الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
النجم صحفيا

النجم صحفيا

فى إطار الدورة الثامنة والثلاثين لمهرجان الإسكندرية العريق والذى تقيمه جمعية كتّاب ونقاد السينما المصرية وبمناسبة تكريم «محمود حميدة» تناولت فى كتابى عنه جانبًا مهمًا لم يسبق إلقاء الضوء عليه رغم أهميته البالغة تثمثل فى قيامه بإصدار مجلة تعنى بأمور الثقافة السينمائية المحلية والعالمية يرأس مجلس إدارتها، هى مجلة «الفن السابع» التى تُعتبر درة من درر الإبداع الصحفى كتجربة فنية لمطبوعة متخصصة فى فنون السينما منذ صدور عددها الأول (1997) حتى عددها الأخير (2001).. بل يمكننا أن نقول بثقة إنها الأبرز والأرقى والأشمل فى تاريخ المجلات الفنية.. وتعتبر مرجعًا رائعًا للغة السينمائية ينهل منها الدارسون مادة خصبة لأبحاثهم المختلفة فى هذا المجال.. واستطاعت أن تستقطب نقادًا كبارًا بمقالاتهم الثرية وتُساهم فى خلق جيل جديد من الشباب الواعد الذين ما لبثوا أن صاروا نجومًا لامعة من نجوم النقد السينمائى المعاصر.. واحتوت على العديد من الملفات المهمة والمتميزة بقضايا «الفن السابع» بفروعه المختلفة والمقالات النقدية الجريئة وغير المسبوقة التى لعبت دورًا كبيرًا ومؤثرًا فى المشهدين الفنى والثقافى بوجه عام.. حتى أصبحت ظاهرة رائعة تدعو إلى الفخر.. وقد أداها «حميدة» بروح وثابة وجسارة مبهرة فى الطرح والمحتوى مشكلا تيارًا حرًا ليبراليًا.. وقفز فوق الأسوار واقتحم الألغام الشائكة.. وكل المسكوت عنه.. ويقول فى ذلك كنت أريدها مجلة جريئة خالصة للسينما لا تحتوى على أبواب اجتماعية أو مجاملات زائفة أو تحقيقات صحفية رائجة عن أسرار النجوم الشخصية وأحاديث النميمة التجارية التافهة.. إن المجلة موجهة بشكل أساسى إلى صنّاع السينما.. وهدفها العام توسيع دائرة الثقافة السينمائية لدى المتلقى الشغوف إلى المعرفة.. وعن مراحل التفكير فى كيفية تمويل المجلة جاءه الصحفى الراحل «محمد دسوقى» وأخبره أن هناك ستة شركاء لديهم الرغبة فى التمويل فتحمس لقبول الاشتراك معهم.. لكنه أخبره بعد شهور أن اثنين منهم انسحبا.. ثم أعقبه الأربعة الآخرون فقرر أن يخوض المغامرة ويمولها بماله الخاص.. وخرج العدد الأول حزينا بصورة لـ«سعاد حسنى» وتتابعت الأعداد بنجاح أدبى مبهر.. ثم توقفت المجلة عن الصدور بعد أن استنفذت الميزانية التى وضعها «حميدة» لها وتراكمت الديون عليه فأطاحت بالتجربة المتفردة بصفتها أول مجلة سينمائية متخصصة بصناعة السينما فى الشرق الأوسط والتى اعتبرها الدارسون مرجعًا تاريخيًا للأفلام السينمائية المحلية والعالمية.



والحقيقة إننى حينما شرعت فى إعداد كتاب لسرد ملامح مسيرة هذا النجم اللامع فى سماء الفن طلبت منه نسخة من أعداد مجلة «الفن السابع» فلما تصفحتها لاحظت أنه سعى بإخلاص وتعفف وإحساس بالغ بالإيثار وإنكار الذات والترفع حيث أبى على نفسه أن ينزلق إلى الترويج والدعاية لأعماله السينمائية أو أخباره الفنية.. فخلت صفحات العدد تمامًا بكل ما يتصل بنشاطاته المختلفة.. والحقيقة أن مجلة «الفن السابع» تعتبر المفتاح الذى يمكن أن نطل من خلاله على فكر «محمود حميدة» ونهجه فى الفن والحياة.

إن دوره كممثل موهوب لم يتوقف عند تحقيق نجومية يصنع من خلالها مجدًا فنيًا.. لكنه يشمل دائرة أكثر اتساعًا جعلته بحق مثالًا ساطعًا ونموذجًا منفردًا لرؤية شاملة تتصل بالثقافة السينمائية.. بل وبالوعى البشرى والمعرفة النهمة بمجالاتها المتعددة لتشمل فى النهاية الهدف الأسمى لوجوده الإنسانى كله.