السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لم يمنعها فقدان البصر من التفوق الدراسى والالتحاق بعالم ريادة الأعمال مها التهامى ريادية من عالم الظلال

«إبق وجهك فى اتجاه الشمس ولن ترى الظلال».. هكذا عبّرت الأديبة والناشطة الأمريكية هيلين كيلر عن رغبتها فى الانطلاق وتحقيق النجاح رُغْمَ كونها فاقدة لحاسة السمع والبصر.. فهى لم تستسلم لعجزها لكنها تحدته واستطاعت التغلب عليه.. فالقدرة تكمن فى إيمانك بحلمك وخطواتك نحو تنفيذه. فكم من مبصرين قليلى الحيلة غير قادرين على الوصول لأحلامهم.. وبطلتنا اليوم تحدت عجزها مثلما فعلت هيلين وأقدمت على حلمها بقلب مبصر ورُغْمَ الصعوبات الكثيرة التى واجهتها؛ فإنها آمنت أن النجاح ممكن.



بدورها شاركتنا «مها معتز محمود التهامى» 25 عامًا، من محافظة الدقهلية، قصتها المميزة فى عالم ريادة الأعمال.. فلم يكن تحدى ريادة الأعمال هو التحدى الأول الذى تخوضه وتنجح فيه، فكونها فاقدة لحاسة الإبصار جعلها تواجه العديد من التحديات الصعبة؛ أولها تحدى التعليم لكنها لم تستسلم وكانت متفوقة فى دراستها منذ المراحل التعليمية الأولى وصولا لمرحلة الجامعة، ونجحت فى هذا التحدى حتى إنها حصلت على ليسانس شريعة من كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات جامعة المنصورة واحتلت المركز الأول ضمن قائمة أوائل الكلية، ولم تتوقف عند هذا الحد إلا أنها استكملت دراستها كباحث ماچستير فى جامعة الأزهر.. فى انتظار قرار شيخ الأزهر بتعيينها كأول معيدة كفيفة فى الكلية.

لم تتوقف أحلام «مها» عند دراستها الأكاديمية والعلمية فقط كما أنها لم تقف فى انتظار التعيين، دائمًا ما كانت تسعى لتطوير ذاتها وأفكارها باستمرار بتعلم المزيد من العلوم خارج مجال دراستها. فكونها غير قادرة على رؤية العالم من حولها لم يمنعها من السعى.. وبدأت فى البحث عن المزيد من التدريبات والفرص وكانت بوابتها للمزيد من العلم هى الورش والكورسات التى تقدمها وزارة الشباب والرياضة عبر الإنترنت عبر وحدة «طوّر وغيّر»، وبدأت فى الالتحاق بالعديد من ورش العمل فى المجالات المختلفة حتى عرفت فى إحدى المرات من جروبات «الواتس آب» عن منحة فى ريادة الأعمال تقدمها وزارة الشباب، والتى كانت بالنسبة لها مجرد تدريب تحصل منه على المزيد من المعلومات فى المجالات المختلفة لتثقيف ذاتها؛ لكنها لم تكن تعلم أن ذلك التدريب سيأخذ حياتها فى منحَى مختلف وستستطيع من خلاله بلورة فكرة مشروع فى طريقه إلى التنفيذ لتتحول بين ليلة وضحاها من باحثة أكاديمية إلى رائدة أعمال فى طريقها إلى عمل مشروع تجارى يخدم فاقدى البصر. 

 فى كل خطوة فرصة

فتقول مها «عرفت عن التدريب من جروبات الواتس التى كنت أشترك بها. فى البداية لم أكن أرغب فى الالتحاق لأننى لم أكن أفكر فى ريادة الأعمال، ولم أكن أحب التفكير خارج الصندوق، فحياتى كانت مقتصرة على التعليم الأكاديمى فقط. واعتبرت أن الكورسات لتطوير الذات فقط؛ لكننى لم أفكر أبدًا فى تحويل أى منها لمشروع.

