السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ع المصطبة.. ضحايا  التعليم

ع المصطبة.. ضحايا التعليم

قاد الحظ العاثر صحفيًا مصريًا يغطى فعاليات كأس العالم فى قطر، ليصبح الترند عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بعدما تلعثم وهو يحاول أن يسأل مدرب المنتخب المغربى باللغة الإنجليزية فأعاد إلى الذاكرة مواقف مسرحية مدرسة المشاغبين الشهيرة، لم ينقذ الصحفى سوى تدخل مدرب المغرب وطلبه من الضحية التحدث باللغة العربية.



هذا الصحفى الذى نال ما ناله من تهكم هو فى واقع الأمر ضحية نظام تعليمى دأب على مدار عقود مضت على تخريج أنصاف متعلمين يجهلون التحدث بأى لغة أجنبية بشكل صحيح، بل لا يستطيعون كتابة لغة عربية سليمة.

هذا الصحفى الضحية، هو النتاج الطبيعى لمعلمى اللغات فى مدارسنا الذين لا علاقة لهم بهذه اللغات من قريب أو بعيد رغم أنهم خريجو كليات متخصصة فى هذه اللغات!

تصادف مع هذه الواقعة أننى كنت أبحث لابنى عن فيديوهات مراجعة دراسية على «اليوتيوب»، لأجد مهازل أقل ما توصف بأنها كارثة بكل المقاييس، فإذا كان هؤلاء المعلمون يتخبطون فى لغتهم التى يدرسون بها لأبنائنا، فكيف سيكون مصير هذا الجيل الجديد؟

لكل لغة لكنات أو لهجات معروفة، فلكنة الإنجليزية البريطانية تختلف عن الأمريكية أو الأسترالية، إلا أنها لهجات لها قواعدها وفى ذات الوقت مفهومة للكافة، لكن ما تنطق به ألسنة هؤلاء المعلمين فى بلادنا لا علاقة له بالإنجليزية بأى شكل من الأشكال، فهى سمك لبن تمر هندى.

ما يحدث الآن هدر لمليارات الجنيهات تصرف على تدريس اللغات بما فيها اللغة العربية، سواء من حيث ما يصرف لهم من مرتبات وتكلفة طباعة الكتب وتطوير المناهج، بينما لم تمتد يد التطوير إلى المعلم نفسه رغم أنه العنصر الأهم فى العملية التعليمية برمتها، فلا فائدة من أى تطوير ما لم يتم تطوير المعلم نفسه.

والسؤال هنا، كيف خرجت كليات التربية والآداب هذه النوعية من المعلمين على مدار العقود الماضية؟ ومن المسئول عن هذا التردى فى مخرجات التعليم، سواء الجامعى أو ما قبل الجامعى؟ وما هى خطط وزارة التربية  للنهوض بمعلمى اللغات؟

حسنًا، فعلت وزارة التربية بتدريس اللغات الأجنبية بدءًا من الصف الرابع الابتدائى، لكن هل أعدت معلمين مؤهلين لتأسيس هؤلاء الأطفال بما يتواكب مع المناهج الجديدة؟ الواقع يؤكد أن أمرًا من هذا القبيل لم يحدث، فهل يعقل أنه بعد تدريس اللغة الإنجليزية ثلاث سنوات فى الابتدائى وست سنوات فى الإعدادى والثانوى، أى تسع سنوات متواصلة، ثم يتخرج الطالب وهو لا يستطيع مجرد التواصل بهذه اللغة؟!

لابد من تطبيق «رخصة مزاولة المهنة» على هؤلاء المعلمين من خلال دورات تدريبية تقدمها مراكز متخصصة بالجامعات أو خارجها مثل المركز الثقافى البريطانى، أو المركز الثقافى الفرنسى، وغيرها من الجهات المشهود لها بالجودة العالية، يخوض المعلم بعدها امتحان جودة يحدد مدى صلاحيته لتدريس اللغات من عدمه، فإذا أخفق تعطى له فرصة ثانية، وإذا ثبت عدم جدوى تطويره يحال إلى أى وظيفة إدارية، أما ما يحدث الآن فهو مجرد تخريج لأنصاف المتعلمين وهدر للمال، وقبل كل ذلك هدر لثروة بشرية نحن فى أمس الحاجة إليها.