الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
لعنة الجهل

لعنة الجهل

 فى الندوة التثقيفية الـ 36 لقواتنا المسلحة، أرسل الرئيس عبدالفتاح السيسى عدة رسائل إلى جموع الشعب المصرى، منها رسالة على درجة كبيرة من الأهمية عن الجهل، الذى يجعل الإنسان يُقدم على فعل أمور تؤثر عليه وعلى من حوله، وإذا كان للجهل آثار على الفرد فله أيضًا آثار على المجتمع، حيث يخلق بيئة غير صالحة للإنتاج والعمل، مما يعيق تقدم التنمية ويهدد استقرار المجتمع بنشره الأفكار السلبية، التى تنشر الأمراض والكوارث الاجتماعية التى يصعب حلها، هذا بخلاف ما يسببه الجهل من انتشار القتل والسرقة والاضطهاد الفكرى والبدنى والعقلى، لهذا يعد الجهل مصيبة المصائب، وآفة الآفات فى المجتمعات، فإذا حلَّ الجهل فى أمة من الأمم، لا يكون مصيرها إلاَّ الهلاك والبوار، لأنها لا تستطيع فعل شىء، وعندها ستكون عرضة دائمًا وأبدًا لبغى الأعداء، ولذا حذر الأنبياء من مغبة الجهل فى عدة رسائل، وقد بينت سورة الشعراء وغيرها من السور أقوال الأنبياء لأقوامهم، ثم ختمت الرسالات بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم الذى بيَّن لأمته أن طلب العلم مطلوب من المهد إلى اللحد، وأنه من الإيمان، فقد روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم)، لأن ضرر الجاهل أشد وأنكى على المجتمع من غيره، وقد قيل: (عداوة العاقل أقل ضررًا من مودة الجاهل)، لأن العاقل لا يتجاوز الحد فى مضرته، ومضرته لها حد يمكن أن يتغلب عليها العقل، أما مضرة الجاهل فليس لها من حدود وعواقبها وخيمة، لذلك يعد (رأسمال أى إنسان علمه، أما عدوه فهو جهله)، ولهذا عندما يحل الجهل على أمة من الأمم ستكون عرضة لمن يهددون مصالحها، سواء من أعداء الخارج أو الداخل من أمثال الجماعة إياها، التى استغلت تدين الشعب المصرى فقررت من جانبها استغلال هذا التدين للمتاجرة به فى تعاملها معه تحت حجة التقرب إلى الله والجهاد فى سبيله لنصرة دينه الحنيف، عن طريق إطلاق الشعارات الدينية وتحريف النصوص من أجل تحقيق أهدافها، هذا النهج الواضح والصريح هو نفسه من قال عنه الفيلسوف العربى ابن رشد: (التجارة بالأديان هى التجارة الرائجة فى المجتمعات التى ينتشر فيها الجهل). وهذا تحديدًا ما أكد عليه الرئيس السيسى فى رسالته عندما نبه من خطورة وتداعيات الجهل خصوصًا عندما يقترن بالدين فينتج عنه الإرهاب، وعندما يقترن بالحرية والمناداة بها فينتج عنه الفوضى، وهذا ما سبق وحذر منه الفيلسوف اليونانى أفلاطون عندما قال: (الجهل أصل وجذع كل الشرور)، وقال عنه أيضًا أديبنا الراحل نجيب محفوظ: (إذا لم ينقرض الجهل فى بلداننا سيأتى السياح للتفرج علينا بدل الآثار)، فالجاهل فى النهاية عدو نفسه ولا يمكن أن يكون صديقًا لغيره، ومن هنا يتضح أن الجهل ليس مشكلة فردية، بل هو خطر ووباء يهدد مجتمعات وحضارات، والتاريخ يثبت ويؤكد أن هناك أكثر من حضارة قضى عليها الجهل بل وأفناها من الوجود، لذلك ومن أجل درء هذا الخطر على الجاهل ألا يخجل من الاعتراف بجهله، وعليه سريعًا أن يسعى إلى إنقاذ نفسه من هذا المرض، خاصة إذا كان يجهل عيوبه، ليصبح لزامًا عليه أن يعرف تلك العيوب ليتخلص منها حتى لا تنتشر بين الناس، فمعرفة أسباب الجهل وطرق التخلص منه ستجعل منه شخصًا حكيمًا ينفع نفسه وفى نفس الوقت ينفع مجتمعه ويحصد خيره.



هذا هو القصد والمراد الذى جعل الرئيس السيسى يعتبر الجهل من أعدى أعدائه، حين تحدث عنه فى الندوة التثقيفية ونبه إلى خطورته، لذا وجب الانتصار عليه والتخلص منه نهائيًا حتى يعم الخير على وطننا مصر العظيمة.