الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حواديت.. يبدأ التشريع بغرض التنمية وينتهى الأمر بجمعية بلدى التنمية تُريد والحكومة تُريد والمواطن يفعل ما يريد

حواديت.. يبدأ التشريع بغرض التنمية وينتهى الأمر بجمعية بلدى التنمية تُريد والحكومة تُريد والمواطن يفعل ما يريد

جاءت ومشاعر القلق الشديد والانفعال الزائد بادية على وجهها فبادرتها ماذا بكِ؟ فانهارت بالبكاء وبدأت فى الحكى.. هما ابنتان لأب طيب يعمل عملا بسيطا ولكن لم يهتم باستكمال تعليم بناته كما يحدث فى بعض القرى الريفية فتزوجت الكبرى بعد حصولها على الإعدادية مباشرة ولحقتها الصغرى عندما بلغت السادسة عشرة أيضا ولكن الأخت الصغرى كانت مختلفة فهى تميل إلى الراحة وعدم العمل ولم يستمر زواجها كثيرا وانفصلت عن زوجها بعد عدة شهور من الزواج وهى حامل فى ابنها وقد تكفل الأب بها.



فجأة اختفت الابنة لمدة يوم كامل والأب يبحث عنها بجنون وكان شرط عودتها ألا تتعرض لعقاب لما فعلته وكانت الصدمة فالابنة مديونة بحوالى 50 ألف جنيه وأصيب الأب بالإغماء فلم يرَ أى نقود فى يد ابنته ولم تشترِ أى شىء فى المنزل بل يتحمل الأب جميع مصروفاتها هى وابنها ويبدأ الغموض فى الزوال حين يعلم الأب بأن ابنته قد اشتركت مع بعض النسوة من الجارات وقمن بالتوجه إلى مقر جمعية محلية تقوم بإقراض النساء بقروض تبدأ من الألف جنيه وتصل إلى الخمسين ألف جنيه مقابل إقامة مشروعات منزلية لهؤلاء النسوة. 

 عمل الجمعيات 

لمن لا يعلم فقد أقرت هيئة الرقابة المالية منذ سنوات إنشاء جمعيات تقوم بإقراض الأهالى بمبالغ متناهية الصغر خاصة فى المناطق الريفية أو العشوائية وتتجه معظم تلك القروض للنساء، وذلك لإقامة مشروعات صغيرة مثل تربية الدواجن وبيعها أو شراء جاموسة أو بقرة وتقوم المرأة ببيع منتجاتها سواء الجبن أو اللبن أو شراء ماكينة خياطة للعمل عليها وهى مشروعات بسيطة لا تجعل السيدة مضطرة لترك منزلها والعمل خارجه ولا تجلس فى انتظار تلقى أى معونة أو صدقة وإنما تصبح منتجة بشكل أو بآخر ولكن ما يحدث أحيانا يغاير تماما الهدف الذى أنشئت تلك الجمعيات الأهلية من أجله.

 جمعية بلدى ومين يقبض الأول 

ما يحدث فى الواقع هو أن تقوم سيدة بالاتفاق مع أربعة أو خمسة نسوة أخريات للتقدم جميعا للحصول على قرض من الجمعية ونظرا لكون الجمعيات فى أحيائهن وبالتالى يرتبطن بها برباط إنسانى مما يسهل قبول الطلب وكلما كانت إحدى السيدات بالمجموعة متمرسة فى الحصول على القروض وسدادها ارتفعت فرصة الحصول على القرض ويتم الاتفاق أن السيدات الأربعة سوف يعرن السيدة الخامسة بطاقات الرقم القومى الخاصة بهن ويقمن معها بجميع الإجراءات مقابل جزء من الأموال فى البداية وتقوم هى بسداد الأقساط تباعا وفى حالتنا فقد ذهبت الابنة بمعاونة سيدة متمرسة للاتفاق مع باقى النسوة على أن يتم اقتراض مبلغ من المال على أن يتم منح كل سيدة 2000 جنيه نظير اشتراكها بمجرد صرف القرض وتقوم هى بسداد الأقساط مع كتابة إيصالات أمانة لكل سيدة بإجمالى المبلغ الذى اقترضته بضمان بطاقتها الشخصية.

