الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد مطالبته بتعاون الجهات العربية والعالمية لمكافحة الإرهاب الإلكترونى الأزهر يدق ناقوس الخطر!

مع تطوُّر العصر، وظهور العديد من وسائل التواصُل الاجتماعى تباينت مَظاهر العديد من الأمور، ومن بينها التطرف؛ حيث ظهرت أشكال جديدة من التطرف، ولم يعد التطرف يقتصر على ترويع الآمنين وإراقة دماء الأبرياء؛ وإنما تنتشر- وفى هدوء- أنماط مختلفة أكثر نعومة تسىء استغلال الوسائل الإلكترونية بما لها من قدرة فائقة على النفوذ بين جميع الأوساط والبيئات الاجتماعية، فى هدم الثوابت الأخلاقية وترويج السلبيات؛ لا سيما بين فئات الأطفال والشباب.



 

هذا المعنى أكدت عليه دراسة جديدة بمرصد الأزهر العالمى للتطرف؛ حيث أطلق على ظاهرة تراجُع الثوابت الأخلاقية بسبب شبكات التواصل الاجتماعى مسمى: «التطرف الأخلاقى» أو بعبارة أخرى، الإفراط أو التفريط فى اتباع سلوكيات أخلاقية معينة.

واعتبر «مرصد الأزهر» أن هذا التطرف هو أحد أنواع الإرهاب الناعم.. مؤكدًا أن التطرف الأخلاقى عبر مواقع السوشيال ميديا تنتشر ملايين الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى، أو منصات (يوتيوب) و(تيك توك)، تنطوى على أهداف ورسائل مختلفة بعضها لا يراعى المعايير الفنية والأخلاقية المجتمعية.

وقال المرصد: «نحن بطبيعة الحال لا نعارض الأشكال الفنية ذات المحتوى الهادف، والتى تكاد تتوارَى للأسف مع الانتشار الواسع للفيديوهات والمقاطع المصورة التى تستهدف تقويض البناء الأسرى وهدم المجتمع، مثل: فيديوهات التعرّى والبلطجة، وكذلك ما يسمى بالروتين اليومى وغيرها. مثل هذه الفيديوهات تمثل مؤشرًا خطيرًا على خلل جسيم فى التربية، وانتكاسًا فى الفطرة، وانحرافًا عن الأخلاق الحميدة».

أضاف: هناك العديد من العوامل التى تساهم فى هذه الظاهرة، ومنها: غياب المسئولية الاجتماعية، وسيادة المادة والمال على العقول، وشهوة الحصول على المال دون تعب ونفوذ وسائل التواصل بين جميع الفئات المختلفة، وسهولة تصوير وتداوُل الفيديوهات على الوسائط الإلكترونية المتعددة، والأخطر استغلال بعض أولياء الأمور فيديوهات أبنائهم وبناتهم فى تحقيق مكاسب مالية.

وشددت دراسة مرصد الأزهر، أن المنصات الاجتماعية تحولت إلى قنبلة موقوتة، تهدد بكارثة كبيرة توشك أن تنفجر من شدة ما وصلت إليه من أقصى درجات التردى الأخلاقى، وكان من نتائجها انتشار الجرائم الوحشية. ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير مثل هذه الفيديوهات التى تقدم نماذج للانحراف الأخلاقى والعنف السلوكى، على انتشار معدلات الجريمة، وغياب الوازع الدينى وقيم التسامح، الأمر الذى يضعنا جميعًا فى مواجهة ضد نوع من أخطر أنواع التطرف عبر منصات السوشيال ميديا.

وحول سُبُل مكافحة التطرف الأخلاقى، وكيفية الوقاية من تداعياته السلبية، قال مرصد الأزهر إن لتصدى تلك الظاهرة يتطلب مكافحة إدمان مواقع التواصل الاجتماعى، وتحرير الأجيال القادمة من سيطرة الميديا. تأسيس مواقع تفاعلية فى الجامعات والمؤسّسات التربوية، يقوم عليها مختصون من أجل تبنّى أفكار الشباب وتوجيهها وفق أسُس سليمة لمعالجة ما يطرأ من أفكار تطرفية خاطئة، تنتهى فى بعض الأمور بقتل البعض أو هتك أعراضهم.

وشدد على أنه على الجميع أن يدرك أنه مسئول أمام الله عن تربية أولاده وكيفية تنشئتهم؛ فالنبى (صلى الله عليه وسلم) وصّى الجميع وقال: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته». يعرف جميعنا أن التغيير لا يحدث فى عشية وضحاها، وأنه عملية معقدة تحتاج إلى العديد من العوامل والمحفزات، ودورنا بوصفنا مؤسّسة تعليمية وتوعوية هو بناء الإنسان، والتنبيه على خطورة كل ما أو من يفعل غير ذلك، وبأن خطورة هذا التطرف الأخلاقى لا تقل بأى شكل من الأشكال عن بقية أنواع التطرف.

