السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شعاع أمل لإنقاذ الجيل الجديد من إدمان الألعاب الإلكترونية مأزق مجلات الأطفال فى العصر الرقمى والعزوف عن القراءة

حملت فى طياتها حكايات ورسمت بأقلام مبدعيها شخصيات نالت إعجاب الطفل وسرعان ما كون معها صداقات، فكان يرسم مع ماجد يلون مع ميكى ويحب مغامرات سوبر مان ويقضى الإجازة مع سمير ويحل ألغاز مصباح علاء الدين. بكثير من الإبداعات شكلت القصص المصورة أداة لا غنى عنها فى اكتشاف المواهب وتنمية قدرات الصغار وبذلك خلقت مجلات الأطفال أجيالاً وجدت شغفها فى حب القراءة، والرغبة فى الرسم، وتجريب الألوان، ومحاكاة العبارات، واحتلت الصدارة دون جدال إلى أن شهدت فى الآونة الأخيرة تحديات جعلت بعضها يتوقف عن الصدور بانتظام والبعض الآخر دخل فى منافسة مع التطبيقات التى أتاحتها تكنولوجيا الاتصال، وسيطرت علينا دون استئذان من خلال محتواها الذى وجدنا فيه عناصر إبهار؛ لتشهد ساحة الإبداع من جديد تحويل القصص المصورة لمحتوى مرئى عرف بالرسوم المتحركة فعاد الحنين إلى العالم الذى كان ينتمى إليه الصغار والمحتوى الذى يفضله الكبار.



 

ولاقت قبولاً واسعًا لدى القراء الذين وجدوا شخصياتهم المفضلة تنطلق من بين السطور وتتحدث مثلهم وتسير أمامهم، كما عملت على جذب جمهور جديد وجد غايته فى المحتوى المرئى بمضامينه المتنوعة التى تمزج بين المغامرات وتوثيق التاريخ وترسيخ العادات.

ونتيجة لاختلاف متطلبات العصر تغيرت احتياجات الطفل الحديث وطرق إشباعه، وذلك ما أكد عليه صناع المحتوى فى تحقيق أجرته مجلة روزاليوسف، حيث أوضحوا أن الكثير من مجلات الأطفال حاليًا تواكب التطور وتربط قراءها بصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعى، وتهتم بعرض محتوى إضافى تفاعلى مع الأطفال يرتبط بمحتوى المجلة الورقية.

وأضافوا أن التطور التكنولوجى تسبب فى عزوف الأطفال عن القراءة، وانشغال الأطفال معظم الوقت فى مشاهدة الفيديوهات الترفيهية، زاد من صعوبة التحدى أمام المجلات المطبوعة أكثر وأكثر.

تحديات ومتغيرات 

تقول د. نهى عباس رئيس تحرير مجلة نور: «إن مجلة الطفل فى الماضى كانت وسيلة مهمة من وسائل الترفيه والتسلية، ولكن مع التطور التكنولوجى أصبح هناك الكثير من الوسائط الإعلامية التى تنافس المجلة والكتاب، ومن بينها المنصات ومواقع التواصل الاجتماعى وألعاب الأطفال الإلكترونية، وبينما هذا هو الوضع بالنسبة لطفل الحضر، إلا أن طفل الريف والمحافظات الحدودية ما زال يجد فى المجلة أداة ضرورية من أدوات الترفيه والمعرفة، ويتضح ذلك من خلال إقبال هؤلاء الأطفال أكثر على قراءة المجلات والتفاعل معها، وما يواجه عالم الكوميكس حاليًا يتمحور حول عدم اتجاه دور النشر إلى إصدار كتب الكوميكس نتيجة لارتفاع تكلفتها، ومجلات الأطفال شأنها شأن المواد المقروءة تعانى عدم الإقبال عليها نتيجة إلى تراجع معدل القراءة بالنسبة للصغار والكبار، وهناك جهود ومبادرات لتشجيع النشء على حب القراءة والتوعية بأهميتها مثل المسابقة الوطنية للقراءة، الذى يعتبر هذا العام هو عامها الثانى».

