الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحقيقة مبدأ.. 1897

الحقيقة مبدأ.. 1897

قطعًا لن يذكرك هذا الرقم بشىء.. وقد يسارع البعض باستخدام محرك البحث الأشهر «جوجل» لمعرفة سر هذا الرقم والذى قد يكون عددًا لبشر أو سعرًا لمنتج وربما يكون تاريخًا لحدث!



نعم هو تاريخ لحدث هزت تبعاته العالم وستظل لسنوات ليست بالقريبة.

فى أغسطس 1897 كان المؤتمر الصهيونى الأول والذى أدى بعد حوالى 51 عامًا من انطلاقه إلى إعداد الدولة الإسرائيلية كشوكة فى ظهر المنطقة؛ وقد يظن القارئ الكريم أن مجمل المقال سيكون عن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 30 نوڤمبر المنتهى من هذا العام الجارى وكذلك حول تحليل كلمات المندوبين الدائمين تعبيرًا عن مواقف بلادهم!! فبغض النظر عن أنه اجتماع  لم يأت بأى جديد ولن؛ فإن تعريف الماء بالماء أو محاولة إضاعة وقت القارئ فيما هو معلوم ليست من شيم الكاتبة، بل إنها تؤثر أن تعطى للسيد القارئ مجموعة من الحقائق - بعضها كارثى - وبعض الطروحات التى قد تفيد: 

1  - غالبية من وُلد فى منطقتنا العربية منذ سبعينيات القرن العشرين وحتى المولودين فى بدايات العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين لا يعرفون شيئًا عن قضية الصراع العربى الصهيونى وغير مهتمين بالمعرفة. 

2 - غالبية مواليد الستينيات من القرن العشرين وحتى من هم فى عُمر العاشرة الآن لا يعرفون الفارق بين اليهودية والصهيونية بل محملين بكراهية مطلقة دون سبب واضح تجاه اليهود.

3 - اليهودى ليس مصابًا بالخنف وليس أجدع الأنف والفتيات لا يحترفن الغواية ولسن بالضرورة جميلات.. اليهودى إنسان عادى.

4 - كانت مصر هى الوطن الأول الذى نشأت فيه اليهودية وبالتالى فإن الوجود اليهودى بمصر هو الأقدم فى العالم حتى لو قورن بفلسطين، ذلك أن الوصايا العشر التى تعد البداية الفعلية لليهودية نزلت بشبه جزيرة سيناء التى هى جزء لا يتجزأ من مصر منذ عهد الأسرات المصرية القديمة وتحديدا الأسرة 26 والتى يظن الباحثون أنها مواكبة حتى نبى الله أرميا. 

أربع من النقاط كانت لزومًا لما سيأتى فى متن هذا المقال ووصولا لخلاصته؛ تزامن النشاط الصهيونى للطائفة اليهودية فى مصر مع بدايات ظهور الحركة الصهيونية العالمية، التى وجدت فى يهود مصر طائفة كبيرة وقريبة جغرافيا من فلسطين، ومن هذا الواقع فإن كسب دعم تلك الطائفة وتسخير طاقاتها البشرية والمادية فى خدمة الصهيونية العالمية كان أحد أهداف المنظمة الصهيونية، وفى عام 1897 تأسست أول جمعية صهيونية فى القاهرة باسم (جمعية باركوخبا الصهيونية)، ثم توالت بعدها المنظمات والمؤسسات التى تروج الفكر الصهيونى فى مصر ولهجرة اليهود إلى فلسطين وأخذت تلك المؤسسات تصف أبناء الطائفة اليهودية فى مصر بالضيوف الذين لا يمكن لهم أن يستقروا أو تهدأ خواطرهم إلا فى دارهم، نشطت الحركة الصهيونية بين صفوف الطبقات الفقيرة من يهود مصر، وأخذت الدعاية الصهيونية تعدهم بالرخاء الاقتصادى والديمقراطية والتسامح وحرية الرأى فى دولتهم الموعودة، ومن الجدير بالذكر أن طائفة اليهود فى مصر تمتعت بتسامح دينى وحرية واسعة ودعم حكومى، فلم تكن الحكومة المصرية تتدخل فى شئون تلك الطائفة، وقد ساهم ذلك فى تنامى ظاهرة النشاط الصهيونى فى مصر، وأن ذلك النشاط قوبل فى بداية الأمر بشىء من اللامبالاة من الحكومة ورجال الدين المسلمين وعامة الشعب المصرى، ربما لعدم معرفتهم بالنوايا الخطرة لذلك المشروع العالمى الذى ينوى جمع اليهود من كل أنحاء العالم وتوطينهم فى فلسطين، ومع تنامى الوعى القومى وتطور أحداث القضية الفلسطينية وتزايد حدة الاغتيالات السياسية من قبل المنظمات الصهيونية فى فلسطين، بدأت تتضح مقاصد الحركة الصهيونية وأصبح فى مصر رد فعل رسمى وشعبى تجاه النشاط الصهيونى، وبدأت المظاهرات المؤيدة للصهيونية تقابل بمظاهرات مضادة لها، كانت أحداث خريف عام 1945 مثالاً على ذلك، ولم تكن موجة الغضب الشعبى فى مصر موجهة إلى اليهود المصريين لكونهم يهودا، بل لنشاطاتهم المؤيدة للصهيونية التى كانت تشكل استفزازًا للرأى العام المصرى، فكان هذا الاستفزاز المستمر من قبلهم سببًا فى العدوان عليهم وعلى مراكزهم الاقتصادية فى البلاد والتى أدت إلى هجرة قسم كبير من أبناء الطائفة إلى خارج مصر.

