السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رغم الألم.. الأمل يتجدد دائمًا حكايات من محاربات السرطان

فى أكتوبر شهر التوعية بمرض سرطان الثدى، نعلن كامل دعمنا ومساندتنا للسيدات المصريات العظيمات المثابرات محاربات سرطان الثدى.. ونؤكد أن الدولة المصرية تضع النهوض بصحة المرأة المصرية فى صميم اهتماماتها من خلال مبادرة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى «صحة المرأة صحة مصر» للكشف المبكر عن سرطان الثدى، التى تُعتبر أحد الانتصارات المهمة للمرأة. وذلك فى ضوء قيادة سياسية رسخت مبدأ تمكين المرأة والنهوض بها فى جميع المجالات، وتدرك أن صحة المرأة جزء أساسى من أمان واستقرار وصحة الأسرة المصرية.. كما ندعو جميع السيدات بإجراء الكشف المبكر لسرطان الثدى والاطمئنان على صحتهن، وفى حالة اكتشاف الإصابة استكمال العلاج حتى الوصول لمرحلة الشفاء التام.



«ما دام فينا قلب ينبض ومشاعر نبيلة تتعاطف مع الآخرين وتحس بآلامهم وتتمنى لهم الخير والصحة، فالمعركة مع السرطان لم تحسم بعد. وبإيماننا بقدراتنا الذاتية، وقوتنا فى مواجهة التحديات، وغريزتنا البشرية التى تدفعنا للكفاح حتى فى أحلك الأوقات.. سننتصر بإذن الله».. كلمات قوية تركتها الراحلة الدكتورة أنيسة حسونة أيقونة الصمود فى وجه السرطان فى كتابها الأخير «بدون سابق إنذار»؛ لتخبر العالم قصتها وقصة كل سيدة تعرضت وتتعرض لمرض السرطان وتترك بصيص أمل مشرق لكل من تُصاب بالمرض أن هناك أملاً ولا بُدّ أن نتمسك به وألا نلتفت إلى الأصوات التى تخبرنا أن المرض سيلتهم منا الحياة؛ لأن الحياة بداخلنا وتنبع منا ومن صمودنا، فنحن لا نعيش الحياة إنما نحن الحياة.

والآن سنأخذكم فى رحلة مع عدد من محاربات السرطان يروين لنا رحلتهن بحلوها ومُرّها وينثرن حبوب الأمل فى أرض السرطان القاحلة.. حكايات نرويها لكم فى السطور التالية..

 الدعم النفسى يهزم الألم 

تبدأ الحكاية بها الأم والأخت والزوجة تبدأ بالمرأة.. ففى بداية رحلتنا التقينا بالسيدة آمال على أمين، محاربة من محاربات بهية، وواحدة من السيدات اللاتى يمكن اعتبارهن رمزًا للقوة والتحمل والجَلد؛ لتروى لنا تفاصيل رحلتها مع مرض سرطان الثدى، فتقول «اكتشفت المرض منذ عامين.. عندما اكتشفته كانت صدمة بالنسبة لى لأننى لم أتوقع إصابتى بهذا المرض فى يوم من الأيام، ولكن على الرغم من صدمتى؛ فإننى لم أتوقف عند تلك النقطة إنما سعيت للشفاء.. فكان أول ما فعلت هو أن تواصلت مع مستشفى بهية، وحددوا لى موعدًا للعلاج بعد اتصالى بأسبوع.. وبعد أن ذهبت للكشف تم التواصل معى خلال فترة شهر، وكلما يتصلون بى كنت أذهب لعمل الفحوصات. خلال هذا الشهر وضعت «بهية» خطة لعلاجى، ولم أتحمل تكلفة علاجى أنا وباقى محاربات سرطان الثدى ممن يأتين للعلاج من كل بقاع العالم.. 

وتابعت السيدة آمال قائلة: «وإلى جانب حصولنا على العلاج كان جزء منه توفير جلسات الدعم النفسى لنا لتساعدنا على تقبل الوضع، والتقليل من حدة الخوف والتوتر الذى يصيبنا عند العلم بإصابتنا بالمرض.. وهنا لا بُد أن أشير إلى أهمية الدعم النفسى فى هزيمة مرض السرطان عامّة وسرطان الثدى خاصّة، فهو ما كان يشجعنى على الاستمرار وتحمل الألم.. ولكن كان أصعب ما مررت به خلال رحلة علاجى هو صدمة معرفتى لخبر مرضى، ثم تلاها حصولى على الكيماوى، ثم إجراء عملية استئصال للثدى ولكن الحمد لله».