وترى أن عالم القصص المصورة الآن يحتاج إلى ربطه بمحتوى إلكترونى أكثر إبهارًا من الإصدار الورقى، ولا يعنى هذا إلغاء الإصدارات الورقية، ولكن ربطهما معًا من خلال تطبيقات تكون فيها الكادرات متحركة من شأنه يشجع الصغار على الإقبال على كتب الكوميكس، ولا نغفل أن المجلات الحالية بحاجة لزيادة فى ميزانيتها لتستطيع أن تقدم صفحات أكثر من الكوميكس فى العدد، وتحويل بعض المجلات لرسوم متحركة سيجعل الطفل أكثر إقبالاً على اقتناء وقراءة المجلة الورقية وسيدعم ارتباطه بالشخصية الكارتونية الموجودة بالمجلة، وهناك الكثير من المجلات الموجودة حاليًا تواكب التطور وتربط قراءها بصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعى وهذا ما نفعله فى مجلة نور إذ نهتم كثيرًا بالتواصل مع الأطفال من خلال تلك الصفحات ومن خلال موقع المجلة الذى نقدم عليه محتوى إضافياً تفاعلياً مع الأطفال يرتبط بمحتوى المجلة الورقية.

من جهته يرى هانى الطرابيلى مؤسس موقع عرب كوميكس، أن عالم القصص المصورة للطفل يحتاج أن نتوقف عن معاملة الطفل كأنه حديث الولادة، ويجب أن تخلو مجلات الأطفال من هذه النوعية من القصص، وأن تخاطب الأطفال على أنهم أكبر سنًا، لأن القصص الحالية تتسم بالسذاجة، والطفل يحتاج إلى قصص أكثر نضوجًا مثل القصص البوليسية والمغامرات، كما أن انجذابهم للأجهزة المحمولة مثل الهواتف والتابلت بعيدًا عن القراءة لن يحل بالتمويل، ولكن بتشجيع الأسرة لصغارها على القراءة.

متطلبات العصر 

فى السياق يوضح محمد توفيق رسام الكاريكاتير، أن لكل عصر أدواته وأساليب تواصل الأشخاص مع بعضهم البعض، ومنصات السوشيال ميديا فى هذا العصر أصبحت أحد أساسيات التواصل، وبالتالى الطفل أيضًا يستخدم هذه المنصات بشكل يومى للتواصل واكتشاف العالم من حوله ومن الصعب أننا نقول إنه من السهل جذب الطفل بعيدًا عن السوشيال ميديا بشكل كامل، والقصص المصورة وجدت طريقها إلى هذه المنصات أى أنها يجب أن تذهب للطفل حيث يوجد كى يتفاعل معها ويصل صانعها بها إلى جمهورها من الكبار والصغار.

ويضيف: إن الصورة لغة عالمية لا تحتاج لترجمة مثل المقالات والمواضيع المكتوبة وكما يقال إن الصورة أو الرسم قد يكون فى حالات كثيرة أبلغ من الكلمات وآلاف المقالات، والفنان الجيد هو الذى يستطيع أن يصل برسومه إلى أكبر عدد من الجمهور من خلال إجادة التعبير عن المشاعر والرسائل والأهداف وإن كان هدفه هو الترفيه فقط فيجب عليه إجادة التعبير بواسطة أدواته ودراسة سيكولوجية الجمهور وكيف يؤثر فيه بشكل إيجابى وفعال والخبرة والمصداقية ومتابعة كل جديد أيضًا، فكل هذه العناصر لها دور كبير ومهم، كما أن الكلمة والصورة والرسم أمانة ومسئولية كبيرة ومهمة يجب أخذها على محمل الجد حتى لو كان الهدف هو الترفيه فوضع هذه النقطة فى الاعتبار مهم لتوصيل الرسائل التى يرغب الفنان فى إيصالها والتعبير عنها وأغلبها فى رأيى رسائل تقوم على مبادئ إنسانية واجتماعية مهمة تبنى ولا تهدم تقوى ولا تضعف وتسمو بالذوق العام، كل هذه الأمور يمكن إيصالها بشكل قوى وجذاب ومؤثر من خلال القصص المصورة، ولا تقتصر فى توجهها على الأطفال فقط بل لكل الفئات العمرية المختلفة.

