الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
البوصلة

البوصلة

1



 نستكمل العامل الثالث الذى ساهم فى سقوط دولة ما قبل يناير، وهم جماعة الإخوان المسلمين.     

2

 

الجماعة لم تكن فقط مشروعًا سياسيًا داخليًا له أهداف معينة، بل هى منذ نشأتها محط أنظار وخطط الغرب يرون فيها دائمًا حليفًا يمكن التعامل معه، لذلك أدخلوها فى مخططات فاقت فى أحيان كثيرة قدرة الجماعة على الاستيعاب، وربما هذا ما جعلها تفشل فى إتمام التمكين.   

3

 تعددت مخططات تقسيم دول الشرق الأوسط حتى تبلورت فى النهاية بمشروع فوضوى ضخم، يبدأ برغبة عارمة تجتاح الدول العربية تهدف إلى تغيير أنظمة الحكم وتنتهى بتقسيم الدول قبليًا وعرقيًا ودينيًا، وهذا ما يفسر اتخاذ كل الجماعات الإرهابية غطاءً دينيًا، ومصر كان مخططًا لها أن ينفصل الشمال بالديانة الإسلامية عن الجنوب بالديانة المسيحية وعزل سيناء والنوبة تمامًا كأقاليم مستقلة، لا يخفى على أحد أن الرغبة الاستعمارية لدى الغرب هى المحرك لكل ذلك، إعمالًا بقاعدة فرق تسد.    

4

 تم التعويل على الإخوان كطرف سياسى دينى يحقق تلك المعادلة، لم ينقطع اتصال الغرب بالجماعة منذ نشأتها حتى أعلن الرئيس أوباما الدعم الرسمى للإخوان لتولى حكم مصر.   

5

الإخوان جماعة رديئة العقول والتخطيط وهذا من حسن الحظ، فلم تكن قادرة على قراءة مشهد يناير من بدايته لكنها اعتلت المشهد بعد احتدامه.    

6

 مرحلة فارقة فى تاريخ الجماعة عندما شكلت الجناح العسكرى لها المتمثل فى الجماعات الجهادية واتخاذ العنف كمنهج، لكن الأمن المصرى تصدى لهم وجفف منابعهم، وهذا ما خطوه بأيادٍ مرتعشة فى مذكرات رموزهم، وأن الأمن المصرى تتبع حتى عناصرهم خارج الحدود، وهذا ما دفعهم لطرح العنف وممارسة التقية.   

7

  الأجواء العامة قبل يناير لم تمنع النشاط الإخوانى، وهذا ما دفعهم لإعادة تقديم أنفسهم للمجتمع فى صورة شديدة السلمية، وهنا بدأت مرحلة إفساد فى الفكر حول صورة الجماعة وتحولت من شيطان إلى ملاك، تقدم الخدمات والقوافل الطبية والتوعية الدينية وتهدى الشباب وتعرف الناس صحيح دينهم، لم يدرك تلك المؤامرة الفكرية سوى الصحفيين والمثقفين وحاولوا بكامل طاقتهم محاربة التمدد الإخوانى، لكن الجماعة كانت متجذرة فى المجتمع والمؤسسات الدينية منذ السبعينيات، فكان المثقفون يفضحونهم نهارًا والجماعة تخطط ليلًا لاغتيال الصحفيين والمثقفين وتعد قوائم بالأسماء المباح دمها وتنفذها بالفعل وتورثها لأجيال متتالية داخل التنظيم.     

8

 نعود مرة أخرى لمشهد يناير العبثى، والعبث هنا أقصد به قبول الثوار بالإخوان كحليف فى مواجهة كل ما هو مؤسسى ونظامى داخل الدولة حتى وإن كان بعيدًا كل البعد عن نظام مبارك، وتعالت نبرات الهدم التى كانت شديدة العشوائية بالنسبة للثوار لكنها فى نفس الوقت حددت بوصلة الإخوان بوضوح نحو اتخاد الثوار كخطوة لاقتناص السلطة ثم تصفيتهم فيما بعد، فانخرطوا داخلهم واختطفوا المشهد الذى أصبح إخوانيًا بامتياز.    

9

  الإخوان هم جماعة إقصائية وهذا ما جعلها غريبة دائمًا عن المجتمع، حتى فى محاولات التسلل سعت لتغيير الفكر فنبذت الحجاب العادى مقابل الحجاب الإخوانى، بغضت التدين الوسطى ونشرت النسخة الإخوانية، حتى فيما يتعلق بالزكاة والصدقات أقنعت الناس أن ثوابها أكبر عندما تحصل عليها الجماعة وتتولى إنفاقها، وهذا أهم سبب لفشلها فى تجربة الحكم، لأن الشعوب هى مصدر السلطة والمصلحة لا يمكن التعامل معها 10 بنفس الفكر الإقصائى الذى تدار به الجماعة.      

وكانت اللحظة الخطرة من وجهة نظرى تسبق يناير بسنوات عندما تحدت الجماعة الحزب الوطنى وأعلنت أن قاعدتها الشعبية تبلغ 3 ملايين فرد تمامًا مثل قاعدة الحزب، وكانت هذه إحدى بدايات نهاية النظام.