السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

البابا تواضروس يوثِّق أهم أحداث الوطن فى مذكراته... بطريرك الكرازة المرقسية يتحدث عن بناء الجمهورية الجديدة ويوثق تغيير الصورة الشاملة لمصر

وطنية بطريرك... هكذا يوثِّق البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى مذكراته والتى حررتها  شيرين عبدالخالق ونشرتها الدار اللبنانية المصرية  دور الكنيسة المصرية بشكل عام، ودور بطريرك الكنيسة المصرية بشكل خاص فى أهم وأحلك الفترات التى تمر بالوطن.



إن مذكرات البابا تواضروس الثانى (سنوات من المحبة لله والوطن) توضح دور الكنيسة ونهجها الوطنى الذى يسير عليه كل بابواتها، ولكن الله اختار البطريرك الـ118 ليكون شاهدًا على فترة من أهم فترات هذا الوطن وجعله يشارك فى مرحلة فارقة وفاصلة فى تاريخ هذا البلد؛ بل جعله شاهدًا على ميلاد «جمهورية جديدة» أسَّسها الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية والذى كان من أهم سماتها تأصيل المواطنة الحقة شكلًا وموضوعًا ومضمونًا.

 

وجاءت مذكرات البابا تواضروس لتبرز الدور الفعال والمحورى للكنيسة فى مساندة الوطن للخروج من عنق الزجاجة وذلك من خلال 12 فصلًا وثق فيها أبرز وأهم الأحداث التى مرت على مصر خلال فترة حكم الإخوان وما عانته الكنيسة تحت قيادتهم وقيام ثورة 30 يونيو ودوره البارز فيها وما قام به خلال الفترة الانتقالية والتى كانت تحت قيادة المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية السابق والذى قام بتقديم الكتاب.

كشف البابا تواضروس أيضًا فى مذكراته كواليس 3 يوليو والدور الذى قام به فى توضيح حقيقة الأحداث للعالم الغربى، وهو الدور الذى برز خلال لقائه بالمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل والرئيس الفرنسى ماكرون والملكة إليزابيث وكذلك لقاءاته مع البرلمانات المختلفة الخارجية.

فقال البابا تواضروس عن أحداث 3 يوليو «وجاء يوم الأربعاء الثالث من يوليو، وتحديدًا الثانية ظهرًا، ففوجئت بمكالمة من القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، وطلبوا منى الحضور إلى اجتماع بعد ساعة بالقاهرة، ورددت معتـذرًا بتلقائية وأخبرتهـم بأننى فى كينج مريوط، ولم تمض سوى دقائق قليلة وأعادوا الاتصـال وأخبرونى بتجهيز طائرة هليكوبتر فى أقرب مطار لـي، وهو مطار برج العرب، وقالـوا لى: «مـن بـاب الطمأنينة وحتى لا تقلق، فضيلة الإمام موجود بالأقصر وأرسلنا له طائرة»، وبالفعل كنت فى مطار برج العرب فى الثانية والنصف ظهرًا، وكان فى استقبالى هناك رئيس المطار، الذى رحب بى واستقللت الطائرة الهليكوبتر بصحبة اثنين من الطيارين، وكانت المرة الأولى التى أركب فيها طائرة هليكوبتر، وفى أقل من خمس دقائق كانت الطائرة محلقة فى السماء، وهبطت فى مطار ألماظة، وأخذتنى سيارة من هناك إلى مبنى المخابرات، وبعد وصولى وصل فضيلة الإمام شيخ الأزهر، والكاتبة سكينة فؤاد، والدكتورمحمد البرادعى، وممثل عن حزب النور، وممثلون عن الشباب، وكان عدد الحضور حوالى 20 شخصًا، ثم جاء الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، والفريق صدقى صبحى، وبعض القادة العسكريين، وقام الفريق أول عبدالفتاح السيسى بقيادة الجلسة، وبدأ يتحدث عـن معطيات ما يدور فى البلاد، والوضع الراهن، وسأل كلًا منا عن وجهة نظره، ومن بين الحضـور مـن قـال إن الحـل هـو انتخابات رئاسية مبكرة، وهنـاك مـن طلب منح مرسى سـنة أخـرى كفرصة أخيرة، ومنهـم من وجـه النظـر لحالة الغليـان فـى الشـارع، إلى أن وصلنا لصيغة توافقية، وقمنا بصياغـة البيـان الشهير».