 

 الإرهاب الإلكترونى

على الجانب الآخر لم يقف تحذير الأزهر عند التطرف الأخلاقى عبر منصات التواصل الاجتماعى؛ إنما اعتبر ظاهرة الإرهاب الإلكترونى من أخطر المَظاهر المعاصرة، وقالت وحدة الرصد التركية بالأزهر فى تقريرها الأخير: إن هجمات الإرهاب الإلكترونى تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الخبيثة أهمها الإخلال بالأمن العام وزعزعة استقرار المجتمعات، وجمع الأموال لتمويل التنظيمات والعمليات الإرهابية، والترويج لأفكار ومبادئ مغلوطة، إضافة إلى بث الرعب ونشر الخوف بين السكان، والإضرار بوسائل الاتصالات والبنية التحتية المعلوماتية. الاستفادة فى السيطرة المكانية وتجنيد أعضاء جُدُد.

أضاف التقرير: إن هجمات الإرهاب الإلكترونى لا تختلف عن هجمات الإرهاب التقليدى، من حيث أهدافها السياسية، فكلُّ إرهاب له هدف سياسى مَهما تدثر بأثواب اجتماعية أو عرقية أو دينية، فالإخلال بالأمن العام وغيره من الأهداف يتجلى فيها الهدف السياسى الأهم وهو تأليب الرأى العام على السُّلطة الحاكمة، وإجبار هذه السُّلطة على اتخاذ إجراءات تقيد من خلالها حرية المواطنين.

ولفت إلى أنه تتعدد أسباب الإرهاب الإلكترونى، والتى جعلت منه ملاذًا تتكئ عليه التنظيمات الإرهابية فى تحقيق أهدافها، من بينها قابلية الشبكات المعلوماتية للاختراق، وذلك لاحتوائها على ثغرات يسهل التسلل إليها، وقلة التكلفة المادية؛ حيث إن تنفيذ مخطط إرهاب إلكترونى لا يحتاج أكثر من جهاز حاسوب يتصل بالشبكة المعلوماتية، ويتم تزويده ببرامج بعينها، كذلك سهولة الاستخدام؛ حيث إن الهجمات الإلكترونية لا تتطلب الكثير من الجهد؛ بل يمكن للمنفذ أن يقوم بها داخل غرفته، وأيضًا صعوبة الاكتشاف، ومن ثم صعوبة إثبات الجرم الإرهابى.  مخاطر الإرهاب الإلكترونى

وقال مرصد الأزهر: إن الإرهاب الإلكترونى يُعَد أخطر أنواع الإرهاب؛ نظرًا إلى فداحة الخسائر التى يمكن أن تخلفها عملية واحدة تندرج ضمن إطاره، ويتزايد حجم التهديدات الناجمة عنه مع التوسع فى استخدام تكنولوچيا المعلومات فى شتى بقاع العالم، ويكمن الخطر الأكبر فى هذا النمط من الإرهاب كونه عابرًا للحدود، إذ لا تقتصر أنشطته وممارساته على إقليم بعينه.

وقد أبرزت دراسة أعدها «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيچية» مكامن الخطر الذى ينبثق عن هذا النمط الإرهابى، وهو الأمر الذى دعا 30 دولة إلى التوقيع على «الاتفاقية الأولى لمكافحة الإجرام عبر الإنترنت» فى بودابست، عام 2002م، فى ظل ترقب دولى من تنامى وتصاعُد تلك الظاهرة.

وفى ورقة بعنوان: (مستقبل الإرهاب الإلكترونى) أُلقيت فى (الندوة الدَّولية السنوية الحادية عشرة لقضايا العدالة الجنائية) قدَّم الباحث «بارى كولين» قائمةً مرعبة بأعمال الإرهاب الإلكترونى المحتملة التى تهدد مستقبل البشرية، أبرزها: الوصول عن بُعد إلى أنظمة التحكم بمصانع الحبوب، وتغيير مستويات مكمِّلات الحديد؛ للإضرار بصحة المستهلكين. إجراء تعديلات عن بُعد فى معالج حليب الأطفال؛ للإضرار بصحة الأطفال الرضَّع. تعطيل المصارف والمعاملات المالية الدَّولية والبورصات؛ لإفقاد النظام الاقتصادى الثقة فيه، وتغيير مكونات صناعة الأدوية عن بُعد لدى شركات الأدوية. تغيير الضغط فى خطوط الغاز، وأحمال شبكات الكهرباء، مما يوقع انفجارات وحرائق مروِّعة، ومهاجمة أنظمة التحكم فى الحركة الجوية، وجعل طائرتين مدنيتين تتصادمان، عن طريق الولوج إلى أجهزة الاستشعار فى قمرة القيادة بالطائرة، وهذا ممكن أيضًا فى خطوط السكك الحديدية.

وعن آليات المواجهة قال الأزهر إنه لمواجهة الإرهاب الإلكترونى لا بُد من توافر خبراء ومتخصصين فى مجال تكنولوچيا المعلومات والاتصالات، وأن يكونوا مدربين تدريبًا عاليًا، ولديهم الخبرة والدراية بطرُق التعرف وصد فيروسات الحاسوب والاختراقات، وأن تتوافر إمكانيات مادية من تجهيزات تكنولوچيا المعلومات والاتصالات الحديثة.

كما شدّد على أهمية التواصل والربط مع الجهات العربية والعالمية المتخصّصة فى مكافحة الإرهاب الإلكترونى، والتحفيز المادى والمعنوى لكل من يساهم فى مكافحة الإرهاب الإلكترونى.