الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عقار «الكبتاجون» سلاح جديد للتنظيمات الإرهابية .. ومخيم الهول يعيد آمال داعش

يعد التمويل هو العامل الأكبر فى استمرار التنظيمات الإرهابية، وعلى الرغم من التكاتف الدولى فى تجفيف منابع الإرهاب إلا أن تلك التنظيمات أوجدت طرق تمويل مختلفة اعتمدت على وسائل غير مشروعة كتجارة المخدرات وبيع الأعضاء، وفى هذا السياق حذر تقرير لمرصد الأزهر من ظهور عقار «الكبتاجون» والذى ظهر فى الستينيات من القرن الماضى، وكان يُستخدم مضادًّا للاكتئاب ولعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.



ووفقًا لتقرير المرصد فقد حظرت معظم دول العالم فى فترة الثمانينيات هذا العقار المعروف باسم «كوكايين الفقراء» بعد أن أظهرت نتائج العديد من الدراسات إمكانية إدمانه العالية، وتأثيره على زيادة معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم والتنفس، وارتفاع الضغط فضلًا عن حالات الاكتئاب الشديدة والخمول وقلة النوم وتسمم القلب والأوعية الدموية وسوء التغذية الحاد. لكن مؤخرًا تصدر موضوع «الكبتاجون» العديد من أخبار وسائل الإعلام المختلفة، بعد أن قرر تنظيم داعش الإرهابى الاعتماد على الاستفادة من هذا العقار فى تنويع مصادر الداخل وتمويل الأنشطة الإرهابية، فضلًا عن السيطرة على العناصر ورفع قدراتهم القتالية؛ إذ يؤدى استخدام هذا العقار إلى اليقظة المتواصلة لأيام، ويمنح شعورًا كاذبًا بالسعادة والشجاعة، ولذلك يُعرف باسم «مخدر الإرهابيين». وقد تبين استخدام عناصر التنظيم الإرهابى للعقار - الذى يُبطل الشعور أيضًا بالإرهاق على نطاق واسع- ‏خلال المعارك التى ساعدتهم على احتلال مساحات شاسعة داخل العراق وسوريا. 

وقد أثار ظهور هذا العقار فى الأوساط الأوروبية قلق السلطات،حيث بدأت التنظيمات المتطرفة فى إنشاء طرق تهريب جديدة إلى أوروبا خاصة عبر اليونان، مستغلة بذلك مشكلات دول القارة العجوز وعدم قدرتها على التعامل الجيد مع هذه الظاهرة.

ويؤكد مرصد الأزهر فى تقرير له أن ضلوع التنظيمات الإرهابية فى تلك الأنشطة المشبوهة لا يُعد أمرًا جديدًا أو مثيرًا للدهشة، حيث تسلك تلك التنظيمات جميع الطرق غير المشروعة فى سبيل تحقيق أهدافها الخبيثة، وتنفيذ أجنداتها الملوثة بدماء الأبرياء لإقامة دولتهم المزعومة التى تناثرت حولها وفوقها أشلاء وجثث الضحايا الأبرياء. بل وبات من الواضح أن تجارة المخدرات والمواد السامة الأخرى أصبحت مصدرًا مهمًّا للدخل لتمويل التنظيمات الإرهابية فى جميع أنحاء العالم. كما أن تناول هذا العقار وتهريبه عبر الحدود يُمثل تحدَّيًا شديد الخطورة لا يتعلق فحسب بالصحة العامة بل بالأمن والسلام المجتمعى، الأمر الذى يتطلب تكاتف المجتمع الدولى، وتعاونًا مشتركًا بين جميع دول العالم، والتوعية المستمرة للوقاية من آثاره المدمرة، والعمل على إعادة تأهيل من أدمنوا هذا العقار، وتقديم الرعاية الطبية اللازمة حتى يتمكنوا من التخلص من تلك السموم.