وأضاف البابا تواضروس قائلًا «وبعـد أن انتهينـا، كان الجميع فرحين وتبادلنا التهانى والأحضان، وجلسنا على مائدة واحـدة نتناول الطعام ونتابـع إذاعـة البيـان بالتلفزيون الرسمى، وكانت لحظات فارقة لا تُنسى، وبدأت أشـعـر بـأن الوطن يتعافى ويعود من خاطفيه، وكانت الطائرة بانتظارى لأعـود مـرة أخرى إلى برج العـرب، وأخذ الطيار يحلق بى مقتربًا من الملايين الذين ملأوا الشوارع والميادين فرحين بما حدث، فاللحظة فارقة، لحظة بطولة حقيقية تستعيد بها مصر مكانتها».

وقبل أن يتحدث البابا عن ثورة 30 يونيو كشف عن آخر لقاء تم بينه وبين الرئيس الأسبق محمد مرسى فقال «عندما وجدنا  حالة الاستقطاب شديدة والغليان والتظاهرات التى تملأ الشوارع اتفقت مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على أن نزور الرئيس محمد مرسى لننقل له حالة الغليان الموجودة بالشارع المصرى ولنستوضح رؤيته، وتواصلنا مع الرئاسة وتم تحديد موعد فى 18 يونيو الساعة الرابعة عصرًا، ولم يكن لدينا أى هدف من الزيارة سوى مصلحة البلـد والاطمئنان على سلامة الوطن، ومحاولة تهدئة الأمور، خاصة مع تصاعـد حـالـة الغليان فى الشارع المصرى، وجلسنا معه من الرابعة حتى الخامسة كما كان مقررًا لنا – وعلى مدار ساعة كاملة، كان يهذى بعبارات غريبة، مثل: «ضبطنا 600 ألف قرص ترامادول»، و«ترعة السلام يحدث بها بخر للماء»، وهذا مشروع فاشل وهذا مشروع ناجح، وأن هناك كفاءات ترفض العمل معه فى الحكومة، وبعد ساعة كاملة وهو يتحدث نظر إلى الساعة، وكانت تشير  إلى الخامسة فأشار لى قائلا «اتفضل اتكلم» فتحدثت بألفاظ هادئة، وقلت له : «هناك حالة غليان فى الشارع، وأرجو أن يكون هناك نوع من المساواة فى القرارات»، فقال لى: «مثل ماذا؟» فرويت له حادثة بنت قبطية مدرسة بالأقصر اسمها دميانة» اتهمت بازدراء الأديان، فحكم عليها بالسجن ثلاث سنوات وغرامة 100 ألف جنيه، وفى الوقت نفسه كان هناك شخص مسـلـم أهـان الإنجيل فى القاهرة، فحكم عليه - بغرامة خمسة آلاف جنيه، وحينما رويت عليه هذه القصة كنت أتطرق لقيمة العدالة وعدم ترك بذرة لأى فتنة طائفية، وقبل أن أكمل حديثى وجدته يباغتنى بقوله: «أنا أدفع المائة ألف جنيه وحين سمعته يرددها أسقط فى يدي، واستشعرت وقتها أنه لا توجد فائدة، وأنه فى وادٍ آخر، وأن شواغل الشارع وغليانه لا يعنيه فى شىء، ثم أذن لفضيلة الإمام بالتحدث فبدأ حديثه بحالة الغليان فى الشارع، ثم تحدث عن التجاوزات التى تحدث فى حق الأزهر الشريف، وممارسات ضد أماكن إسلامية، وفتح الطريق أمام الشيعة»، واستمر اللقاء ساعة أخرى، وقبل أن نغادر سألناه: «ماذا سيحدث سيادة الرئيس يوم 30 يونيو؟» فكان رده يدل علـى أنـه مغيب وغير مستوعب لما يدور حوله.

