصى درجات العنصرية.
متجاهلين أن الإنسان هو الإنسان، قدمت ميرين الشخصية ببراعة، ولكنهم لا يعنيهم فى الأمر سوى خانة الديانة.
إسرائيل تغتال الجمال وتقتل السلام، ورغم ذلك تقدم للعالم صورة أخرى مزيفة ليتبنى وجهة نظرها، الأمر ليس له علاقة مباشرة بما تصدره إسرائيل للعالم من أكاذيب دعائية، ولكن بما نراه أيضًا يجرى حولنا فى أوروبا وأمريكا، يصدّقون أكاذيبهم وأيضًا يتبنون الترويج لتلك الأكاذيب، بينما نحن صامتون، يقدّمون رؤيتهم فى الحرب والصراع «العربى- الإسرائيلى» على اعتبار أن تلك هى فقط الحقيقة، ويكذّبون كل الروايات الأخرى، مَهما كانت مدعمة بوثائق دامغة، لا تحتمل حتى الجدل.
شاهدت قبل أيام الفيلم البريطانى (جولدا) فى قسم (البانوراما) بمهرجان برلين الذى يحمل رقم 73، وتعلن جوائزه مساء اليوم (السبت)، إسرائيل فى حرب (6 أكتوبر) التى يطلقون عليها هناك (يوم الغفران)، لاقت هزيمة أفقدتها صوابها كما قال الرئيس الراحل أنور السادات فى خطابه الشهير أعقاب الانتصار التاريخى، عندما استطاعت القوات المسلحة المصرية والسورية تحقيقه، وهو ما أفاض فيلم (جولدا) فى تقديمه بكل التنويعات، التى ملأتنا بنشوة وعزة وافتخار.
إسرائيل فى وثائقها تعترف بانتصار الأيام الأولى فقط، ولكنها تعتبر أن الثغرة والتى اعترفت بها مصر تعد بالنسبة لهم انتصارًا موازيًا، وكأنها الجولة الثانية فى المعركة، وصدّروا للعالم أنه الانتصار.
الفيلم البريطانى إخراج نيكولاس مارتن الذى حمل اسم رئيسة الوزراء الأسبق والتى قدّم عنها أكثر من عمل فنى من قبل، رؤية تحمل توقيع إسرائيل على حرب السادس من أكتوبر، التى يريدون تزييفها. الفيلم تتخلله وثائق تؤكد تفوّق القوات المصرية والسورية على الجبهتين، إلا أنه يغير الاتجاه 180 درجة معتبرًا أن أحداث الثغرة والتى اعترفت بها مصر تعد بمثابة انتصار لهم وفى النهاية يقدمون رؤيتهم عن السلام من خلال لقطات لأسراب حَمَام مقتولة على الأرض.
أين نحن فى مخاطبة العالم؟، قدّم المخرج شريف عرفة فيلمًا ممتعًا قبل عامين (الممر) عن هزيمة 67 وننتظر الممر الجزء الثانى عن انتصار أكتوبر، فى هذا الفيلم قدمت الدولة كل الوثائق وسمحت لشريف بقراءة كل التفاصيل وهو ما أتمنى أن يتاح له عند تقديم الجزء الثانى.
هل هذا هو منتهى الطموح ؟ أينبغى التفكير فى تقديم فيلم قادر على العبور للشاطئ الآخر أقصد للعالم والمهرجانات ولا بأس من الاستعانة بنجم عالمى أو نقدم نسختين بالعربية والإنجليزية مثل فيلم (الرسالة) للمخرج والمنتج السورى العالمى مصطفى العقاد، أراها قضية أمن قومى يجب على الدولة المسارعة فى تبنيها ليرى النور قريبًا.
قال لى النجم العالمى عمر الشريف، إن السادات طلب منه أن يتولى الإشراف على فيلم ضخم يقدم للعالم يتناول انتصار أكتوبر إلا أنه تراجَع، أقصد عمر، خوفًا من ألا يقدم فيلمًا يليق بالانتصار ويتلقى هو بمفرده تبعات الهزيمة الفنية.
أظن أنه حان الآن وقت تقديم هذا الفيلم العالمى، اليوم قبل الغد، علينا أن نُدرك أننا نتحدث عن شعوب تتعاطى السينما وتصدّق ما تراه، فإذا لم نقدم لهم الحقيقة سيصدّقون ما هو متداوَل من أكاذيب، السينما لغة عالمية تتجاوز حدود الجغرافيا وعلينا أن نقدم للعالم انتصارنا التاريخى بلغة سينمائية ممتعة، ونحن فعلاً قادرون، فقط لو توافرت الإرادة، هل يسمعنا أحد؟!