السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

درس خصوصى

الحكاية حدثت فى باريس عاصمة النور.. ومدينة الحرية والإخاء والمساواة.. وهناك خرجت المظاهرة الحريمى عاصفة عاتية.. تهتف ضد الرجل الظالم والمسيطر.. الذى يفرض قانونه الذكورى.. ويتحكم فى شغل زميلته المرأة العاملة، وقد نصَّب من نفسه حكمًا وقاضيًا.. يسلب حواء حقوقها المكتسبة ويعاملها معاملة الجوارى.. وقد تصور أنه المواطن الأولى بالرعاية.. فى حين تقف هى فى الصف الثانى.. تكد وتشقى وتنتج.. وفى آخر الشهر تتقاضى نصف راتب زوجها والسبب أنها امرأة تتساوى مع زميلها فى الأعباء والواجبات.. لكنها لا تتساوى فى الحقوق والعلاوات..!



 

وأمسكت واحدة بالميكروفون تدعو زميلاتها للاعتصام والإضراب عن العمل.. قالت المرأة واسمها فرانسواز دانييل إنها ألفت كتابًا يفضح سوء معاملة الرجل الذى يعتمد عليها كثيرا خاصة فى الصباح لإعداد الزوج لرحلة الشغل.. قبل أن تستعد هى للحاق به.. ولا يهم أبدًا بهدلة المواصلات.. لأن أى تأخير عن مواعيد العمل الرسمية.. يقابل بالشخط والنطر والغضب من حضرة المدير وسعادة الرئيس.. وغالبا ما يترجم الغضب إلى خصم من المرتب والعلاوة.

قالت المرأة النحيفة وهى تقرأ فقرات من كتابها الذى أحدث ضجة فى فرنسا كلها.. قالت إن المرأة تحتل ستين فى المائة من مواقع الإنتاج فى المدارس والمستشفيات.. علاوة على العمل فى المصانع وقيادة القطارات وسيارات النقل العام.. ناهيك عن العمل فى المناجم والمزارع.. ولا تنس المرأة القاضية.. والمرأة ضابط الشرطة.. والمرأة العالمة والمحاسبة والوزيرة وعضوة البرلمان.

المثير فى المسألة أن المرأة التى تشكل الأغلبية فى صفوف العاملين.. هى الأقلية فى طوابير العاطلين عن العمل.. لأن المرأة لا تقبل أبدًا التوقف عن الشغل والإنتاج.. عكس الرجل الكسول.. الذى يميل إلى التغيب والتسكع هنا وهناك.. عن الذهاب للعمل.

قالت المرأة النحيفة.. إن الزوجة العاملة هى أول من يعود إلى البيت فى آخر النهار.. لتستقبل الأبناء القادمين من المدرسة.. ثم الزوج المرهق من مشوار العمل.. الجائع باستمرار.. ثم يغادر الزوج عش الزوجية ليقابل أصحابه.. وينشغل الأبناء بالمذاكرة.. لتتولى الزوجة الأم أمور الكنس والتنظيف.. ليتكرر مشوار كل يوم.. إيقاظ وإفطار وعمل وطبخ وكنس ومسح من جديد.

قالت صاحبة الكتاب.. وقد احتقن وجهها.. إن كل ما تقوم به المرأة يجب أن يتوقف على الفور.. وعلى المرأة أن تواجه الرجل.. ولن يتم ذلك سوى بعودة المرأة للبيت.. لتجلس معززة مكرمة.. وعلى الزوج أن يتكفل بالصرف والإنفاق..!

صمتت الحاضرات لبرهة.. وقد استعدن كلام زميلتهن النحيفة.. ثم فجأة دوى التصفيق والهتاف.. وقد رفعت النساء زميلتهن عاليًا فوق الرءوس!

ويحاول الرجل الفرنسى الآن.. إقناع زوجته بالتخلى عن الأفكار الهدامة.. للمرأة التى اسمها فرانسواز دانييل.. والتى أحدث كتابه انقلابًا حقيقيًا فى المجتمع الفرنسى..!

نسأل الله ألا تسمع عنه زوجاتنا العاقلات.. اللاتى يساهمن مع الزوج الكادح والغلبان.. فى أعباء ومصروفات البيت.. واللاتى لا يمانعن بالإضافة للعمل الخارجى.. فى طبخ البامية والكوسة وصوانى البطاطس والمسقعة!