 إجراءات الجمعية 

هناك إجراءات تقوم بها الجمعية منها أن تتم مقابلة بين المسئول والسيدات طالبات القرض وتقوم الجمعية بإجراء معاينة لبيوتهن ويتم التنبيه عليهن بأنه فى حالة عدم سداد القسط فسوف يتم العودة عليهن بذلك أى يلتزمن بسداد الأقساط بغض النظر إذا هربت إحداهن أم بقيت ويقمن بالتوقيع على الأوراق الرسمية اللازمة لذلك وبعد موافقة الجمعية تتوجه النسوة إلى البنك الذى يمول الجمعية فيقمن بصرف القرض ومنحه لمن عليها الدور والتى ستلتزم بالسداد عنهن.

 أنواع السداد

هناك قروض يتم سدادها كل أسبوع أو كل 15 يوما أو كل شهر حسب المبالغ المنصرفة وبالطبع فإن القسط الشهرى أو الأكبر للمبالغ الكبيرة يبلغ أحيانا 1600 جنيه شهريا بحيث لا تتجاوز مدة القرض 12 شهرا وهو الحد الأقصى لذلك.

 كيفية إنفاق القروض

بالطبع فإن معظم من تقوم بالاقتراض لا تستخدمه فى مشروع إنتاجى وإلا كان موقف مصر الاقتصادى مختلفا تماما ولا داعى للاستهزاء والقول كيف يتم ذلك؟ لأن المشروعات متناهية الصغر كانت الأساس الذى أقام صرح الصناعة الصينية ولكن للأسف هناك من تقوم بتجهيز ابنتها للزواج وإذا لم يوف القرض الغرض تقوم بسحب الأجهزة بإيصالات أمانة، ومن هنا جاء ملف الغارمات أو من تنفقه على شراء سلع استهلاكية لمنزلها أو كما فعلت بطلة حكايتنا فلم تنشئ مشروعا أو تشترِ شيئا ولكن أنفقت جزءا فى الطعام الجاهز لها ولأمها التى كانت تعلم كل شىء وتخفيه عن الأب والابنة الكبرى أما الجزء الأكبر من القرض فبقى لغزا لم تفصح فيم أنفقته ونظرا لكونها لا تعمل فلم تتمكن من سداد الأقساط فى المرة الأولى ثم قامت بتجديد القرض وهكذا حتى وصل إجمالى ما عليها من أموال إلى خمسين ألف جنيه وعندما عجزت عن سدادها هربت وبدأت النسوة فى مطالبة الأب بسداد الأقساط بعد التهديد باختطاف الحفيد وهنا وجد الأب نفسه أمام خيار واحد لا مفر منه وهو السداد حتى لا يتم سجن الابنة أو اختطاف الطفل.. لا داعى للاندهاش ففى تلك الأحوال يتم التسوية بعيدا عن الشرطة بقدر الإمكان وهكذا ما زال الأب يسدد القروض منذ ما يزيد على عامين.

 الهروب بالأموال 

فى بعض الحالات يتم الهروب بمبلغ القرض وهو ما حدث عندما قامت سيدة حديثة السكن بإحدى المناطق فى التعرف على مجموعة من السيدات وإقناعهن بالأمر وعندما قامت باستلام النقود هربت هى وأسرتها ولم تعلم السيدات بمكانها فقاموا بسداد أقساط القرض خوفا من تعرضهن للسجن ولكن ما زلن يبحثن عنها حتى يسترددن أموالهن.

 تصرف البنك فى حالة التعثر 

عندما يتم التأخر عن سداد الأقساط يبدأ البنك فى التحرك والتوجه إلى منازل المقترضات والتنبيه عليهن أكثر من مرة بالسداد فإذا لم يتم الاستجابة يسارع البنك بإبلاغ النيابة العامة والتى تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة الأموال.

 هل تقوم الجمعيات بدورها 

بالطبع لا، فلم يكن الهدف من إنشائها هو فك ضيق المكروب ولكن كان هدفا اقتصاديا فى المقام الأول وهو إنشاء مشروع إنتاجى وبالطبع فإن الجمعيات تعلم علم اليقين أن السيدات المقترضات لا يقمن بذلك فلماذا الإصرار على إقراضهن؟ وهل معيار نجاح الجمعية يتمثل فى سرعة دوران رأس المال أو ظهورها بمظهر من تمتلك الكفاءة فى عدد السيدات المقترضات والمسددات للقرض أم لا بد من وضع شروط إجبارية أن من تحصل على القرض يجب أن تستخدمه فى الإنتاج وأن تكون هناك مراقبة شديدة ومستمرة للمشروع الإنتاجى حتى يتحقق الهدف الذى نرجوه من إرساء دعائم المشروعات والصناعات متناهية الصغر.. دمتم بالخير.