ويواصل توفيق: أقوم فى العادة برسم نوعين من القصص نوع أقوم أنا بتأليفه وكتابته ورسمه، والنوع الآخر يقوم كاتب أو قاص بكتابته وابتكار الأفكار وفى كلا الحالتين أحرص على تنوع الأفكار وقوتها وأصالتها حيث أهتم كثيرًا بتوثيق وتسجيل ورسم كل ما يخص الثقافة والطابع المصرى المعاصر أو خلال العصور السابقة من خلال القصص المصورة لأن الشارع المصرى له خاصية وطابع وذائقة وطعم فريد وعجيب وقمة فى الامتاع من حيث تنوع عناصره البصرية ومجتمعاته وطبقاته وحتى أدق التفاصيل فى يوميات الشعب المصرى الرائع.

ويؤكد أن نجاح القصص المصورة يرتكز على معرفة أساسياتها والتمكن من أساليبها والتى تعتمد بشكل كبير على الحكى المبدع والخلاب لقصص قد تكون بسيطة أو حتى القصص المعقدة ذات التركيبة والبناء الدرامى المشوق، بالإضافة إلى قوة وأصالة وإبداع وبراعة الفكرة فى الأساس حتى لو كان يصاحبها رسم بسيط غير معقد، ويجب أن يصاحب كل هذا المصداقية فى الطرح، وقتها ستجد القصة المصورة طريقها للنجاح، كما أن الفنان المبدع هو نتيجة لثقافة قوية وجيدة وحرة وخلاقة فى الأساس تشجع على الابتكار والبحث، وتمكنه من أدواته والبحث المستمر الدؤوب عن التعلم والتطوير الدائم وقبل كل هذا الدعم الإيجابى والتشجيع فى الاتجاه الصحيح وخلق بيئة عمل جيدة ومشجعة للابتكار والتجريب، كما أننى أؤيد وبقوة فكرة تحويل القصص المصورة إلى رسوم متحركة وشاركت بالفعل فى عدد من تلك المحاولات وأرى أنها مهمة بشكل كبير ويجب دعمها بشكل كبير وفعال وحقيقى، حيث إنها فرصة هائلة لنشر الثقافة المصرية بشكل واسع، فبالطبع أؤيد هذه الفكرة وأتمنى أن تنال حظًا وافرًا من الدعم الحقيقى.

ويقول السيناريست باسم شرف: إن كتابة جزء جديد من عالم سمسم يحتاج لفهم طبيعة الطفل الحديث وذلك بعد أن أصبح الإنترنت هو الحضارة الحديثة التى ينتمى إليها الطفل، فإذا أردت أن أشارك فى كتابة جزء جديد أو أى عمل آخر للطفل سأتعامل مع الطفل الحديث بكل مفرداته وألعابه الإلكترونية، ونجاح المسلسل الكرتونى يتوقف على اختيار الموضوع الممتع والفكرة المدهشة والخيال الواسع، بينما اعتماد الرسوم المتحركة على واقعية الأحداث لا يتلاءم مع الأطفال، وذلك يرجع إلى أن الأنيمشن صنع من أجل صياغة أفكار لا يمكن تنفيذها فى الواقع لإثارة الخيال لدى المشاهد، وتستلزم الدقة فى اختيار الممثلين للأدوار المختلفة والتنفيذ المرتب للبروفات المتنوعة، انتقاء الصوت الملائم للمحتوى المعروض، بالإضافة إلى إمكانيات الإنتاج.