 إن وجود نشاط صهيونى لدى بعض أبناء الطائفة اليهودية فى مصر، لم يمنع بعض أبناء تلك الطائفة من ذوى التوجهات اليسارية من اتخاذ موقف آخر معاكس تماما لذلك، فقد تأسست فى أواسط عام 1946 فى مصر رابطة مناهضة لفكرة الصهيونية العالمية، عرفت بـ (الرابطة الإسرائيلية لمكافحة الصهيونية)، التى كانت ترى أن مصلحة أبناء الطائفة اليهودية تقتضى الوقوف إلى جانب الحكومة المصرية ومحاربة الأفكار الصهيونية. 

متى يمكن أن نضع إجابات موضوعية لأسئلة قد يكون من شأنها المساهمة فى إيجاد حل واقعى حتى ولو بعد 10 سنوات؟

1 - هل استوعب العرب الفروق بين ديبلوماسية الدولة «إسرائيل» وبين ديبلوماسية الصهيونية الدولية؟!

2 - هل طرقت الذهن العربى فكرة أن البكائيات لا تلفت أنظار متخذى القرار الدولى وأن أصحاب القرار لا يضعون فى حساباتهم إلا الأقوياء أو الأغنياء الأذكياء؟!! 3 - ما مدى العلاقة بين المثقفين والسياسيين العرب وبين اليهود التقدميين فى العالم غير العربى؟!!! 

4 - هل مازال العرب (سياسيين ومثقفين) ينتظرون حلًا من الأمم المتحدة أو من عواصم صنع القرار ؟!!!!

5 - هل يريد قادة الفصائل الفلسطينية وقادة منظمة فتح وكذلك الرئيس محمود عباس حلًا للصراع أم أن الصراع يؤمن لهم جميعًا المال والسلطة؟!!!!

خمسة أسئلة تحمل فى طياتها الإجابات طرحتها الكاتبة بصيغ تحمل علامات التعجب أكثر مما تحمل استفهامًا، لمواطنة عربية لا تشجع على حرب وفى الوقت ذاته ترفض التطبيع؛ إلا أنها لا تريد سوى إعمال العقل. 

المتابع والقارئ والمهموم بالقضية سيرى أن صاحبة الصوت الأعلى والأكثر منطقية فى إيجاد الحل بمنتهى الجدية ثلاث دول على الترتيب:

مصر، السعودية والنرويج، وقد يكون فى هذا الثلاثى بداية لجمعية أكثر اتساعًا وأعمق من حيث النفاذية لعقل المجتمع الدولى؛ فإن الأزمة الأوكرانية إن حَسُن استغلال وضعيتها السياسية أمام العالم، لصارت الولايات تكئة يستند عليها فى سبل حل صراعنا الأقدم - بلا حلول - فى التاريخ الحديث.. وبأسف بالغ العالم للأقوياء وليس للأنقياء.