الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كدهوّن!.. يا عزيزى كلنا صلاح!

كدهوّن!.. يا عزيزى كلنا صلاح!

كثيرًا ما يتردد بداخلى سؤال مُلح فى كل مرّة أشاهد فيلم (صغيرة على الحب) من إخراج نيازى مصطفى وبطولة الأسطورتين سعاد حسنى ورشدى أباظة، ماذا تفعل إذا فرضت عليك الظروف أن تقف فى مكان شخصية صلاح وشخصية نادية فى الفيلم ؟ وكِدَهُوَّن..



 شخصيتان تعيستان كل ذنبهما أنهما وقعتا فى حب الأسطورتين سعاد ورشدى ودخلا فى منافسة غير متكافئة معهما فكان من نصيبهما كراهية الجمهور وسخريته من حقهما فى الحب والعمل والحياة ذات نفسها والضحك على هزيمتهما وانكساراتهما طالما دخلا بقصد أو من دون قصد فى منافسة مع نجومنا المفضلين وكِدَهُوَّن.. رُغْمَ أن سعاد حسنى فى الفيلم هى من تلعب شخصية (كريمة) المخادعة الكاذبة التى تتحايل على الجميع لتصل إلى أهدافها وتستغل خطيبها الساذج صلاح (نور الدمرداش) وحبه لها وبراءته كى تستمر فى كذبتها على المُخرج وتقنعه أن يشترك معها فى خديعتها عدة حتى لا تتعرض للقبض عليها بتهمة انتحال شخصية طفلة فيصدّقها المسكين خوفًا عليها وحبًا لها رُغم خيانتها المستمرة له وتقرُّبها من المخرج لتفوز ببطولة الأوبريت ولو أدى الأمر إلى خطف دور البطولة والمخرج ذات نفسه من خطيبته نادية (نادية الجندى) التى تجد الجميع يتعامل معها من أول لحظة كشريرة محترفة لمجرد أن خطيبها هو رشدى أباظة الذى يحب سعاد حسنى وقرّر أنه يلاعبهما لعبة الكراسى الموسيقية فى الحب والعمل فيستبدل نادية بكريمة دون أن يشغل باله بالاعتذار لها وتطييب خاطرها لأنه خانها وأحب فتاة أخرى بمنتهى البساطة، ولم يكتفِ بذلك بل قام أيضًا بطردها من بطولة الأوبريت إرضاءً لكريمة التى لا تتردد هى الأخرى فى طرد خطيبها بمنتهى القسوة لمجرد ظهور رشدى أباظة (النجم الوسيم جدًا) فى حياتها؛ بل تتعمد إهانته عندما ينتهى احتياجها له فتتصل به تلفونيًا من منزل المخرج لتوجه له العديد من الإهانات والتجريح من دون مبرر منطقى لمجرد أنه كان يومًا يحبها (على رأى عبدالحليم) وتعود له فى نهاية الفيلم عندما تصورت أن رشدى أباظة يرفض حبها ويريدها فقط بطلة للأوبريت فتذهب بكل جبروت لصلاح تطلب منه أن يغفر لها تصرفاتها معه وأن يقبل أن يتزوجها رُغم كل ما فعلته معه قبل ذلك فيقبل المسكين ويهلل فرحًا وسعادة بعودتها له مرّة أخرى ولا يحاول أبدًا أن يستغل الموقف أو يجرحها بكلمة أو بفعل أو حتى يلومها على سلوكها معه وإقامتها فى منزل المخرج من دون أى علاقة رسمية بينهما تسمح لها بمثل هذا الفعل، ولكنه لنبل أخلاقه لم يفعل وغفر لها فعلتها وسامحها رُغم اللكمات التى تحمّلها (بصدر رحب) من قبضة رشدى أباظة ومن عدلى كاسب أيضًا لأنه يحبها بالفعل ولأنه إنسان طيب يغفر ويسامح ولا يستغل هزيمة حبيبتة ليملى شروطه ويكسب بعض النقاط وبالعكس راح يحلم ببيت الزوجية وبالبوتاجاز أبو تمن عيون إللى هايطبخ لها عليه كل ما لذ وطاب، ولكنها (كريمة) هى الشريرة الحقيقية فى تلك القصة فتعود وتنقلب عليه مرّة أخرى بعد أن سامحها لمجرد عودة (رشدى أباظة) واعترافه بحبه لها، بل ولا تتورع فى أن تورطه قبل أن تتركه فى قضية خطف طفلة قاصر ليقبض عليه ويضحك الجمهور بشدة على مأساته مع من يحبها وغدرت به ونغنى نحن المشاهدين مع الكورس- الحلوة لسّه صغيرة على الحب لسّه صغيرة- بينما رشدى أباظة يأخد سعاد حسنى فى حضنه ويغيبها فى قبلة طويلة ونحن مازلنا نضحك على صلاح ونغنى مع الكورس- الحلوة لسّه صغيرة- دون أن نشعر بأى تأنيب ضمير أو حتى تعاطف مع شخصية صلاح الراجل الطيب المتسامح الذى يحلم حلمًا