فخرجنا من هذه المقابلة ونحن نتضرع إلى الله أن ينقذ مصر. ومن الأشياء الغريبة التى أصرت عليها الرئاسة آنذاك، ألا نغادر سويًا أنا وفضيلة الإمام، وأن يغادر كل منا فى سيارة منفصلة.

كنت أشعر بأن العلاقة الطيبة مع فضيلة شيخ الأزهـر تقلقهم ولا تأتى على هواهم، وانطبع لدينا أن هذا الشخص مغيب، ربما عن قصـد أو دون قصد، وأنه «ليس لها من دون الله كاشفة».

وبعد نهاية فترة الإخوان وثق البابا تواضروس فى مذكراته خطوات تأسيس الجمهورية الجديدة والتى كانت بداية لحقبة جديدة فى حياة المصريين حيث توقف البابا عند عبارة «لا إقصاء لأحد» والتى جاءت فى خطاب تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسى حيث قال « ثـم جـاء يـوم الثامن مـن يـونيـو وشهدت أداء الرئيس عبدالفتـاح السيسى لليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، ثم الحفل الأسطورى غير المسبوق للتسليم السلمى للسلطة، فلأول مرة فى تاريخ الجمهورية يكون لدينا رئيس يسلم رئيسًا سابقًا له ويمنحه قلادة النيل، أجواء رائعة وغير مسبوقة، لحظات لا تنسى فى عمر الوطن وكان الوعد بغد أفضل لوطن يستحق، كنت فى هذا اليوم أكاد أطير فرحًا، فأنا أرى مصر على الطريق الصحيح، وأرى مراسم منضبطة كالتى نراها عبر الشاشات فى كبريات الأمم».

ثم جاء خطاب الرئيس السيسى ومـن بيـن ثنايا هذا الخطاب القيم جاءت عبارة «لا إقصاء لأحد»، ومن ثم فبعد تولى الرئيس مهام منصبه بأقل من شهرين، وتحديدًا فى شهر أغسطس، قام السيد الرئيس بعمـل طيب وهو أنه ولأول مرة يقوم رئيس جمهورية فى مصر بجمع رؤساء الطوائف المسيحية فى مصر، وهم حوالى ثلاث عشرة طائفة، وكلمة طائفة تأتى من يطوف، أى إنه اليوم هنا وغدًا هناك، والحقيقة أن هذا اللفظ لا يليق بأقباط مصر، ولا يصح أن يطلق على أقباط مصر، وأول ما تم دعوتى لهذا اللقاء شعرت بأنه لا يليق بنا، فنحن لسنا طائفة، نحن مواطنون، ولكن مؤسسة الرئاسة تتعامل باحترافية كبيرة وتحفظ للبابا مكانته؛ لذا تم التعامل بمنتهى الذكاء، فقد دعيت قبل الجميع بقرابة الساعة للقاء الرئيس بمفردى، وكان لقـاء وديـًا، تعـرف كل منا فيه على الآخـر أكثر، وكان حميميًا، ثم نزل معى السيد الرئيس للقاء بقية الحضور، وكانت لفتة كريمة وتطبيقًا عمليًا لما جاء فى وعده وخطابهأنه لا إقصاء لأحد».

أما عن دوره فى توضيح الأمور للمجتمع الخارجى فقال: ومع بداية استقرار الأمور فى مصر والانتهاء من الاستفتاء على الدستور، وكذلك انتخاب رئيس الجمهورية، حدث أمر لـم يكن مرتبًا لـه، ولكنه كان تدبيـرًا إلهيًا، وهو قيامـى خـلال هـذا العـام 2014 بعشـر زيـارات خارجية، إلى النرويج وفنلنـدا ولبنان والإمارات وكندا وروسيا وألمانيا وسويسرا، وفيها جميعا كنت أُسـأل عن مصر وعن الأوضاع بها، وكان لدى حديثى مصداقية، فأنا لسـت مسئولًا حكوميًا وإنما رجل دين متجـرد، واعتبـرت هـذا الأمر مهمة وطنية، وحاولت بكل صدق أن أنقـل ما يدور على أرض مصـر، خاصة وأن الآلة الإعلامية العالمية كانت تشـوه كثيرًا من الصورة، وكانت بها مغالطات كثيرة جدًا..