ويضيف: إن عالم سمسم يعد نسخة مصرية من نسخة شارع سمسم الأمريكية، وعندما التحقت بورشة كتابة عالم سمسم كان يعمل بها أساتذة كبار اختاروا الشخصيات، وجزء كبير من نجاح عالم سمسم هو عمرو قورة منتج العمل ودينا أمين رحمها الله، وإشراف وائل حمدى الذى تعلمت منه الكثير، والأهم من ذلك إخلاص فريق العمل وترابطه مما أدى إلى إنتاج عمل رسخ فى الوجدان بشخصياته وعاداته وقيمه.

وعن الصعوبات التى يواجهها كتاب الرسوم المتحركة يوضح أنها تكمن فى ايجاد شركة إنتاج كبيرة تقوم بتنفيذ العمل، حيث إن صناعة الرسوم المتحركة تتطلب تكلفة مرتفعة وإمكانيات ضخمة واحترافية فريق العمل بدءًا من الرسامين والمحركين وانتهاءً بالإضاءة والديكور المرسوم، وشراء هذه الأعمال قليل، ولازال الإنتاج يعمل بطرق قديمة فى الصناعة، وهذا يجعلنى ابتعد عن الأعمال الكرتونية.

ويؤكد أن مشاهدة الرسوم المتحركة لم تقتصر على فئة عمرية دون غيرها، حيث يتعلق بها الأطفال لأنها تقدم عالماً موازياً يتشابه مع خيالهم، بينما يفضل الشباب شخصيات السوبر هيرو، ويتعامل الكبار مع الأنيمشن كونه يذكرهم بالحنين إلى طفولتهم بما يعرف «بالنستولوجيا» فلكل فئة عمرية دوافعها من المشاهدة، وتوقيت عرض مسلسلات الكرتون فى رمضان من شأنه أن يغطى تكلفة شراء القناة لها حيث يشهد الموسم الرمضانى نسبة مشاهدة عالية، ومن ثم يسهل تعويض تكلفة شرائها.

مبادئ وقواعد 

من جانبه يوضح د. أحمد هنو أستاذ الرسوم المتحركة، عميد كلية الفنون والتصميم بجامعة الجلالة، أن نجاح صناعة الرسوم المتحركة يعتمد فى المقام الأول على استمرارية الإنتاج، تنفيذ عملية التحريك بإحكام، والتنظيم الجيد لعناصر العمل، ويستغرق إنتاجها فترة زمنية طويلة بالإضافة إلى التكلفة المرتفعة، ويتطلب تعاون فريق العمل فى المهام المختلفة، وتمتعه بدرجة عالية من الاحترافية فى التنفيذ والدقة فى التصميم، وتكامل هذه العناصر وترابطها من شأنه إخراج عمل متميز فى تصميمه، محكم فى بنائه.

ويرى أن تحويل القصص المصورة إلى رسوم متحركة يستلزم الدراية الكاملة بأساليب تنفيذ المحتوى المرئى، وعناصر الصورة التليفزيونية، والحرفية فى ترجمة المحتوى المطبوع إلى صورة مرئية، فضلًا عن الإلمام المنضبط والفهم الجيد للعمل المطبوع، حيث لم يقتصر ترجمة النصوص إلى محتوى مرئى على الرسوم المتحركة حسب، بل يتسع المجال ليضم مضامين مختلفة كالمضامين الأدبية مثل روايات نجيب محفوظ التى تحولت إلى محتوى سينمائى مرئى لقى قبولًا واسعًا وحظى بنجاح كبير، ويمكن لأى سيناريو أن يتحول إلى رسوم متحركة إذا احتوى على النزعة الخيالية أو انطوى على ما وراء الطبيعة، وإذا توافرت فيه متطلبات الرسوم المتحركة، وتضم مصر عدداً كبيراً من الكتاب المحترفين الذين بإمكانهم أن يسلكوا طريق كتابة الرسوم المتحركة باجتياز.

