الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحقيقة مبدأ.. لمن تدق الأجراس؟!

الحقيقة مبدأ.. لمن تدق الأجراس؟!

بعد شهرين تبلغ الأزمة الأوكرانية - الروسية، وتحديدًا فى فبراير المقبل، عامها الأول من دون وجود أى بوادر حلّ، بل مجرد مساعدات عسكرية ومالية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وآخرها المؤتمر الذى عقدته المجموعة الدولية فى العاصمة الفرنسية باريس، الثلاثاء قبل الماضى، بمشاركة نحو 70 دولة ومنظمة دولية، وحضور الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الأوكرانى دينيس شميهال، لحشد الدعم لأوكرانيا وتنظيم تسليم إعانات فورية للأوكرانيين الذين يتعرضون لهجمات روسية، ومساعدتهم على تحمل الشتاء القارس والمساعدة فى التحضير لإعادة الإعمار. لكن أين الحلّ السياسى الدائم والنهائى للأزمة؟



 أزمات أم انفراجات

حذر وزير الدفاع البريطانى بن والاس، يوم الثلاثاء الماضى من أن روسيا ستزود إيران بـ«مكونات عسكرية متقدمة» مقابل طائرات إيرانية بدون طيار تلقتها بالفعل. وأوضح والاس، خلال خطاب نهاية العام أمام مجلس العموم البريطانى، «كيف أصبحت إيران واحدة من أكبر الداعمين العسكريين لروسيا». وقال الوزير البريطانى: «روسيا تعتزم تزويد إيران بمكونات عسكرية متطورة تقوض أمن الشرق الأوسط والأمن الدولى مقابل تزويد موسكو بأكثر من 300 طائرة بدون طيار من طراز (كاميكازى)»، مشددًا على أهمية «فضح تلك الصفقة». ولم يقدم والاس أى تفاصيل أخرى.

هنا تبدو أزمة تلوح فى الافق من خلال ما يبرع فيه البريطانيون دائمًا وهو ضرب التحالفات القائمة أو المحتملة؛ حيث أشار إلى أن الصفقة الروسية الأوكرانية ضد مصلحة الأمن القومى العربى وهو يعلم جيدًا أن العلاقات العربية مع موسكو تعد الآن فى أعلى مستوى لها إذا ما قورنت بثلاثة عقود مضت.. بل إن هناك احتمالات لشراكات كبرى قد تحدث قريبًا بين موسكو وعواصم القرار العربى.

أما المراوغة فقد كانت فى شكل انفراجة قد يكون لها نصيب من التحقق حين أوضح أنه «أبقى قنوات اتصال مفتوحة» مع نظيره الروسى سيرغى شويغو «من أجل تجنب سوء التقدير وتقليل مخاطر التصعيد»، وأضاف أنه «شدد مرارًا وتكرارًا على أنه يجب على روسيا التوقف عن استهداف المدنيين فى أوكرانيا وسحب قواتها».

متابعاً : «لا يمكننا أن نقف مكتوفى الأيدى بينما ترسل روسيا تلك الموجات من الطائرات بدون طيار لتصعيد هجومها على المدنيين الأبرياء»، مؤكدًا التزام المملكة المتحدة بمواصلة تزويد أوكرانيا بالدفاعات للتصدى لهذه الهجمات.

قد يرى البعض أن لندن تحاول لعب دور الوسيط النزيه وهو فى حقيقة الحال ما لم تجِده لندن أبدًا ولم يعد أحد يصدقه فى كل الأحوال، فالمملكة المتحدة فى تاريخها الحديث لم تقم إلا بالاحتلال أو باختلاق الفتن الطائفية - لعبتها المفضلة - بين طيات المجتمع الواحد (شبه القارة الهندية، إفريقيا، أفغانستان، العراق، مصر.. إلخ) فإنها أضافت لنفسها دورًا جديدًا وهو ضرب الاقتصاد الاوروبى بما يخدم المصلحة الأمريكية ومصالحها بطبيعة الأمر. فكان الخروج الصارخ من الاتحاد منذ قرابة العامين والآن المزيد من جرجرة أوروبا للاستمرار فى دعم أوكرانيا لإطالة أمد الحرب، مما أدى إلى انهيارات واضحة ومتتالية فى نمو واستقرار الاقتصاد الأوروبى، وهو ما كان يؤرق واشنطن بحق وذلك على عكس العنوان الرائج الذى تسرف الولايات المتحدة فى استهلاكه حول محاولاتها لوقف التمدد الصينى! 

