
هناء فتحى
عكس الاتجاه.. «ماكرون» يأكل بنصف مليار دولار فى بيت «بايدن» الأبيض
كان هو الخبر الأبرز والأوسع انتشارًا فى كبريات صُحف ومَجلات ووكالات أنباء وقنوات أمريكا وأوروبا الأسبوع الماضى، حين حل الرئيس الفرنسى ضيفًا على الرئيس الأمريكى.. الخبر الذى كان عنوانًا للبَذخ الذى وصل الى حد السَّفه فيما يتعلق بإقامة مأدبة عشاء داخل البيت الأبيض للرئيس الفرنسى «ماكرون» والوفد الكبير المرافق، العَشاء والضيافة والإقامة التى كلفت الخزانة الأمريكية نصف مليار دولار فى ليلةٍ واحدةٍ!.
ماذا أكلوا؟ أحجارًا كريمة؟ أمْ أسلحة؟ كان هو السؤال الأول الذى لا بُدّ أن (يفرتك دماغك).. ثمّة أسئلة كثيرة ستأتى فيما بعد، والإجابة كانت صادمة: قالوا، وأنت تحسب أسعار عشرات أنواع المشروبات والأطعمة للضيف الفرنسى وزوجته لا تنسى حساب قيمة أسعار الأكواب والأطباق التى قُدّمَت فيها! نعم، كانت ذهبًا وفضةً، أو شيئًا من هذا القبيل.. ومن أجل عيون «ماكرون» وحده فتح بايدن حجرة طعام البيت الأبيض المُغلَقة منذ عامين!
قبل تلك الزيارة بأيام كانت الحرب الكلامية والتهديدات مشتعلة بين الرئيسين بسبب الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى حلت بفرنسا وأوروبا وبالعالم جراء الحرب «الروسية- الأوكرانية» التى أشعلتها أمريكا- ولا تزال- ولا تنسى أنهم أخرجوا لماكرون وحده دون غيره من زعماء العالم مستندات فضيحة الشذوذ الجنسى بينه وبين أحد مساعديه، من بين أحد عشر ألف مستند كانت فى منتجع ترامب الذى داهمته الـ «FBI» ولم تفصح المؤسّسات الأمريكية المعنية عن مستندات غيره!
كان التهديد لماكرون وليس لترامب.. ثم جاءت مأدبة العشاء الرسمية الغرائبية كرشوة أو صُلح أو تهديد آخر؛ لحوم وكافيار وأسماك وأنواع من الأجبان.
إليك بالتفصيل: سرطان البحر وكافيار أوسيتيا الأمريكى ولحوم ومقبلات كثيرة متنوعة أهمها مربى الكراث.. والتحلية كانت أصنافًا من عدة دول مثل أورانج شيفون كيك وآيس كريم ومشروبات عدة منها كاليفورنيا واين ومشروب شاردونيه ونبيذ وردى.. بينما بلغت أعداد المدعوين أكثر من 300 ضيف من الأسماء الرفيعة المستوى تنوعت وظائفهم ومهامهم ما بين أمهر العازفين وكهنة رجال السياسة ومشاهير المذيعين وكبار الممثلين وكبار القادة العسكريين ورجال المخابرات، وزوجات الجميع.
كل الحضور على المأدبة وعلى رأسهم بايدن يدركون أن ماكرون هو أكثر زعماء العالم قربًا وتأثيرًا على «بوتين» وقراراته الأخيرة، وأنه اعترض على تسليح أوكرانيا، وأن ماكرون وحده هو من حاول نزع فتيل الحرب قبل نشوبها، الحرب التى أشعلتها أمريكا، وأن ماكرون وحده من بين الدول الأوروبية الذى صرخ معترضًا رافضًا غاضبًا الأسعار المرتفعة التى تبيع بها أمريكا الغاز للأوروبيين.
هل أراد بايدن أن يُطعِم الفم كى تستحى العين؟ وهل يخضع ماكرون بـ(عشوة).. بالطبع لا، تعلم الإدارة الأمريكية وممثلها «بايدن» ونائبته بأن أمريكا فى معادلة الحرب الجديدة ستخسر وستعلو دولٌ وإمبراطوريات ما كانت فى الحُسبان، وأن الجميع متورطون ومنزلقون فى أسفل التربة الطينية اللزجة و(مشويون) فى نار الحرب التى أشعلوها، هُنا والآن وفورًا كان لا بُد من إيقافها مع قليل من بذل ماء وجه أمريكا وكثير من هيبتها المزعومة، فكان أن أعلن «بايدن» - على مائدة العشاء- رغبته فى إيقاف الحرب ولقاء «بوتين» على أن يكون «ماكرون» وسيطًا بينهما!
هُنا وعند هذا التصريح تدرك جيدًا كل تفاصيل وملامح وتعبيرات وجه أمريكا المأزومة التى تنتظر إشارة من «بوتين» وقرارًا من زعماء «أوبك بلاس» وتنتظر كلمة ونظرة من «ماكرون» الذى أكل وشرب بنصف مليار دولار وغسل يديه وسمعته فى ليلة واحدة.
وبوتين لم يُعلّق لا على بذخ الوليمة ولا على طلب إنهاء الحرب وما زال يدك أوكرانيا من كل ناحية.. هل كانت مأدبة العشاء الممدودة لماكرون هى فقط الحدث الأمريكى المدهش فى زيارته للبيت الأبيض؟ لا؛ ثمة زيارة أخرى تحتاج تحليلات وتفسيرات وتأويلات قام بها «ماكرون» لـ«إيلون ماسك» الملياردير الأشهر، الذى اشترى تويتر ليس فقط لكى يعيد إلى «ترامب» حسابه المحظور ويعيد إليه تغريداته المُسلية؛ لكن إيلون ماسك اشترى تويتر لغرضٍ آخر فى نفس يعقوب يتعلق بملفات كمبيوتر «هانتر بايدن» التى وضع يده عليها بالكامل وهدد بنشرها على المَلأ (إن لم …)، الكمبيوتر والملفات والفضيحة المدوية المرتبطة بعلاقات وأعمال مشبوهة بين ابن «بايدن» وبين أوكرانيا!
أوكرانيا؟ الحرب التى تدور رحاها فى أوكرانيا لم تجرِ اعتباطًا! ما هو سر أوكرانيا؟ إنهم يدفعون الأموال فى صناعة السلاح.. ويدفعون الأموال فى إقامة موائد الطعام.. ويدفعون فى غسيل السمعة والأموال.