الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحقيقة مبدأ.. على هامش الهامش

الحقيقة مبدأ.. على هامش الهامش

بات الأمر واضحا بمنتهى الجلاء أن العالم بعد اهتمام كامل لا تشوبه شائبة بالحرب الأوكرانية.. فإن هذا الاهتمام بدأ يخبو شيئا فشيئا حتى توضع المسألة كلها فى مصاف القضايا المؤجلة مثلها كمثل قضية الصراع العربى الصهيونى - التى أصبحت مجرد قضية الصراع الفلسطينى الإسرائيلى - بعد إبراهيميات واهنة دون أسباب ممنطقة وكما تضاف الكثير من القضايا العالمية إلى ثانويات التفكير فتصير إرثًا لا يحتفى به؛ تكون الخشية أن تضاف توصيات إعلان الجزائر إلى مرثيات القصائد العربية.



1 - لماذا القمة الآن 

أتت كأول قمة لجامعة الدول العربية تعقد منذ ثلاث سنوات. كان من المفترض أن تعقد فى الجزائر فى شهر مارس الماضى غير أن التوافق حول مواضيعها ومخرجاتها اضطر المسؤولون الجزائريون إلى طلب إرجاء عقدها حتى الأول من نوفمبر سعيا لتقريب وجهات النظر المتباينة بين مختلف الدول العربية حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية وبالتالى تفادى ارتباط اسم الجزائر بفشل محتمل.

وحرصت الدبلوماسية الجزائرية، التى غابت إلى حد كبير عن الشئون العربية لعدة سنوات، على إظهار نفوذها فى هذه المناسبة بإطلاق عبارة «لم الشمل» على هذه القمة فى محاولة لإظهار وحدة الصف العربى. غير أن الانقسامات السياسية بين العرب الذين اجتمعوا فى الجزائر عميقة وقد تحول دون بلورة موقف عربى موحد وذى معنى من كل القضايا.

2 - تباينات أم انقسامات 

تختلف مواقف الدول العربية من قضايا دعم القضية الفلسطينية، والأدوار الإقليمية لإيران وتركيا، وإعادة تأهيل الرئيس السورى بشار الأسد، وإصلاح هياكل الجامعة العربية، فيما يستمر الخلاف الديبلوماسى بين الجزائر والمغرب بشأن إقليم الصحراء الغربية.

وقبيل القمة استضافت الجزائر الشهر الماضى الفصائل الفلسطينية فى محاولة لإنهاء الخلافات المزمنة بينها. وقد سعى الرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون إلى إجراء مصالحة فلسطينية خلال هذه القمة، ووقعت الفصائل الفلسطينية على «إعلان الجزائر للم الشمل الفلسطينى».

ونص الإعلان على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية فى قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها مدينة القدس خلال عام من توقيعه، كما نص على انتخاب أعضاء المجلس الوطنى الفلسطينى فى الداخل والخارج بنظام التمثيل النسبى الكامل خلال عام من توقيع الإعلان.

وإذا كانت الجزائر قد تمكنت من جمع الفصائل الفلسطينية تحت سقف واحد فإن الحظ لم يحالفها فى إقناع كل الدول العربية بإنهاء تعليق عضوية سوريا فى الجامعة العربية. وقد وئدت هذه المبادرة فى مهدها بعد إعلان دمشق فى سبتمبر الماضى عدم حضورها قمة الجزائر تفاديا لإثارة الخلاف بين الدول العربية.

وبالإضافة إلى الانقسام حول عودة سوريا إلى كنف الجامعة العربية، لا تزال الدول العربية منقسمة حول الصراعات فى اليمن وليبيا والتدخل التركى والإيرانى فى المنطقة إضافة إلى التطبيع مع إسرائيل، الخطوة التى أقدمت عليها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان خلال السنتين الماضيتين.

ويبدو أن الدول العربية أبعد ما تكون اليوم عن التوافق حول كل القضايا. كما أنها تواجه تحديات اقتصادية وسياسية وغذائية وأمنية عدة تتطلب تكاملا عربيا مشتركا فشلت القمم الماضية فى تحقيقه.

وعلاوة عن القضية الفلسطينية التى احتلت موقعا محوريا فى القمة طُرح ملف أزمة سد النهضة بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، بناء على تقرير تقدمت به مصر.

3 - طموحات مشروعة

تدفع الجزائر إلى مناقشة موضوع إصلاح الجامعة العربية الذى ظل غائبا عن أجندات القمم السابقة نتيجة خلافات بين بعض الدول الأعضاء. ويدور النقاش هنا حول آلية التصويت بالإجماع وتدوير منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية الذى كان مطلبا للجزائر ودول عربية أخرى فى العقدين الأخيرين وما إذا كان سيشمل هياكل وآليات عمل الجامعة العربية.

4 - مصر تستطيع

تمتلك الدولة المصرية كل قدرات الاستطاعة الممكنة سياسيا وأمنيًا بل ولوچستيًا على صعيد جميع القضايا العربية؛ بداية من حل أزمات المشرق العربى (العراق وسوريا) مرورا بالقضية المركزية فى فلسطين - وفى الحالتين لن تقبل أى من الأنظمة أو الفصائل فى الدول الثلاث مضافًا لها إسرائيل وإيران كمؤثرات خارجية سوى بالوسيط المصرى سواء للحل أو للإعمار ولن تتحسب تركيا لأحد سوى للدولة المصرية كذلك الحال فى الأزمة الليبية ولا يحول دون ذلك سوى خيالات البعض المتمحورة فى قدرتهم على احتلال الدور المصرى أو اعتلاء القيادة العربية!!

كذا هو الحال فى قضية مياه نهر النيل والذى لا تحتاج فيه مصر إلى خلق حلول جديدة بعد ما يزيد على عشر سنوات من التفاوض بل تنتظر موقفا عربيا بقدر وضوح التصريح بقدر فاعلية الموقف!! 

لقد عودت القمم العربية مواطنى دولها على الخروج بقرارات دون تفعيل معظمها. لكن: 

هل يتغير نسق القمم العربية مع قمة الجزائر؟

برأيكم، هل تختلف فاعلية نتائج قمة الجزائر عن سابقاتها؟

هل تتأثر نتائج القمة بمستوى التمثيل فيها؟

هل يتمكن القادة من إصلاح هياكل الجامعة العربية؟

هل لقرارات القمة أثر على السياسة العربية تجاه القضايا والصراعات والحروب؟

هل يعود اليمن؟

هل تهدأ السودان؟ 

أم تضاف التوصيات والنتائج إلى سجلات الهوامش.

وتحيا مصر.