مشروعًا بالزواج من الفتاة التى أحبها وتكوين أسرة صغيرة وممارسة هوايته فى الطبيخ بجانب عمله كمحاسب فى بنك وإنجاب أطفال وأن يعيش فى هدوء واستقرار دون أن يدخل فى صراعات مع أحد مثله مثل أغلب الرجال فى الواقع بعكس رشدى أباظة الذى يمثل نفسه فقط (مافيش منه كتير فى الواقع وكذلك طبعًا السّت سعاد حسنى)، وكِدَهُوَّن.. كيف تقنعك السينما بعكس قناعاتك ومبادئك وتجعلك تغض بصرك عن سلوكيات مرفوضة تحت بند أنه تمثيل (كده وكده) وموضوع كوميدى وعايزين نضحك وكِدَهُوَّن.. تجد نفسك تقف مع الظالم وتسخر من المظلوم وتهلل للخديعة والاحتيال طالما مَن يقوم به هو نجمك المفضل الذى يجعلك شخصًا آخر غير حقيقتك وكأنك واقع تحت تأثير التنويم المغناطيسى تتصرف بقسوة تتنافى مع إنسانيتك ومبادئك دون أن تدرى تهتف للشرير وتدوس على المسكين لمجرد أنه إنسان بسيط لا يقوى على مصارعة النجوم وأخذ حقه المشروع فى الحب والحياة رُغم أن هذا المسكين غالبًا يمثلك أنت فى الحياة ولكنك دون أن تدرى تشارك مع نجمك المفضل ولو وجدانيا فى ظلمه وتنضم بكامل إرادتك لصفوف المهللين للنجم الأقوى فى هذه اللعبة السينمائية والتى تتكرر بشكل أو بآخر فى الحياة وتكون أنت الذى يقف فى نفس موقف صلاح وكِدَهُوَّن.. عشت طفولتى كلها مصدقًا جدًا أحداث فيلم (صغيرة على الحب) ومقتنعًا جدًا بحق كريمة (سعاد حسنى) فى الفوز بطولة الأوبريت وبقلب رشدى أباظة حتى لو استخدمت فى سبيل ذلك الخديعة والاحتيال كى تصل لأهدافها الجميلة المبهجة - وكِدَهُوَّن.. ولِمَ لا أتضامن معها وأشجعها وأغنّى معها وهى نجمتى المفضلة ولو على حساب الآخريات؛ خصوصا أن الشخصية التى قامت بأدائها الفنانه نادية الجندى قدمت من البداية كشخصية استفزازية حتى إنى كنت أتساءل فى ذلك الوقت كيف أحبها نجم مثل رشدى أباظة حتى إنه خطبها ورشحها لبطولة الأوبريت التى خسرتها بعد ذلك وخسرت معها خطيبها دون أن نتعاطف معها ولو من باب جبر الخواطر وكِدَهُوَّن.. ولكننا تعاطفنا مع سعاد حسنى رُغم كل شىء وتعاملنا مع شخصية نادية على أنها هى الشريرة ونضحك من إحباطاتها وهزيمتها رُغم أنها فى الواقع ضحية لخدعة كريمة وكِدَهُوَّن.. وصدقت أيضًا أن رشدى أباظة مُخرج كبير اقتنع بأن سعاد حسنى طفلة صغيرة وأنها فى نفس الوقت أختها الكبيرة التى يقع فى غرامها فى مطعم المقطم ويعود إلى منزله ليسقيها كوبًا من اللبن على أنها طفلة تحتاج إلى الكالسيوم لنمو جسمها، وبضحك من شخصية «صلاح» (نور الدمرداش) رُغم طيبته التى تصل لحد السذاجة فى معظم الأوقات حتى إن المُشاهد يستكتر النجمة سعاد حسنى عليه لأنها تستحق نجمًا مثلها وليس محاسبًا بسيطا فى بنك يعشق الطبيخ بجنون رُغم أنه بيطبخ أكلات سيئة المذاق كما أشاعت ذلك سعاد حسنى بنفسها مؤكدة الدادة؛ أن أكله يوجع البطن (طبعًا لو كان إللى بيطبخ هو رشدى أباظة كان هايبقى لها رأى آخر تمامًا فى مذاق الطبيخ) ولكنه صلاح المسكين إللى كل مفردات حواره كلها تتعلق بعالم المطبخ والطبيخ وكأنه هو من أطلق مقول: «ما العالم إلا مطبخ كبير» وكِدَهُوَّن.. وما يحرجنى الآن أنى كنت أطلق ضحكاتى المدوية أكتر وأكتر عندما ضربه رشدى أباظة وعدلى كاسب والأخطر أنى كنت متضامنًا مع شخصية كريمة رغم أنها مخادعة من أول لحظة فى الفيلم دون أن أدرك أن صلاح ونادية هما من يمثلنا فى الواقع وليس سعاد حسنى ورشدى أباظة وكِدَهُوَّن.. كيف تتعامل عندما تفقد حبيبتك أو مهنتك وتُضرب وتُهان ويضحك عليك الجمهور بدلاً من التعاطف معك والشفقة لحالك لمجرد أنك لسْت نجمهم المفضل وكِدَهُوَّن.. قبل أن تقف مع الظالم ضد المظلوم تذكر ياعزيزى أن كلنا صلاح.