ويضيف: إن إنتاج الرسوم المتحركة يستهدف الفئات العمرية المختلفة، حيث تكتب رسائل المحتوى بما يتلاءم مع احتياجات ومتطلبات الفئة العمرية الموجه إليها، ومدى ملاءمته مع المستوى الفلسفى الاجتماعى الأخلاقى لهم، ويأتى العمل الفنى مساندًا للقضايا الاجتماعية وبما يتلاءم مع العرف الاجتماعى والثقافة الشرقية المصرية حتى لا يكون بعيدًا عن الإطار العام للمجتمع بكل مميزاته وأخلاقياته المحددة، وذلك من أجل الوصول إلى الهدف النهائى من أى عمل فنى سواء أكان فن تشكيلى أو موسيقى أو كتابة إبداعية أو صحافة، الذى يرتكز على تثقيف الأجيال القادمة وإعطائها القيم الاجتماعية والأخلاقية، والتأكيد على الرسائل العامة التى يتضمنها أى عمل على اختلاف جمهوره المستهدف والتى تكمن فى الجانب الأخلاقى والتربوى، كما أن خلو العمل من هذه القيم يجعل منه عملاً ارتجالياً بلا معنى أو قيمة.

ترجمة النصوص

أما خالد الصفتى، رسام الكاريكاتير ومؤلف مجلة فلاش فيشير إلى أن المحتوى المطبوع للمجلة يتطابق مع المحتوى المرئى لمسلسل فلاش، فلم يطرأ أى تغيرات إلا فيما يتعلق بمتطلبات السيناريو المرئى، والصورة التلفزيونية، إضافة إلى عدة أفكار مستوحاة من المجلة وتخلو منه، وينتمى الموسم الأول من مسلسل فلاش إلى الكوميديا الراقية من خلال عرض مواقف كوميديا سريعة، مع التركيز على التعريف بشخصيات فلاش، والقيم السلوكية التى يتناولها، وذلك من أجل تذكير قارئ فلاش بالمحتوى المقروء، وتشكيل انطباع جيد لمشاهد المحتوى المرئى.

ويضيف: إن الموسم المقبل سيتم تنفيذه فى شكل درامى، والمسلسل يستهدف الفئات العمرية المختلفة ولم يقتصر محتواه على الأطفال، ويأتى اتجاه الشباب للرسوم المتحركة من أجل التغير وسعيًا لرؤية مضامين مختلفة عن المعتاد، بالإضافة إلى أن الأنيمشن يتميز بالإبهار والخيال وقدرته على كسر روتين مشاهدة الأعمال الدرامية، وكتبت السلسة المطبوعة لتستهدف القاعدة الأكبر من الشباب، بينما حازت على إعجاب الصغار لما تحتويه من الرسومات والألوان والشخصيات، ويمزج المسلسل التليفزيونى بين طفولة الشخص ونضوجه لإثارة الحنين للطفولة، وتعلم قيم جديد للشباب. 

ويوضح أن كلمة فلاش تعنى الضوء الوميض الواضح مثل نجوم السماء، وجاءت تسميت المجموعة بهذا الاسم لتكون بمثابة الضوء أو الوميض المبهر، كما أن كتابة القصص المصورة تتطلب الإلمام بأساليب كتابتها وخصائصها التى تختلف عن الكتابة للرواية والقصة القصيرة فضلًا عن توافر الموهبة لدى المؤلف والعمل على تنميتها من خلال القراءة والاطلاع.

الدور الرقابى 

فى المقابل يرى الناقد الأدبى مصطفى غنايم أن تحويل القصص المطبوعة إلى رسوم مرئية يتطلب معالجة إخراجية وفنية جذابة لكى يستطيع الطفل الاندماج معها والتعلم منها، بالإضافة إلى المراجعة الدقيقة لضمان ما يبث فيها من قيم وأفكار والتأكد من خلوها من أى غزو فكرى للأطفال لا يتلاءم مع عاداتنا وتراثنا وتقاليدنا وهويتنا، وعملية التحويل تمثل أحد العناصر الجذابة للأطفال فى عصر الصورة.

