السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حتى فى الكوارث هناك خيار وفاقوس!

حتى فى الكوارث هناك خيار وفاقوس!

كنت أتوقع عند سقوط آلاف الضحايا أن تسقط معهم الحدود السياسية والجغرافية، وتختفى العقوبات والإنذارات، وتتلاشى الفوارق وتنهار الموانع، طالما أن الأمر دخل تحت صميم الأخذ بالإنسانية والرحمة.. أتحدّث هنا عن كارثة الزلزال الذى ضرب سوريا وتركيا وخلّف الكثيرَ من الضحايا والمصابين، ما جعل الناس فى العالم جُلّه تهب لتقديم يد العون والمساعدة للدولتين المنكوبتين؛ للتخفيف من أثر الكارثة التى ألمّت بهما، ولكن ما أزعجنى صراحة وجعلنى أترحم على قيم العدل والإنسانية والرحمة والمساواة، التى يتباهى بها البعض؛ عدم تقديم يد العون والدعم لأسر الضحايا والمصابين فى الشقيقة سوريا، امتثالاً وتنفيذًا للعقوبات الموقعة عليها من قِبَل المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلسها للأمن الدولى، الذى تساهم فى رعايته والهيمنة عليه الولايات المتحدة الأمريكية، وبمقارنة بسيطة بين ما يقدم لتركيا من دول العالم ومنظماته الإنسانية وسوريا الشقيقة يثبت أن هذا العالم يكيل بمكيالين فى كل شىء، فلا فرق هنا بين زلزال أو محنة ووباء أو ثورة بُركان فكله عند هذا العالم (المتحضِّر كما يدّعون) واحد، المهم عدم خرق العقوبات أو الالتفاف حولها؛ لنَيْل رضا الدولة الأكثر تأثيرًا فى العالم، والتى صدر بيان من وزارة خزانتها يشير إلى أن العقوبات الأمريكية الموقعة على سوريا تتضمن أساسًا استثناءات للعمليات الإنسانية، ولكن عبر شركاء محليين لم (تحددهم) لتخطى مواد ونصوص قانون (قيصر) والذى بمقتضاه فرضت العديد من العقوبات على الحكومة السورية؛ لإجبارها على وقف انتهاكات حقوق الإنسان- حسب وصف الأمريكان- التى أرى ويرى العالم جُلّه أن دولتهم الراسخة فى احترام حقوق الإنسان لم تشهد قَط مثل هذه الانتهاكات (والعياذ بالله) حتى اسألوا أصحاب البَشرة السوداء، وبسبب العقوبات وعدم الالتفاف عليها، اضطر الأشقاء فى سوريا إلى استخدام الإمكانيات المتاحة حتى ولو كانت اليد المجردة لرفع الأنقاض عن الضحايا والمصابين، فى الوقت الذى يتم فيه إرسال الرافعات والمعدات الميكانيكية الثقيلة (والخفيفة كمان لو حبيت) والفِرَق المدربة إلى تركيا لفعل الأمر نفسه والتعامل مع كارثة الزلزال.



ورُغْمَ تدفق جُلّ هذه المساعدات الدولية وغير الدولية، المرسلة إلى تركيا من جُل صوب وحدب صرّح الرئيس التركى أردوغان: بأنه غير راضٍ عن مستوى عمليات الإنقاذ لضحايا الزلزال فى تركيا.. فى حين أن سوريا (يا ولداه) لا تجد من يغيثها، صحيح أن الدول العربية كافة لم تتأخر فى تقديم الدعم لسوريا؛ إلا أن هناك صعوبة كبيرة فى وصول المساعدات ومعدات الإنقاذ الثقيلة بسبب العقوبات، ولأن أمريكا رائدة العالم عدلاً ورحمة وإنسانية ومن يتبعها من باقى الدول التى تدّعى أنها كبيرة؛ لم تغض الطرف عن مساعدة سوريا فى مصابها، فقررت من جانبها رفع العقوبات إياها ولكن بشكل مؤقت لمدة سته أشهر، حتى يتمكن الشركاء (الذين يعملون تحت إمرتها) كما سبق أن أوضحت من إيصال المساعدات إلى المتضررين من الزلزال فى أسرع وقت ممكن، هذا الوقت لم أعرف أنا أو غيرى متى يحين ميعاده، وهذا تحديدًا ما جعل المنسق المقيم للأمم المتحدة فى سوريا والمعين من قبلها المصطفى بن المليح يخرج علينا بتصريح قائلاً فيه: إن العقوبات المفروضة على سوريا تضر بالعمل الإنسانى فيها.. مبينًا أن الوضع الآن صعب جدًا والاحتياجات كبيرة الناتجة عن هذا الزلزال، ولذا يجب عدم تسييس الشأن الإنسانى لكى تصل المساعدات إلى المتضررين؛ خصوصًا أن سوريا تعانى من أزمة مزدوجة جراء الحرب الأهلية الدائرة منذ عام 2011، بخلاف الزلزال الذى زاد الوضع صعوبة..لافتًا إلى أنه قبل وقوعه كان هناك 15 مليون سورى بحاجة للمساعدة، و4 ملايين منهم بحاجة إلى مساعدة يومية تقريبًا، يضاف إليها اليوم تداعيات الزلزال الكارثى حيث زاد عدد المحتاجين للمساعدة.

وإلى حين حدوث ذلك ندعو إلى الضحايا والمصابين فى كلتا الدولتين بالرحمة والشفاء من جراء هذه الكارثة التى نالت منهما، فقط نطالب بالعدل والمساواة وعدم الكيل بمكيالين فى مصائب الزمن وكوارثه، التى من الممكن أن تصيب الكبير قبل الصغير والغنى قبل الفقير.