الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
التجذر الاستراتيجى للعلاقات «السعودية- المصرية»

التجذر الاستراتيجى للعلاقات «السعودية- المصرية»

أقَلّ ما توصف به العلاقاتُ بين السعودية ومصر، أنها «متجذرة استراتيچيًا»، فضلًا عن كونها علاقات چيواستراتيچية على أعلى المستويات والصُعُد، وهذا ما تعيه جيدًا القيادتان السياسيتان للبَلدَيْن. 



وإذا أردنا استعراضَ عمق العلاقات بين الرياض والقاهرة فعلينا أن نعود بالذاكرة إلى يونيو الماضى (2022) عندما زار ولىُّ العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، مصرَ، والتى كانت الزيارة الرابعة له لمصر خلال السنوات الماضية، بخلاف اللقاءات غير الرسمية التى جمعته بالرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، وهو ما يعكس اهتمامَه الخاص بمصر، والتقارب الخاص والواضح بين قيادَتَىْ البَلدَيْن.

وإذا أردنا أن نرفع مستوَى العلاقات الاستراتيچية؛ فإن الأميرَ محمد بن سلمان، يولى مصرَ اهتمامًا خاصًا، ويأتى ذلك استمرارًا لدور المملكة المحورى بدعم مصر فى مختلف المجالات، وحرصها على أمنها واستقرارها، وتجلى ذلك فى العديد من المواقف التاريخية والدعم السياسى السعودى الدائم لمصر.

وهناك مَلمح مُهم، وهو أن العلاقات الثنائية بين السعودية ومصر، ارتقت بدعم وتوجيه من خادم الحرمَيْن الشريفَيْن الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبدالفتاح السيسى، إلى مستوَى الشراكة الاستراتيچية من خلال تأسيس مجلس التنسيق «السعودى- المصرى»، وإبرام حكومَتَىْ البَلدَيْن نحو 70 اتفاقية وبروتوكولاً ومذكرة تفاهُم بين مؤسَّساتها الحكومية.

ترتبط المملكة ومصر بعلاقات اقتصادية وثيقة، ويتجلى ذلك فى إعلان صندوق الاستثمارات العامة، ضخ استثمارات تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار، وذلك بالتعاون مع صندوق مصر السيادى؛ بهدف تعزيز التبادُل التجارى بين البَلدَيْن، والإسهام فى توسيع أنشطتهما واستثماراتهما فى الدول الأخرَى على المستوَى الإقليمى والدولى.

وامتد هذا الارتباط بين الرياض والقاهرة بعلاقات تجارية متنامية، إذ بلغ حجمُ التبادُل التجارى بين البَلدَيْن خلال (2016 - 2021) بنحو (47.71 مليار دولار)، وتنامَى حجم الصادرات السعودية غير النفطية إلى مصر بنسبة 6.9% فى العام 2021 مسجلًا (1.9 مليار دولار). 

تتمتع مصرُ بموقع جغرافى استراتيچى، وقوة عاملة منخفضة التكاليف، وهو ما يجعلها سوقًا استراتيچية فى المنطقة، كما أن لديها إمكانات سياحية عالية، ممّا يجعلها سوقًا جاذبة للاستثمارات فى مجالات السياحة والكهرباء والطاقة المتجددة، والبناء والعقارات، لذلك ينظر القطاع الخاص السعودى إلى السوق المصرية باعتبارها سوقًا مهمة للغاية للصادرات والاستثمارات الوطنية؛ حيث توجد 6285 شركة سعودية فى مصر باستثمارات تفوق 30 مليار دولار، كما توجد فى المقابل 274 علامة تجارية مصرية، وأكثر من 574 شركة مصرية فى الأسواق السعودية.

فعليًا تدعم الاستثماراتُ المباشرة للقطاع الخاص السعودى فى مصر، جهودَ الحكومة المصرية فى تنويع القاعدة الاقتصادية، وخفض البطالة، وكذلك تحسين ميزان المدفوعات كونها مَصدرًا مُهمًا للعُملة الصعبة، كما أسهم الصندوق الصناعى فى دعم وتمويل 17 مشروعًا مشتركًا مع مصر، بقيمة تزيد على 393 مليون ريال، وتوجد 27 مَصنعًا باستثمارات مصرية فى المدن الصناعية السعودية، وذلك فى عدد من المجالات، مثل: صناعة الأجهزة الكهربائية، المعادن، التصنيع الغذائى، المطاط والبلاستيك، الصناعات الطبية، وغيرها.

أمّا على المستوى الاجتماعى، وهو جزءٌ لا يتجزأ من العلاقات الاستراتيچية المتجذرة بين البَلدَيْن؛ فهناك نحو مليون مواطن سعودى يقيمون فى مصر، وهى أكبر جالية سعودية فى الخارج، كما يفضّل السُّيَّاح السعوديون قضاءَ إجازاتهم فى مصر؛ حيث يشكلون النسبة الأكبر من بين السُّيَّاح العرب فى مصر، فى المقابل يوجد نحو 1.7 مليون مقيم مصرى بالمملكة. 

ومن المهم الاستشهاد بجامعة الملك سلمان الدولية (تأسَّست فى 2020)، وهى إحدَى مخرجات برنامج خادم الحرمَيْن الشريفَيْن الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ لتنمية شبه جزيرة سيناء، والتى تضم 16 كلية و56 برنامجًا فى 3 فروع ذكية بمدن الطور، ورأس سدر، وشرم الشيخ، وتوصف بأنها واحدة من جامعات الجيل الرابع الذكية، وتهدف إلى تقديم تجربة جامعية فريدة من نوعها يمتزج فيها التعلم باستخدام أحدث التقنيات، والخبرة التطبيقية، والمَعارف النظرية وخدمة المجتمع، وتنمية البيئة.

ومن المتوقع أن يحقق مشروع الربط الكهربائى «السعودى- المصرى» عند تشغيله عددًا من الفوائد المشتركة للبَلدَيْن، منها تعزيز موثوقية الشبكات الكهربائية الوطنية ودعم استقرارها، والاستفادة المُثلى من قدرات التوليد المتاحة فيها مما سيمكن البَلدَيْن من تحقيق مستهدفاتهما الطموحة لدخول مَصادر الطاقة المتجددة ضمْن المزيج الأمثل لإنتاج الكهرباء، وتفعيل التبادُل التجارى للطاقة الكهربائية.

وكانت المملكة فى مقدمة الدول الداعمة للاقتصاد المصرى؛ حيث أعلنت فى أواخر نوفمبر الماضى، عن تمديد أجل وديعة مالية لها لدَى البنك المركزى المصرى بقيمة إجمالية 5 مليارات دولار أمريكى، وهو يأتى «امتدادًا للروابط التاريخية وأواصر التعاون الوثيقة التى تجمع البَلدَيْن»؛ لدعم السيولة الأجنبية فى مصر.