الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فصل عاصف بالمواجهات والتحديات تغير مناخ النظام الدولى

فى عالم أحادى القطبية، بقيادة «الولايات المتحدة»، عرف المسئولون الدوليون، والخبراء والمحللون السياسيون- لأكثر من عقدين- طبيعة السياسة العالمية، والتوجهات الاقتصادية، وحتى التحركات الدولية، لكن خلال السنوات القليلة الماضية، حدث تغير فى المشهد على المسرح الدولى، عبر صعود عدد من اللاعبين الآخرين كمنافسين واضحين، ليأخذوا مكانتهم كدول كبرى، بل وصل الأمر لأن يتربع بعضهم على كرسى (الكبرى) دون نزاع عسكرى، لتتغير الأحداث العالمية بوتيرة سريعة غير مسبوقة، ويصبح المشهد ضبابيًا بشكل ملحوظ، ما أدى لتسليط الضوء، وتكرار الحديث حول (تغير النظام الدولى) لشكل جديد.



وما لبث الحديث حول (تغير النظام الدولى) أن يعلو صوته، حتى قام المحللون السياسيون حول العالم لتحويل أنظارهم على طبيعة السياسة الخارجية للدول الكبرى المتنافسة وتداعيات قراراتهم على الساحة الدولية تحت مجهر التحليل العسكرى والاقتصادى الجيوسياسى فى محاولة لرصد التغير الذى يحدث فى الأفق العالمى.

اتفق المحللون السياسيون أنه من الواضح أن العالم يواجه الآن مجموعة واسعة من الحروب والأزمات المحتملة، ولكن ما هو أقل وضوحًا، هو حجم المواجهة بين الدول الكبرى، أى «الولايات المتحدة»، وشركائها الاستراتيجيين، مع كل من «روسيا، والصين» تحديدًا؛ إلى جانب المستويات المتزايدة لأنواع العنف الأخرى التى تظهر على المستوى العالمى، ومدى خطورة هذه الحروب والأزمات، وماذا يمكن أن ينبثق عنها فى المستقبل؟

تحليل جديد لـ«مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» (CSIS)، استكشف أن هذا الشتاء سيكون مضطربًا للغاية فى العديد من مناطق العالم، خاصة بعد ارتفاع مستوى المواجهة بين القوى الكبرى بشكل حاد، مع استخدامهم سياسة تسعى لما اسموه (إخضاع العدو دون قتال)، وأصبح التنافس بينهم يعادل الحرب السياسية والاقتصادية.

فقد أوضح هذا التحليل أن الحرب يجب ألا تعنى صراعًا عسكريًا فعليًا؛ مشيرًا إلى تعريف الجنرال العسكرى الصينى «سون تزو» فى أطروحته التى صدرت منذ أكثر من ألفى عام (فن الحرب) فى القرت السادس قبل الميلاد، والتى نوّه فيها إلى إنه ليس بالضرورة أن تنطوى الحرب على استخدام القوة العسكرية، أو أى شكل من أشكال القتال الفعلى، قائلًا، إن: «فن الحرب الأسمى، هو إخضاع العدو دون قتال»؛ وهو ما رآه باحثى مركز (CSIS) ينطبق على كل شكل من أشكال المواجهة بين القوى الكبرى.

بصورة أوضح.. فإن التوقعات بالنتائج الرهيبة للعملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا»، وسباقات التسلح الغربية الحالية مع «روسيا»، و«الصين»، والمواجهة بين الدول الأخرى على مستوى العالم، إلى جانب الأنماط العامة الحالية للتنافس العالمى على جميع الأصعدة والمجالات، تشير إلى أن العالم يواجه– بالفعل- سلسلة مما سمّوه (حروب الشتاء) المحتملة، والتى قد تكون مستمرة حتى عام 2023، رغم أن بعضها قد لا يتصاعد ليصبح صراعًا عسكريًا، ولكنها– حتمًا- حروب على المستوى السياسى والاقتصادى للردع، أو لممارسة النفوذ على الساحة الدولية.

كما أظهر التحليل أن القوى الكبرى، والدول المتقدمة تشارك بنشاط فى محاولة تحقيق (فن الحرب الأسمى). من الناحية العملية، يتم خوض العديد من (حروب الشتاء) على المستوى السياسى والاقتصادى والأيديولوجى، ومن خلال بناء قوات عسكرية وطنية، بطرق تمنحها نفوذًا استراتيجيًا كافيًا لإجبار الجانب المقابل على تحقيق أهدافه الاستراتيجية لخصومه دون قتال مباشر بينهم، بهدف تغيير السلوك السياسى والاقتصادى للدول الأخرى، بدلًا من التغلب عليها، أو لمنعها من ترهيب، أو فرض أنماط عمل معينة على دول أخرى.

وقد توقع التحليل أن هذه الحروب تشكل- بالفعل- مخاطر جسيمة، قد تتصاعد بشكل حاد وبطرق غير متوقعة على الأقل خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة. وتشمل القائمة العالمية للحروب المستمرة فى شتاء (2020-2023)، والتى يبدو من المرجح أن تستمر فى التأثير على الأمن العالمى فى المستقبل فى عدة مجالات ومناطق، نتناول بعضها صفحات مجلة «روزاليوسف» على حلقات، ومنها:

 

 (حرب الشتاء) فى أوكرانيا.

 (حرب الشتاء) بين الغرب وروسيا فى الاقتصاد والسياسة والطاقة.

 (حرب الشتاء) فى تحديث القوة التقليدية، وتعزيزها من قبل «الولايات المتحدة»، وحلف شمال الأطلسى (ناتو)، و«روسيا».

 

 (حرب الشتاء) فى القوى النووية والردع بين القوى الكبرى.

 (حرب الشتاء) فى قدرات الدفاع الجوى/الصاروخى، والتقنيات الناشئة/التخريبية.

 (حرب الشتاء) فى الانتقال من التعاون والمنافسة مع «الصين» إلى المواجهة والتخطيط النشط للحرب.

(حرب الشتاء) بين الكوريتين الشمالية والجنوبية.

 (حرب الشتاء) فى المنطقة الرمادية، والحرب بالوكالة.

توضح قائمة «حروب الشتاء» أن القوى الكبرى تركز -الآن - على الصراعات والمواجهات السياسية والاقتصادية وعلى جهود استخدام القوة العسكرية التى تقتصر فقط على استغلال النفوذ دون الانخراط فى القتال. وحذر التحليل من أن العالم لا يتجه نحو السلام، وأن الأشكال الجديدة للحرب الباردة تقسم جميع القوى الكبرى فى العالم؛ مؤكدًا أن عددًا قليلًا جدًا من الدول الأصغر، لديها مستويات قوية من التنمية، والحكم الفعال، وتتجه نحو السلام والاستقرار.

على كل، فى الحلقة الأولى من سلسلة (حروب الشتاء) تتناول صفحات المجلة تفاصيل أول عنصرين لتلك الحروب، وهى (حرب الشتاء) فى أوكرانيا؛ و(حرب الشتاء) بين الغرب «وروسيا» فى الاقتصاد والسياسة والطاقة.