ويضيف: إن الكتابة للطفل تمثل أصعب أنواع الكتابة لما تحتاجه من موهبة ورؤية معرفية دقيقة للمراحل العمرية المختلفة التى يكتب إليها المؤلف، ودراستها النفسية، المعرفية البيولوجية، الإجتماعية، تستلزم الاتصال المباشر والاحتكاك المستمر بالأطفال، وذلك من خلال الورش التفاعلية والندوات العلمية، حتى يتمكن من الاقتراب من عالمهم، بالإضافة إلى حاجتها إلى كاتب يستطيع أن ينزل بأسلوبه ويبسط المحتوى فى كلمات محددة للطفل.

ويؤكد على أهمية مراقبة المحتوى الذى يتابعه الأطفال الذى يمثل مهمة مجتمعية تتضافر فيها الجهود من خلال الدور المتكامل الذى تشترك فيه الأسرة والمدرسة التى تكون على وعى بما يقدم، والجهات التربوية والجهات المعنية ببناء الإنسان، والمؤسسات الإعلامية التى تحذر من المحتوى السلبى والتنبيه بمخاطر الأفكار الهدامة.

 انتقاء المضامين

وتوضح د. ولاء شبانة، استشارى الصحة النفسية، الخبير التربوى، أن مشاهدة الرسوم المتحركة وقراءة القصص المصورة تأتى خادمة لشخصية الطفل وعامل إيجابى مساعد فى بناء شخصيته وتربيته بشكل صحيح، ولهما تأثير ذو حدين، فإذا كان المحتوى هادف يرقى إلى مستوى تنمية المهارات والقدرات لدى الطفل، وفتح آفاق جديدة لديهم تتمثل فى عرض بعض الأنشطة غير المعروضة للأطفال فى الحياة الفعلية ولفت انتباهم إلى بعض النماذج السلوكية أو التصرفات الإيجابية فى المجتمع أو ردود الفعل بين الأشخاص وبعضهم البعض، فإنها بذلك تكسبهم قيم ومبادئ أخلاقية جيدة، ويتم استخدامها من أجل غرس المبادئ الأخلاقية الصحيحة والسلوكيات المعتدلة التى يجب بناءها فى الأطفال، كذلك الرسوم المتحركة من شأنها إيصال المعلومات بشكل مباشر إلى الطفل خاصة إذا كان يصعب على الأسرة تقديمها بشكل مبسط.

وتضيف: إن الرسوم المتحركة لها دور كبير فى تنمية القدرات لدى الطفل من خلال اعتماد أغلبها على اللغة العربية مما يؤثر بشكل مباشر فى الأداء الصوتى للطفل وذلك من خلال المحاكاة خاصة فى مراحل الطفولة الأولى، فكلما تأثر الطفل بالشخصيات التى يشاهدها كلما حاول محاكاتها بالتقليد، ويرجع ذلك لكون اللغة تمثل أحد المؤثرات الصوتية التى يتلقاها الطفل أثناء المشاهدة ومن ثم يبدأ الحديث بها والقراءة باستخدامها، لذلك يجب أن تكون الرسوم المتحركة غير مدبلجة إلى اللغات الأخرى حتى لا تتأثر هوية الطفل، فينبغى على الأسرة اختيار الرسوم المتحركة التى تستخدم اللغة العامية أو الفصحى بعيدًا عن اللغات الأجنبية حتى لا تتأثر لهجة الطفل المحلية التى يتربى عليها.

