إطلاق الشائعات بين الهواية والاحتراف

قبل أن نسهب فى الحديث عن الشائعة، علينا أولا أن نعرفها بأنها ليست سوى خبر أو قصة أو حدث ينقله الناس دون تمحيص أو التحقق من صحتها، وغالبًا ما يتم تضخيم الشائعة بمبالغة غير صحيحة، والكلمة فى حد ذاتها مشتقة من كلمة إشاعة، وهى إحدى كلمات المعجم العربى التى تشتق من الفعل شاع يشيع شيوعا، ومن المعروف للقاصى والدانى أن إثارة أى شائعة له هدف وغاية عند من يطلقها، سواء بغرض لفت الانتباه أو ليتولد بداخله إحساس بأنه مهم وذو حيثية وعليم ببواطن الأمور، وان لديه مصادر مهمة للأخبار لا يعرفها بقية الناس، ليخفى عن قصد وتعمد مركبات النقص والكراهية والحسد والغل وعدم المعرفة التى تمكنت من نفسه، أمثال هؤلاء يتسببون فى القيل والقال الذى من الوارد جدا أن يهدم أسر، كنتيجة طبيعية لفك الروابط الوجدانية بين أفراد الأسرة الواحدة.

ورغم خطورة أصحاب هذا النهج على المجتمع والمحيطين بهم، إلا أنه من الممكن أن يتم إدراجهم تحت بند الهواة، ولكن هناك نوع آخر من مروجى الشائعات خطرهم على المجتمع أشد بكثير من أصحاب النوع الأول، حيث يهدفون فى المقام الأول إلى تحقيق مكاسب شخصية على حساب الوطن، مثل جماعة الإخوان الإرهابية، التى دأبت على استخدام هذا الأسلوب منذ سنوات، ولكن فى الآونة الأخيرة أصبح السلاح الرئيسى منذ سقوطهم فى ثورة 30 يونيو، فبث الأكاذيب والشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعى ومنصات الإعلام المشبوه التابع للجماعة هو سبيلهم للوصول إلى ما يبغون بعد أن رفضهم شعب مصر، هادفين من وراء ذلك إلى إضعاف ثقة المواطنين فى مؤسسات الدولة والنظام السياسى حتى تتوقف كل المشروعات التنموية التى تسعى الدولة لإنجازها، وكان آخر تلك الشائعات نشر أحد المواقع المشبوهة والمعروفة بانتمائها لجماعة الإخوان الإرهابية، خبرًا بشأن مشروع القانون الموحد المقدم من الحكومة للبرلمان والخاص بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية، وأن الحكومة تهدف من جراء تنفيذ هذا القانون إلى مد مصلحة الضرائب بمعلومات وبيانات تخص المواطنين من عملاء البنوك لمعرفة ما يملكونه لفرض ضرائب جديدة عليهم، رغم علمهم التام بأن قانون وآلية عمل البنك المركزى تلتزم بسرية بيانات العملاء وحساباتهم وودائعهم وكذلك خزائنهم الموجودة فى البنوك، كما أن قانون البنك ينص على سرية معاملات المودعين، ولا يجوز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر، إلا بإذن كتابى من صاحب الحساب أو الوديعة، أو من أحد ورثته أو أحد الموصى لهم بكل أو بعض هذه الأموال، أو من النائب القانونى أو الوكيل المفوض فى ذلك بناء على حكم قضائى أو حكم محكمين.. وبذلك يتضح أن مصلحة الضرائب ليس لها أى شأن بهذا القانون، وإنما هو خاص بتبادل المعلومات مع السلطات الضريبية الأجنبية بهدف مكافحة التهرب من الضرائب وإخفاء المتهربين لثرواتهم وأصولهم المالية على مستوى الدول، التزاما من الدولة بالاتفاقية الدولية الموقعة بين مجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادى التى انضمت لها مصر.

بالطبع الصورة الاحترافية التى تريد الجماعة وكتائبها وإعلامها المشبوه التى دفعتهم إلى ذلك، تستهدف فى الأساس بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وهو نفس الأسلوب الذى اتبعته الجماعة فى عدد من البلدان العربية لتدميرها، لتتخلص من (قلة الحيلة) التى سكنت وعششت داخل نفوسهم بعد فضح ممارساتهم الإرهابية، والتى يرون أنها من الممكن أن تعيدهم إلى موقع السلطة مرة أخرى، ولكن (هيهات كان غيرهم أشطر)، وعن يقين مثلى فى ذلك مثل جل مصرى أقول: لم ولن تقوم لكم قائمة بين شعب مصر الذى قمتم بخيانته وشاركتم فى سفك دماء أبنائه وحرقتم دور عبادته، حتى ولو أطلقتم آلاف الشائعات.