الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحوار الغائب فى قانون الضرائب

الحوار الغائب فى قانون الضرائب

 بداية أنا مع أى إجراء أو قانون يضمن تحقيق العدالة الضريبية بين جميع أفراد الشعب، حتى ولو كان منظومة الفاتورة الإلكترونية أو الإيصال الإلكترونى، شريطة أن يسبقه تعريف وحوار بجل الفوائد التى ستعود على أى ممول من جراء العمل بهذه القوانين أو الإجراءات، ولذلك لم أجد أن هناك ما كان يمكن أن يضير المسئولين فى وزارة المالية حال استعانتهم بممثلين عن جميع نقابات المهن الحرة (محامين أطباء صيادلة بيطريين) للحوار معهم قبل تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية، خاصة بعد أن رفض أعضاؤها العمل بها، فمؤكد أن الحوار كان سينتج عنه منظومة متوافق عليها من جل هذه النقابات، بدلا من فرض الأمر عليهم نتيجة لقرار اتخذ بشكل فردى دون تفعيل ثقافة الحوار بين جميع أفراد المجتمع، قرار نتج عنه وقفات احتجاجية واعتراضات كان المجتمع فى غنى عنها، وتحديدا فى القوانين التى تتعلق مباشرة بحياة ومعيشة المواطنين، الذين باتوا يشعرون بأنهم فى واد والحكومة فى واد آخر، ومنهم بالطبع أعضاء هذه النقابات، مما حدا بهم إلى رفض المنظومة والاعتراض عليها بعد أن تم إلزامهم بتسجيل بياناتهم بمنظومة الفاتورة الإلكترونية قبل منتصف الشهر الجارى، وتحذير غير الملتزمين بتطبيق العقوبات الواردة بقانون الإجراءات الضريبية باعتبارها حالة تهرب ضريبى.. هذا الإجراء هو ما جعل نقابة المحامين تبدى اعتراضها عليه، لأن المحامين من وجهة نظر أعضاء مجلس نقابتهم لا يقدمون سلعة أو تجار حتى يطلب منهم تقديم فاتورة عن الخدمات التى يقدموها، فمهنة المحاماة ليست عملا تجاريا أو إنتاجيا بل عمل ذهنى وفكرى، كما أنها ليست سلعة يتم بيعها، خاصة وأن هناك الكثير من المحامين ليست لديهم مكاتب ولا القدرة المالية على دخول المحاكم ورفع قضايا، بعيدا عن المصروفات التى لا يمكن إثباتها من أجل خصمها مثل المأكل والملبس والإكراميات والتنقل وغيرها.



اعتراض المحامين له سبب آخر ينحصر فى غياب العدل والمساواة فى تعامل الضرائب مع ممولى المهن الحرة، فعلى الرغم من أن المحاماة مهنة حرة مثل الأطباء، إلا أنه تم فرض ضريبة القيمة المضافة عليهم منذ 3 سنوات، فى الوقت الذى تم فيه استثناء الأطباء منها، ومع ذلك التزمت نقابة المحامين بها رغم اتخاذهم جميع الإجراءات القانونية بشأنها، ولذلك ترفض النقابة لسان حال أعضائها اتباع طريق أخرى فى سداد الضرائب من خلال منظومة الفاتورة الإلكترونية، وتطالب بالانتظار لحين فصل المحكمة الدستورية فى مدى دستورية فرض ضريبة القيمة المضافة عليهم، لأن التزامهم بالمنظومة سيتطلب منهم تعيين موظفين لإصدار الإيصالات الإلكترونية وحصر النفقات، وهذه أعباء إضافية على المحامين لا يمكنهم تحملها، رغم أنهم يخضعون لضرائب الدخل والقيمة المضافة بالإضافة إلى الدمغات والرسوم واستخراج التصاريح وطلبات الاطلاع على القرارات والتى تضاعفت قيمتها عدة مرات، وهى بالمناسبة تعد أكبر مورد لخزائن المحاكم إن لم يكن المورد الرئيسى والأساسى، بخلاف أن النقابة توفر لهم معاشاتهم ومرتبات العاملين وكذلك مصروفات علاجهم من أموالها الخاصة.

من ناحية أخرى اعترضت أيضا نقابة الأطباء على إلزام أعضائها بالتسجيل فى منظومة الفاتورة الإلكترونية لأنها تتضمن آليات عديدة ستعيق تقديم الخدمة الطبية، وسترفع من الأعباء على متلقى الخدمة نتيجة تحمل العيادات تعيين موظفين لإصدار الإيصالات والفواتير الإلكترونية، كما أنه من الصعب على بعض العيادات فى القرى تنفيذ المنظومة، ولهذا كان يجب التشاور والبحث والدراسة مع أصحاب الشأن قبل المطالبة بالعمل وفقا للمنظومة الجديدة.

بالطبع لم تسلم منظومة الفاتورة الإلكترونية من اعتراضات نقابة الصيادلة أيضا، بسبب الأعباء الإضافية التى سيتحملها أصحاب الصيدليات نتيجة التسجيل بالمنظومة، بداية من تعيين موظفين مختصين لإصدار الإيصالات والفواتير الإلكترونية، مرورا بشراء نظام إلكترونى معتمد للتسجيل على منصة المنظومة، بخلاف مصاريف الاشتراك بها مما يمثل عبئًا ماليًا ضخمًا على الصيدليات قد يدفع بعضها للإغلاق، علما بأن جل صيدليات مصر البالغ عددها أكثر من 80 ألف صيدلية تسدد بالفعل ضرائب عن مبيعاتها من الأدوية من خلال اتفاق مسبق مع وزارة المالية.

اعتراضات ووقفات احتجاجية أدت فى النهاية إلى وجود حالة من عدم الثقة، كان من المفروض عدم تواجدها بالمرة بين الممول ومصلحة الضرائب التى تمثل الدولة، لو أخذ فى الحسبان التواصل مع أصحاب الشأن أيا كان (أعضاء نقابات أو بقالين أو ممثلين وغيرهم كثر ممن يخضعون لضريبة المهن الحرة) لبحث ودراسة أى منظومة ضرائبية جديدة أو تشريع من خلال حوار صحى، يعرف من خلاله جميع الأطراف حقوقه وواجباته تجاه الدولة، وعلى الرغم من أن هذا التواصل والحوار هو ما تم مؤخرا والذى بسببه تم مد فترة التسجيل لدراسة وتذليل كل التحديات التى تواجه تسجيل الشرائح المستهدفة بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، كان يجب أن يتبع فور التفكير بالعمل بها، حتى لا نجد أنفسنا فى أزمة من الممكن أن تهدد السلم والأمان المجتمعى الذى ننشده جميعا مثل ما يحدث الأن، وهذا ما يطالب به الرئيس عبدالفتاح السيسى فى جل لقاء أو اجتماع مع المسئولين، حتى لا يكون هناك أحد غائب عما يدور ويحدث فى الوطن المسئول منا جميعا.