وتؤكد على دور الأسرة الرقابى والذى يتمثل فى مشاهدة وقراءة المحتوى الذى يتعرض له الطفل لتحديد مدى إيجابياته وسلبياته، فلم تعد الرسوم المتحركة بمفهومها القديم الذى يكمن فى محتوى يختص بالطفل ويتمتع بالبراءة الكافية بما يتلاءم مع فئاتهم العمرية المختلفة لإشباع احتياجاتهم، حيث ارتقى بعضهم إلى مستوى الكبار مما أدى إلى اختلاف الفكرة عن الماضى، ويتطلب هذا الأمر من الأسرة متابعة المحتوى بعين الحرص والواجب لكى تستطيع اختيار المضامين التى تتناسب مع أبناءهم، فمثلما توجد أفلام كرتونية تنادى بالمبادئ والأخلاقيات وبث روح المحبة بين الأصدقاء والأهل وحب الطبيعة والفنون والتأكيد على الأنشطة المفيدة للأطفال، هناك على النقيض ما ينادى بأفكار تخالف القانون والشريعة والأعراف والطبيعة التى نتمتع بها كدول عربية.

وتشير إلى أن المجلات المقروءة لها مواصفات تتلاءم مع مراحل الطفولة، ومن شأنها أن تؤثر بالسلب أو الإيجاب فى تعلق الطفل بها وحبه لعادة القراءة أو عزوفه عنها وتكمن فى الألوان المريحة للعين، مستوى الخامات الجيد والنصوص ذات الخطوط الواضحة، وذلك حتى لا ترهق عين الطفل أثناء القراءة، ولا يصح أن تكون الأجزاء القصصية بلغة السرد أو تشبه الحكى بينما تعرض منفصلة حتى يستطيع ذهن الطفل استيعاب المعلومات بشكل أكثر تفصيلًا، فضلًا عن تمتعها بقدر كافٍ من الصور التى يفضل أن تكون حقيقية وليست كرتونية، حيث يوصى باستخدام ألوان غير زاهية مريحة، ويفضل أن يعتاد الطفل على القراءة منذ الصغر، بينما مشاهدة الرسوم المتحركة لا ينصح بمشاهدتها فى مرحلة الطفولة المبكرة التى تبدأ من عام ونصف أو عامين إلى 6 أعوام حيث ينبغى أن يبتعد الطفل فى هذه المراحل عن الأجهزة اللوحية، يجب أن تتمتع الأسرة بصفة المنح والمنع، وذلك عن طريق منع أى عادة سلبية على أن تقابلها بدائل إيجابية لأن الطفل فى ذلك التوقيت يحتاج أن يطلق طاقته بشكل صحيح ومنظم ومن ثم تعمد حرمانه من شىء اعتاد عليه يمثل خطأ من الأسرة، فلا بد أن يعالج الحرمان ببدائل مفيدة تكمن فى استخدام الألوان وتعلم الموسيقى، الرسم، ممارسة الرياضة، أو أيًا من الفنون بما يتلاءم مع موهبته وقدراته باختلاف مستوياتها مع احترام الفروق الفردية بين الأطفال وبعضهم.

مبدعون جدد 

ويقول السيناريست عمرو الطاروطى: هدفنا من تأسيس جروب «كتب أطفال» كان يقتصر فى البداية على تجميع مؤلفى ورسامى كتب الأطفال فى مكان واحد من أجل تبادل الأفكار والخبرات، وسهولة الاتصال بين الرسام الذى يبحث عن مؤلف لكتابه أو العكس، وسرعان ما اتسعت الدائرة بوجود ناشرين مصريين وعرب، فتم عمل أكثر من اتفاق بين ناشرين من جهة، ومؤلفين ورسامين من جهة أخرى، وخرجت إلى النور أكثر من قصة أطفال، وتوسع النشاط بانضمام آلاء عرفة، شيماء سيد، جهاد نشأت، صفية على الدين، سنا بيطار، نهال الجندى، ليشهد زيادة فى عدد المسئولين الذى وصل بمرور الوقت إلى 20 مديرًا مسئولًا عن الجروب، وتعددت الأنشطة لتشمل أكثر من ورشة مجانية منها ورشة الكتابة التى تتيح للمؤلفين المبتدئين والمحترفين تعلم مهارات جديدة فى الكتابة.