فمثلا حينما زرت فنلندا، تضمن برنامج الزيارة استقبال الرئيس الفنلندى تاريا هالون لي، وأثنـاء اللقـاء قال لى: «لقد كنت فى إجـازة وقطعتها حينما علمت بوجودك لأنى أردت استجلاء الأمور فى مصر»، ووقتها استشعرت أن علىَّ واجبًا وطنيًا حقيقيًا فى نقل صورة ما يحدث فى وطنى.

والأمر نفسه تكرر مع الملك هارلد الخامس ملك النرويج، ورئيسة وزراء النرويج، والتى حرصت على أن تسمع منى عن مصر وما يدور فيها، وكنت أحرص فى الزيارات الخارجية - حتى و لو بشكل غير مباشر - أن أقدم صورة مصر الحقيقية، فمثلا فى هذه الزيارة أقامت كاتدرائية أوسلو لنا احتفالية كبيرة، حضرها العديد من الشخصيات الدينية والقبطية والإسلامية، كشكل من أشكال القوة الناعمة والرسمية، فاستغللت الفرصة وضمنت كلمتى إشادة بوحدة النسيج المصرى الفرعونى. 

وتكرر الأمر فى زيارتى لروسيا، حينما استقبلنى نائب وزير الخارجية الروسى، وسألنى عن مصر ومنطقة الشرق الأوسط، وطبعا هو يتحدث اللغة الروسية، فكان بيننا مترجم، فقلت له إن مصر هى عمود الخيمة، فلم يستطع المترجم إيجاد ترجمة حرفية، ولـم يفهمـوا المعنى، وبدأت أشـرح له ما هـى الخيمة لدى العرب، وأيـن يوضع عمود الخيمة، وما هـي قيمته، فاهتم الرجل جدًا لدرجة أنه أخرج من جيبه ورقة وقلمًا وأخذ پرسـم ويكتب التعبير ويكرره، وهنا اسـتفضت فى شـرح أهمية مصر فى المنطقة، وأن استقرارها من استقرار المنطقة وبالتالى العالم كله، وعن هذه الزيارة أود أن أسجل أنى كم حلمت بهـا، فقد قرأت عن روسيا كثيرًا وعـن الروحانية فى الأديرة الأرثوذكسية، وأكدت خلال هذه الزيارة على أن الكنيسة الروسية بتراثها الروحانى الكبير تستطيع أن تصنع الكثير، فالكنيسة الروسية هى أكبر كنيسة أرثوذكسية فى العالم، وفيها أكثر من 100ألف كنيسـة و800 دير للرهبان والراهبات، ونحن فى مصر نقدر ونثمن الجهود الروسية على المستويين الحكومى والكنسى، وإننا نشكر الله أن مصر بدأت عهـدًا جديدًا من خلال الدستور الجديد والحكومة الجديدة.

