الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عنصرية الغرب..  كشفت زيف ديمقراطيته

عنصرية الغرب.. كشفت زيف ديمقراطيته

أكدت الحرب «الروسية- الأوكرانية» أن جُلَّ ما يصدر عن الغرب من بيانات عن حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية؛ يكشف زيف هذا العالم وازدواجيته التى وصلت إلى حد العنصرية فى التعامل مع هذه أزمة الحرب أو غيرها من الأزمات الأخرى؛ خصوصًا عندما يتعلق الأمْرُ بقضايانا العربية، فالبكاء على تهجير الأوكران من موطنهم أصبحت تكتب فى شأنه مجلدات وقصص وروايات جميعها لا تتحدث سوى عن المآسى التى يعيشونها، فى الوقت الذى تناسَى فيه هؤلاء المهمومون بالإنسانية، الملايين من أبناء الشعب الفلسطينى المُهَجَّرين عن وطنهم قسرًا وغير مسموح لهم بحق العودة أو حتى دفنهم تحت ترابه، وعندما يلجأ أبناءُ هذا الشعب المُهَجَّر من وطنه والمُلاحَق فى جُل بقاع الأرض للغرب مطالبين بحقوقهم؛ لا يجدون سوَى الصمت التام المتعمد عن النكبة التى أصابته؛ لأنه من وجهة نظرهم لا يتمتع بالبَشرة البيضاء أو العيون الزرقاء والشعر الناعم، وهى بالمناسبة المعايير التى يعتمدها الغربُ عندما يقرّر أن يقف فى صف أحد، غاضًا الطرفَ عن الحيادية والواجبات والإنسانية والحياة الكريمة التى لم يَعد لها وجود فى قاموسهم المزعوم عن الحقوق، وهو بالمناسبة نفس القاموس الذى يُعطى لإسرائيل الحق فى القتل والتشريد وهدم البيوت ومنع السفر والتعليم تحت دعاوَى حفظ الأمن وتوفير السلام لمواطنيها دون غيرهم، والمؤسفُ أن يشاركهم فى ذلك المَحكمة الدولية المنوط بها تحقيق العدل والقصاص بين الدول، فمكاتبها تعج بالكثير من المستندات والوقائع المؤيدة بالصوت والصورة عن الممارسات غير القانونية التى ترتكب فى حق الشعب الفلسطينى.. هذه الممارسات احتاجت إلى خمس سنوات للبدء فى إجراء تحقيق رسمى فى جرائم حرب مشتبه فيها أثناء الحرب على غزة فى 2014 التى راح ضحيتها أكثر من 2100، فى حين بدأت نفس المحكمة بالتحقيق فى اتهامات موجهة لروسيا بارتكاب جرائم حرب فى أوكرانيا بعد 5 أيام فقط من بدء الحرب.. استجابة سريعة وملفتة فى الوقت نفسه، وتعطى مؤشرًا واضحًا على مدَى جدّيّة التعامل عندما يكون الضحية أبيضَ، وتؤكد عنصرية الغرب الذى لم يخجل أو يستحِ من وصول عنصريته إلى القضاء.



ازدواجية الغرب لم تتوقف أو تم وضع حَدّ لها، فمؤخرًا امتلأت صُحُفه ومواقعه بالعديد من المقالات والبيانات تندّد بوفاة الأطفال الأوكرانيين من جراء القصف والتدمير الذى يتعرضون له من قِبَل روسيا، بخلاف معاناة البعض الآخر من برد الشتاء الذى دَق أبوابهم فى ظل عدم وجود تدفئة لنقص الغاز، الذى أدى إلى تعطل محطات توليد الطاقة.. هذه الصحف لم تكلف نفسَها ولو حتى بكلمة وليس بمقالة عمّا يحدث للأطفال الفلسطينيين من إجرام إسرائيلى، متغافلة عن قصد وتعمُّد ما حدث لـ مُحمد الدّرة أو آلاء عبدالله قدوم أو يوسف عماد البالغ من العمر 6 أشهُر، أو الرضيعة إيمان حجو التى اخترقت شظية دبابة جسدها الصغير صاحبة الـ 4 أشهر فقط، أو أطفال عائلة بكر الأربعة الذين أطلقت الزوارق البحرية الإسرائيلية النار عليهم فسقط الأطفال الأربعة شهداء، بعد أن حولت القذائف أجسادهم إلى أشلاء.. بالطبع هذا ليس بغريب على إعلام الغرب وصُحُفه؛ فقد سبق له أن تناسَى من قبل، ما حدث فى مجزرة بحر البقر المصرية، عندما شن سلاح الطيران الإسرائيلى غارة فى صباح الثامن من أبريل عام 1970؛ حيث قصفت طائرات من طراز فانتوم مَدرسة بحر البقر المشتركة، ممّا أدّى إلى مقتل 30 طفلًا وإصابة 50 آخرين وتدمير مَبنَى المَدرسة تمامًا.

السطور السابقة تعد نماذج بسيطة من عنصرية الغرب وازدواجيته، التى تثبت للقاصى والدانى أنه مجتمع يفتقد العدل والحيادية والشفافية، وفى النهاية الإنسانية التى يترحمون عليها عندما يتعلق الأمْرُ بأبناء جنسهم، ولكنهم يفتقدونها عن طيب خاطر متعمد منهم فيما يخصنا نحن أهل الشرق، ولذلك تحديدًا لم يكن بمستغرب ما صدر من بعض جماهيرهم مؤخرًا عندما ذهبت إلى قطر لمساندة منتخبات بلادها المشاركة فى بطولة كأس العالم وهى ترتدى ملابس جنودهم التى شاركت فى الحروب الصليبية على بلادنا فى وقاحة وصفاقة ليس لها من حد، ذلك المشهد تكرّر مرّة أخرَى وفى البطولة نفسها ولكن بصورة أخرَى عندما وضع أعضاء الفريق الألمانى أياديهم على أفواههم أثناء التقاط الصور الرئيسية قبل بداية مباراتهم مع اليابان؛ اعتراضًا منهم على عدم السماح لهم بعدم ارتداء شارة المثليين على قمصانهم، وهو الاعتراض الذى أيّدتهم فيه وزيرة الداخلية الألمانية المنوط بها حفظ الأمن فى بلادها، حين طوّقت ساعدها بنفس الشارة فى تحدٍّ واضح لقيم وتقاليد وقوانين البلد الذى استضافها، وفى النهاية يطالبنا الغرب باحترام حقوق الإنسان وحريته وعدم الاستهزاء بما يؤمن به أو يعتقده؛ ليثبت لنا ولغيرنا من دول العالم الثالث أن العالم متعدد الأقطاب أصبح هو الحل الوحيد المتاح أمامنا، بعد أن عانينا من غطرسته وعدم حياديته وسياسة الكيل بمكيالين التى لم تعد تصلح لهذا الزمن.