ويضيف: «نتعمد أن نتحدث فى كل ورشة عن موضوع مختلف، ونطرق أبوابًا جديدة لكى يتمكن المؤلفون من الكتابة فى المضامين المتنوعة بدءًا من قصص المغامرات وصولًا للقصص التربوية الترفيهية، حيث يتم الاستعانه برسامين كبار متطوعين ليشرفوا على الرسامين الأقل خبرة فى ورش الرسم ونخوض معهم تحديات مختلفة كل أسبوع، وأسفرت نتائج هذه الورشة عن تعلم أكثر من رسام تقنيات جديدة فى الرسم، بينما ورش الأطفال جاءت فكرتها من خلال ملاحظة أن الآباء والأمهات يتحدثون طوال الوقت عن أبنائهم الموهوبين، ويتساءلون عن كيفية تطوير مواهبهم، لهذا فكرنا فى عمل ورشة رسم أسبوعية للصغار أقل من 14 عامًا، وتحظى الورشة كل أسبوع باهتمام أطفال أكثر، ولدينا عدة أفكار لتطوير الورشة للإرتقاء بمهارات أبنائنا، بالإضافة إلى ورش الدوبلاج، وهناك فقرة أسبوعية ثابتة بعنوان «لقاء التاسعة»، نتناقش فيها جميع الأمور التى تهم الأسرة والطفل، فقرة أسبوعية عن أفلام الأنيميشن، وتكلل النجاح بعقد اتفاقات مع كبرى مجلات الأطفال فى مصر لعمل قصص للأطفال كوميكس، إليستريشن مستفيدين بالكوادر الموجودة على الجروب وحتى الآن صدر أكثر من قصة على أكثر من مجلة، ونطمح لعمل المزيد».

ويشير إلى أن مجلات الأطفال تواجه العديد من التحديات وتتمثل فى أن صناعة مجلات الأطفال أمر مكلف وغاية فى الصعوبة، والصناعة ككل غير مربحة، لهذا تحتاج للدعم المادى واللوجيستى، المنافسة الشرسة مع الأعمال المترجمة القادمة عبر الحدود، والتى فى أغلب الأمر تتعارض مع قيمنا ومبادئنا، بالإضافة إلى التطور التكنولوجى الذى تسبب فى عزوف الأطفال عن القراءة، وسائل الترفيه التى لم تعد تتضمن القصص والكتب المطبوعة، وانشغال الأطفال معظم الوقت فى مشاهدة الفيديوهات الترفيهية، زاد من صعوبة التحدى أمام المجلات المطبوعة أكثر وأكثر، كقراء لمجلات الأطفال نطمح بالطبع للمزيد فى عدد الصفحات والمطبوعات، وكصناع لقصص الأطفال، نرغب فى خروج المواهب الحقيقية من المؤلفين والرسامين».

ويؤكد، أن صناع الكارتون يبحثون دائمًا عن الفكرة الجيدة، لا يشترط أن تكون الفكرة قد ظهرت إلى النور فى وقت معين، وما يؤكد ذلك سلسلة مسلسلات أنيميشن بعنوان «نور» التى صدرت عن سلسلة الكوميكس الشهيرة بمجلة نور، وتوالت النجاحات بتقديم مسلسلات نور وعلماء المسلمين، نور فى قرية الطيبين، نور والكتاب العجيب، وجميعها أعمال مستوحاة من سلاسل كوميكس حديثة، كذلك مسلسل الأنيمشن «فلاش» فكرته قديمة وظهرت فى سلسلة كتيبات شهيرة لكنها تظل فكرة طازجة تمتلك المقومات التى تسمح لها بأن تكون مسلسل أنيميشن ناجحا.