وأكد البابا قائلًا: هذه الزيارات واللقاءات كانت تعكس بشكل أو بآخـر بداية تغيير نظرة العالم لنا وبداية تغير الصورة فى مصر، وبدأ بالفعل شكل مصر ورؤيتها يتغيران، وحتى العناصر الديموغرافية بدأت تتغير، ففى هذا العام ولأول مرة يتم افتتاح مشاريع قومية ضخمة لاحتواء سكان العشوائيات والمناطق الخطرة، وهـذه الأماكن التى كانت تعـد حقًا مفرخة للإرهاب، وقنبلة تهدد الــوطـن، وأعنى هنا افتتـاح باكورة هذه المشروعات وهـى حى الأسمرات رقم واحد ورقم اثنين بحى المقطم، والذى انتقل إليه أهالى الدويقة ومنشية ناصر وعزبة خير الله وبطن البقرة ودار السلام، وأذكر أننى قبل أن أذهب إلى الدير خدمت فى بعض المناطق العشوائية ولمست بنفسى مدى المعاناة، وبدأت مصر فى عام 2016 بالأسمرات إلى أن وصلنا الآن لمشروع القرن «حياة كريمة» وفى ظـل ذلك، كان لدى القيادة السياسية تحدٍ فى منتهى الخطورة يتمثل فى فئة الشباب، وهى القوة العظمى فى المجتمع المصرى، وقوته الضارية، ولأن هذا الكتاب شهادة للتاريخ فسوف أكون صريحًا، فمع زوال حكم الإخوان ووجود مرحلة انتقالية ثم انتخاب السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيسًا للجمهورية، كان معظم من يدرك خطـورة حكم الإخوان وتبعاته وأهمية وحتمية التغيير، من الفئة العمرية التى تتراوح بين خمسة وثلاثين عامًا وأكبر، وهؤلاء يدركون قيمة الجيش المصرى ودوره الوطنى، أما السن الأصغر فانقسم بين مؤيد ومعارض ومحايد، وكانت خطوة مهمة للغاية دمج الشباب وانحيازهم للخطوات التى تتخذها القيادة السياسية إلى الأمام، ومن هنا جاءت فكرة انعقاد المؤتمر الوطنى للشباب بشرم الشيخ، فكرة ملهمة ومشاركة حقيقية للشباب مع متخذى القرار، ودائمًا حينما تكون شريكًا فى اتخاذ القرار تكون أيضـا شـريكًا في المسئولية وحريضـًا عليهـا، وكان هناك ذكاء كبير فى اختيار المكان، مدينة السلام تستقبل شباب مصر من كل ربوعهـا مثلما تستقبل قادة العالم، منصة مهمة  يعبر فيها الشباب عن آرائهم وعن طموحاتهم وعن تطلعاتهـم، ومن هذا المؤتمر خرجت الكثير من الأفكار والمبادرات التى أصبح لها أثر كبير بعد ذلك، ويكفى الشعار القائم حتى الآن: «ابدع .. انطلق»، ومن شرم الشيخ انطلقت سلسة المؤتمرات تجوب محافظات وتحدث البابا فى مذكراته عن بناء حاجز الثقة مع المواطن قائلا «أثناء سير مصر فى خطواتها نحو بناء حاجز الثقة مع المواطن المصرى سواء كان شابًا أو كهلًا، وفى إطار رغبة صادقة لبناء اقتصاد وطنى قوى، يفرش الطريق أمام فرص استثمارية واعـدة، كان لا بد من إيقاف المسكنات وإجراء جراحة عاجلة رغم آلامها للاقتصاد المصرى تتمثل فى تعويم الجنيه (تحرير سعر الصرف)، وكان القرار الجرىء فى نهاية عام 2016 بتعويم الجنيه المصرى مقابل الدولار، وهـو كان بمثابة أكبر عملية جراحية للاقتصاد المصرى، إذ تم البناء عليه لينعكس إيجابًا على شتى مناحى الاقتصاد، وهو ما أثبتته المؤشرات فى السنوات التى تلت هذا القرار، فقبل اتخاذه كان الاقتصاد المصرى ينزف من جراء انتشار السوق السوداء للعملة الصعبة، وأى نجاح للاقتصاد كان نجاحًـا زائفًا، ولكن بعد التعويم زادت الشهادات الدولية بنجاح الإصلاح الاقتصادى المصرى، وبدأنـا نتقدم فى المؤشرات الدولية، وزاد الاحتياطى النقدى، واستطاعت مصـر مواجهة تحديات كثيرة مثل جائحة كورونا وتأثيراتها على العالم كله من خلال هذه الإجراءات الإصلاحية وهو كثيرًا ما كان يأتينى أبنائى هنا يشكون من الغلاء ومن هذه الإجراءات الاقتصادية، فكنت أوضح لهم حتميتهـا وضرورتها، وهذا دور أصيل للجماعات المرجعية متمثلة فى الكنيسة والمسجد والجامعات والمدارس والبيوت أيضًا، فالكل فى مركب واحد ويجب أن تُعلى جميعا من مصلحة الوطن.

وهكذا أيضا رصد الكتاب كل التحديات التى تواجه المجتمع المصرى على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية ودور كل مؤسسات الدولة فى إعلاء شان الوطن ودور الكنيسة بصفتها مؤسسة من مؤسسات الدولة لها ما لها وعليها ما عليها.

وبذلك يكون هذا الكتاب صورة موثقة لتغيير رؤية الدولة المصرية نحو مواطنيها وينقل دور الكنيسة فى بناء الجمهورية الجديدة والتى تضمن مستقبلًا أفضل للجميع.