السبت 19 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
صاحبة الجلالة «روزا»

صاحبة الجلالة «روزا»

روزاليوسف.. حتى آخر نفس فينا اسم نفتخر به عاش معنا وعشنا به كرمز عابر للأجيال المحبة لصاحبة الجلالة الصحافة.. معركتها الأولى والأخيرة، كانت الوعى والتنوير فى الفن والصحافة والحياة ومسيرتها بعد مرور 98 عامًا على ميلاد مولودها العملاق تصلح أن تتحول إلى عمل درامى كبير للأجيال القادمة..



نعم حياة فاطمة اليوسف الإنسانة ورحلة كفاحها أغرت كتاب الدراما الإذاعية والتوثيقية والتسجيلية فى أعمال خرجت للنور، ولكن فقد حان الوقت لتحويل قصة حياتها إلى مسلسل درامى تليفزيونى كبير وتوثيق نشأتها ومعاركها الفنية والصحفية ومعارك أبنائها وأحفادها على الورق من الملكية إلى الجمهورية الجديدة على طريقة أعمال عظماء مصر «طه حسين وأم كلثوم وجمال عبدالناصر» بوصفها أحد قيادات الفكر والتنوير فى الفن والصحافة.

لقد سميت الصحافة “بصاحبة الجلالة” لما لها من عظمة وكبرياء، فعظمتها تأتى من كونها مهنة البحث عن الحقيقة، وكبرياؤها من نزاهتها؛ فعندما تكشف فسادًا، تزلزل الدنيا من حولها وتبقى هى شامخة عملاقة،وعندما توصل معلومة مهمة إلى القارئ فهى تقوم بعمل وطنى يحتاج إليه المجتمع، وما أحوج جمهوريتنا الجديدة لهذه المهمة بعد خروجنا من النفق المظلم والقضاء على بذور التطرف والإرهاب!

إن مسيرة صاحبة الجلالة «روزا» اتسمت بخواص الأسر المالكة، لكونها تمتلك صفوة الكتاب والمثقفين وأصحاب الأقلام الرنانة من ذوى الفكر المستنير لأى بلد فإنها بذلك تمتلك ما يتم الاصطلاح عليه بنخبة أو قادة الرأى على مستوى الفكر والابداع.

أما مسيرة روزا الفنانة فقد وصلت إلى القمة فى المسرح، لكنها «اعتزلت مبكرًا» بأصعب قرار وبقيت موهبتها، وعملت ضمن فرقة عزيز عيد المسرحية فى عدة مسرحيات منها «خلى بالك من إميلى»، ومع تأسيس يوسف وهبى لفرقته فى 1912، انضمت لها كبطلتها الأولى، ثم انتقلت لفرقة نجيب الريحانى وقدمت التراجيديا، ووصلت إلى ذروة المجد مع دور مارجريت جوتيه فى مسرحية «غادة الكاميليا» وبفضل أدائها المتمكن أطلق عليها لقب (سارة برنار الشرق)، تركت فاطمة اليوسف فرقة نجيب الريحانى، بينما كانت تتقاضى أعلى أجر، لأن الرسالة لم تكن منسجمة مع المدرسة الجادة التى كانت تنتمى إليها، كما كانت شديدة الحرص على كرامتها فلم ترض أن تمس، وبعد سنوات قليلة من الاعتزال وقعت مأساة عندما التهم حريق قرية نائية وتسابق الناس للتبرع لإعادة بنائها فأعادت عرض مسرحيتها (غادة الكاميليا) فقط على أن يخصص دخلها كاملاً للقرية، وبيعت التذاكر بأسعار غالية وامتلأت الصالة عن آخرها وهى المرة الأخيرة التى صعدت فيها الفنانة القديرة إلى خشبة المسرح لتجسد الدور الحقيقى للفنان ورسالته فى المجتمع وهو الدور الذى نتمناه الآن، ومن المسرح إلى الصحافة لتأسيس قلعة شامخة فى الإعلام والفن والأدب ومنهما إلى المسرح السياسى، بعد أن صرحت وزارة الداخلية فى 24 مارس 1926 بإصدار جريدة أسبوعية سياسية مع بقاء الصبغة الفنية والأدبية لتكون المجلة الأولى فى الشرق الأوسط.

 

«روزا» الاسم الخالد والمكان والمكانة رحلة من الإبداع فى أرض مصر وفى حاجة إلى مسلسل درامى تليفزيونى، ليكون درسًا للأجيال فقد وجدت فاطمة اليوسف حسبما وصف الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين فى مقال رثائها «نصف الساعة الأخير» لقد جاء كفاحها كله لكى نجىء، ويجىء عشرات مثلنا، جيل بعد جيل فيجدون الدار التى تضمّهم والمنبر الذى يشبّون عليه والقلعة التى تستعصى على الإغراء وتستعصى على الإرهاب.. وتستعصى حتى لحظة ضعف الإنسان، بينه وبين نفسه والبناء الذى يقاس بمئات الآلاف بل الملايين التى أتاحت لهم أن يقرأوا.. هذه هى روزاليوسف أمس واليوم وغداً بإذن الله.