مخيم الهول وآمال «داعش»

من جهة أخرى سلط مرصد الأزهر فى تقرير له الضوء على مخيم الهول الذى أنشئ أوائل عام 1991م لإيواء اللاجئين العراقيين إبان حرب الخليج الثانية، وأُعيد فتحه لاحقًا بعد تدفق المهاجرين العراقيين إلى سوريا عقب غزو العراق عام 2003م. وهو أحد ثلاثة مخيمات على الحدود السورية- العراقية، ويضم أعدادًا كبيرة من اللاجئين بلغت ما يقرب من (54000) شخص، نصفهم من الأطفال دون الـ (12) عامًا الفارين مع عائلاتهم فى المدة (2018 - 2019) بعد أن فقد تنظيم داعش الإرهابى آخر معاقله فى الأراضى السورية. ولذلك يمثل هؤلاء الأطفال قلقًا كبيرًا للمجتمع الدولى، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة وتحويلها إلى كارثة إنسانية وتهديد إرهابى خطير.

 وينقسم مخيم الهول فى الوقت الحالى إلى ثمانية أقسام ومُلحق أجنبى، تضم أربعة أقسام نحو (27) ألف مواطن عراقى، مقابل حوالى (18200) سورى بداخل الأقسام الأربعة الأخرى، إضافة إلى ما يقرب من (8000) شخص من حوالى (50) دولة مختلفة بالملحق الأجنبى. وحلت روسيا فى المرتبة الأولى من حيث أعداد اللاجئين بالمخيم ويقدر عددهم (1500) مواطن، تلاها الصين بنحو (1300) مواطن، ثم تركيا بحوالى (1100) مواطن. كذلك يضم الملحق الأجنبى أيضًا مجموعة من الأستراليين والفرنسيين والهولنديين والعديد من المواطنين الآخرين، بما فى ذلك الأفراد الذين سافروا من دول أخرى للانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابى.

وتشرف قوات سوريا الديمقراطية على تأمين المخيم منذ العام 2016م، لكن سرعان ما تدهورت الأوضاع مع زيادة أعداد اللاجئين، وارتفاع معدلات العنف وجرائم التنظيم الإرهابى الوحشية، ما تسبب فى تحول المخيم إلى أحد أخطر الأماكن على وجه الأرض. مع هذا فقد تمكنت قوات سوريا الديمقراطية -سبتمبر الماضى- من تنفيذ عملية أمنية شاملة عُرفت باسم (المطرقة الحديدية) بهدف طرد عناصر تنظيم داعش الإرهابى من المخيم؛ حيث تمكنت على مدى (24) يومًا من اعتقال حوالى (300) من عناصر التنظيم الإرهابى وقياداته، إضافة إلى أعداد القتلى، ومصادرة مجموعة من الأسلحة والقنابل اليدوية والمتفجرات كانت مخبأة فى كهوف وحُفر بدائية.

وتابع المرصد: إن بعض المحللين حذروا من عودة تنظيم داعش الإرهابى للظهور فى العراق مجددًا   على بعض المؤشرات والشواهد، مثل تصاعد وتيرة الهجمات جنوب غربى البلاد، والهجمات الانتحارية بالقرب من بغداد ومناطق أخرى من البلاد، فضلًا عن إحباط القوات الأمنية للعديد من العمليات الإرهابية.

من جانبه دعا مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، دول العالم للعمل على تجفيف منابع العنف والإرهاب، وغلق المنافذ التى تتسلل من خلالها التنظيمات الإرهابية إلى عقول وأذهان العديد من الأطفال والشباب، لا سيما الأطفال الذين يعيشون فى المخيمات التى تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية.

وشدد أن تعزيز الجهود الدولية فى مجال مكافحة التنظيمات الإرهابية والتطرف وتعاون الدول استخباراتيًّا وعسكريًّا لا بد أن يحول دون ظهور هذه التنظيمات فى أماكن جديدة، أو على الأقل يحد من ظهورها. مؤكدًا أنه حذر مرارًا من خطورة العائدين من داعش؛ إذ أن كثيرًا منهم يحملون أفكارًا مُتطرفة تضر بمجتمعاتهم وأوطانهم.