مَنْ يقف مع مَنْ؟!

أنشئ الاتحاد الاقتصادى الأوراسى مطلع عام 2015 على أساس الاتحاد الجمركى الذى كان قائما آنذاك بين روسيا وبيلاروس وكازاخستان، وانضمت إليه لاحقًا كل من أرمينيا وقرغيزستان فى السنة ذاتها. وتضمن اتفاقيات الاتحاد لجميع أعضائه حرية تنقل السلع والخدمات ورؤوس الأموال واليد العاملة، وانتهاج سياسة متفق عليها فى قطاعات التجارة والطاقة والصناعة والزراعة والنقل.

 إلا أن اللافت فى الأمر والذى يؤكد أن لندن تلعب لصالح واشنطن بتعاقد غير معلن خاصة وهى تحاول أن تبدو خائفة على المصالح العربية وأمنها القومى، هو أن وزير الخارجية الروسى سيرغى لافروف، صرح بأنه من المقرر إجراء مفاوضات حول التجارة بشروط تفضيلية بين الاتحاد الاقتصادى الأوراسى ودول من بينها الإمارات، بل إنه لفت إلى أن المفاوضات جارية مع مصر وإيران لإبرام اتفاقية للتجارة الحرة، مما يعنى وبكل بساطة أن مصر والإمارات بجانب إيران سيكونون شركاء على نفس الطاولة للاتحاد الأوراسى حتى وإن كانت الشراكات منفصلة، فالمختلفون اليوم قد يجمعهم «بوتين» غداً! 

لا أحد سيرحم الدولار.. جملة قد تدور فى كثير من الرءوس أو تدور بالرءوس أيضًا خاصة أن الدول الشريكة فى هذا الاتحاد لن تتعامل فى ظل هذه الشراكة بالورقة الخضراء وعلى امتداد نفس ذات الخط تجد مجموعة دول البريكس حلاً للأزمات أو المخاطر الجيوسياسية الناتجة عن الاعتمادية على الدولار الأمريكى كعملة أساسية للتجارة أو لتقييم أصول الدول، فيصبح بنك التنمية الجديد لمجموع البريكس ملاذًا آمنًا، بل أكثر راحة ولا يتعارض مع الاتحاد الأوراسى بل يتكامل معه فى غالبية الأهداف وسيلاحظ القارئ أن موسكو والقاهرة عاملان مشتركان فى كلا التجمعين الاقتصاديين! 

 متى تنتهى الحرب؟

لم يكن سؤالاً وليس بالضرورة أن تجد إجابة، لكن لا ضير من المحاولة حتى وإن كان الرد صادماً.

لا أحد يهتم! نعم لا أحد يهتم.

واشنطن تريدها حرب اللا حرب.. فقط أن تظل دائرة بلا توقف فهذا - حتى الآن - يصب فى المصالح الأمريكية.

الاتحاد الأوروبى يساعد أوكرانيا مدفوعًا بموجات فزع وهلع صدرتها له واشنطن بمساعدة لندن حول الاجتياح الروسى لأوروبا.

موسكو سيطرت على ما تريده من أراضٍ أوكرانية ومع ارتفاع سعر البترول تستطيع دائمًا حصد المكاسب وشنت حرباً شديدة المنهجية تجاه الدولار الامريكى وها هى تجمع الشركاء الذين يحققون مصالحهم ويتخلصون من هيمنة العملة الأمريكية على اقتصادياتهم سواء الناشئة أو الكبرى.

القاهرة ولأول مرة تستوعب قواعد اللعبة الدولية فى البحث عن مصالحها ومصالح شركاء أمنها القومى فقط بما لا يتعارض مع ثوابتها ومع استيعاب كامل إلى أن الحرب ستطول لأمد ليس بالقريب.

الخليج العربى أخيراً وصل إلى اليقين فى عدم المراهنة على واشنطن أو لندن وأن استنزاف صادراته النفطية من قِبل قوى دولية لا تكترث بما يؤرقه أو تفكر فى مستقبله فيما بعد النفط.

يقف الاتحاد الاوروبى حائراً بين الإرهاب الأمريكى وبين أنياب الصقيع الروسى الممتلئ تحدياً.

كثيرة هى الأجراس التى تقرع الآن، وحتى كتابة هذا المقال ؛ فمنها أجراس استقبال الأبطال وبينها أجراس التحذير ويدخل فيها جرس الوعيد.