وحصلت على التدريب أوفلاين وعندما حان الوقت لتقديم فكرة المشروع تراجعت، ولم تكن ظروفى عندها تسمح لى بالتفكير فى المشروع والمشاركة رُغْمَ تشجيع مَن حولى. وبعد مرور عام فوجئت بفتح باب التقديم فى المنحة مرة أخرى؛ لكن هذه المرّة أوفلاين، وشجعتنى د.أمل مدربة مهارات حياتية وريادة أعمال على الانضمام مرّة أخرى للتدريب. وبعد محاولات عديدة منها فى إقناعى وتشجيعى التحقتُ.. معرفتى بالمحتوى التدريبى من المرّة الأولى ساعدنى كثيرًا عندما التحقت بالتدريب للمرّة الثانية، وخلال 25 يومًا فترة التدريب بدأت أفكر فى فكرة للمشروع والعمل عليها. وساعدنى المدربون فى تطوير وصياغة الفكرة، واستمروا فى توجيهى طوال الوقت حتى أصبحت قادرة على بلورة فكرتى بشكل كلى على نهاية التدريب ودونتها وأرسلتها.

معوقات وتحديات

وخلال عملى كانت من أشد المعوقات التى واجهتنى عدم قدرتى على تدوين ما يدور فى رأسى، ولم يكن عندى خبرة بالسوق والأسعار لتحديد تكلفة المشروع؛ لكن الله كان ييسر لى دائمًا مَن يساعدنى. فساعدنى رفاقى فى التدريب فى الجزء المالى والتسويقى كما ساعدونى على تدوين المشروع وصياغة اللوجو وكتابة النموذج على الباوربوينت. كلما كنت أعمل على مشروعى كانت فكرتى تتطور، حتى عرفت أننى تأهلت للتصفيات بين أفضل الأفكار على مستوى الجمهورية. وعندها واجهتنى مشكلة إقناع أهلى بالسفر وحدى للالتحاق بالمعسكر المغلق للتدريب، ظللت أقنع فيهم مع مدربتى حتى اقتنعوا ووافقوا بنفس راضية. وسافرت عندها إلى معسكر مغلق لمدة أسبوع لمساعدة رواد الأعمال على تطوير أفكارهم على أن تكون نهاية الأسبوع موعد تقديم الأفكار أمام لجان تحكيمية تتبنى أفكارنا وتحولها لمشاريع فعلية.. وقضينا أسبوعًا من التدريب والتأهيل داخل المعسكر وكنت دائمًا طالبة متميزة منذ اليوم الأول، وأشارك فى جميع الأنشطة العلمية والفنية حتى إننى كنت أنشد لزملائى فى المعسكر العديد من الأناشيد وكانوا يثنون على صوتى.

والآن بعد أن أعددت المشروع أصبح عندى خبرة كبيرة فى كيفية إعداد المشروعات بسهولة وكيفية صياغة الأفكار وبلورتها.

تطبيق قراءة صوتية لفاقدى البصر

أمّا عن مشروعى فلقد لاحظتُ وجود مشكلة كبيرة فى تطبيقات القراءة التى نعتمد عليها كفاقدى البصر، فى كونها تعتمد على القارئ الإلكترونى وهو يقرأ بشكل خاطئ؛ خصوصًا لو كانت الكتب مزخرفة بالتشكيل. كما أن أسعار التطبيقات الجيدة تكون مرتفعة فنضطر للاستعانة بالعديد من التطبيقات لمساعدتنا على قراءة الكتب.. وعندها قررتُ عمل تطبيق قراءة صوتية يستهدف ذوى الهمم من ضعاف وفاقدى البصر. يقرأ الملفات والصور والكتب بكل الصياغات، وسنعمل على أن يعمل التطبيق بشكل أوفلاين من دون إنترنت للاطلاع على المعلومات حتى لو لم يتوافر إنترنت، على أن تكون جودة الصوت عالية، ويكون به مكتبة إلكترونية بها مناهج تعليمية، مع وجود تسجيل صوتى لقصص وروايات مسلية للأطفال، وتسجيل الكتب المزخرفة لأن الناطق الصوتى للمكفوفين لا ينطقها بشكل صحيح.

 لكل نجاح بداية

وختمت «مها» حديثها قائلة: «قد يحدث لك أمر يُغَيّر مسار حياتك، فقبل التحاقى بهذا التدريب لم أكن أفكر إطلاقًا أن أكون ريادية أو صاحبة مشروع؛ ولكن بعد التدريب تغير الأمر وأصبحت أعرف كيف أعد مشروعًا وأفكر بشكل صحيح وأصبحت أحب المجال الريادى. والآن أدرس ماچستير مصغر فى ريادة الأعمال لكى أحصل على خبرات أكثر. وسأعتكف على مشروعى حتى يصل إلى بَرّ الأمان ويتم تنفيذه.