واختتمت كلامها «أنا وصلت إلى مرحلة الهرمونى، وهى تُعتبر المرحلة الأخيرة فى مراحل العلاج.. وأتمنى أن أتعافَى تمامًا من مرض السرطان، وأن أفرح بزواج بناتى».

 مع كل نهاية تكون بداية جديدة

 ومن السيدة آمال إلى السيدة هند إبراهيم، التى كان لها قصة مختلفة مع المرض. فلقد كان المرض مُعلمًا ومرشدًا وهدية من الخالق.. فتروى قصتها بعينين مليئتين بالدموع قائلة: «بحمد ربنا على السرطان، بحمد ربنا أنه أكرمنى وأصبحت من المصابين بهذا المرض اللعين «سرطان الثدى». فهو كان بالنسبة لى منحة وليس محنة؛ لأن قصتى مختلفة. فلقد كنت أمر بظروف خاصة جدًا عندما علمت عن إصابتى بالمرض.. ففى بداية رحلة مرضى انفصلت عن زوجى وبقيت أمًا وحيدة مع أولادى الأربعة. كنت أعانى من ألم المرض، وانكسار القلب، والخوف من المستقبل. فلم أكن أملك أى أموال أستطيع عن طريقها توفير العلاج؛ ولكن لولا فضل الله عليّ، ثم فضل مستشفى بهية لما كنت هنا اليوم.. فعندما ذهبت إلى المستشفى بددوا خوفى ووفروا لى العلاج بالمجان ولم أتكلف أى أموال.. ليس هذا وحسب؛ لكنهم وفروا لى مصدر دخل أستطيع من خلاله أن أصرف على نفسى وعلى أولادى، وأستعين به على مشاق الحياة.. وذلك عن طريق مساعدتى على استغلال موهبة المشغولات اليدوية «فن الكروشيه» بأن أنميها وأن تكبر وتكون مصدر دخل لى. حتى إنهم وفروا لى المواد الخام للعمل، وحمدًا لله استطعت أن أنتج وأبيع وأصبحت الأمور أكثر استقرارًا فى حياتى. وهأنذا أتلقى العلاج وأتماثل للشفاء تدريجيًا.. فأدركت أن الله أحبنى وأراد أن يقدم لى هدية تساعدنى على إعادة ترتيب حياتى وأولوياتى واكتشاف ذاتى».

 سأنتصر عليه 

فيما وجّهت المحاربة نجلاء عثمان محمد رسالة دعم إلى كل محاربات مرض السرطان بقصتها الفريدة.. بدأت حديثها قائلة: «دائمًا كنت أقول لنفسى أننى بطلة لأن كلمة محارب تحمل معنَيَيْ المكسب والخسارة لكننى بإذن الله «سأنتصر عليه». قصتى تختلف إلى حد ما عن قصص المحاربات الآخريات.. فأنا مررت برحلة العلاج كاملة حتى إننى تعافيت منذ أربع سنوات واعتقدت هنا أن الأمر انتهى.. ولكن لا تسير أقدارنا مثلما نشاء دائمًا. فلقد رد عليّ المرض مرة أخرى منذ ما يقرب من العام والنصف لكنه جاء هذه المرة بشكل مختلف؛ حيث انتشر فى الرئة والعمود الفقرى. فى البداية انهرت؛ لكننى لم أفزع من إصابتى هذه المرّة فأنا عرفت عن خبر إصابتى هذه المرّة فى يوم السابع والعشرين من رمضان عام 2021 وعندها راودنى شعور أن الله أرسل لى المرض فى ليلة القدر، أن هذا عطاء وليس عقابًا أو ابتلاءً. ففى فترة مرضى قمت بمراجعة حساباتى وقراراتى وأصبحت الآن أفضل. فلا أقول سوى «الحمد لله» أحمد الله على ما أمر به وأحمد الله على دعم أهلى وبناتى وزوجى لى، فوجودهم إلى جوارى هوّن عنى الكثير. وأظل أقول الحمد لله حتى لو اشتد علىّ الابتلاء». 

وواصلت نجلاء حديثها قائلة: «كان أصعب موقف مررت به خلال رحلتى مع السرطان هو أننى كنت أشعر بتجدد إصابتى مرة أخرى عند قيامى بالكشف؛ لكننى فضلت أن أكون بمفردى عند معرفة النتيجة من دون بناتى وزوجى.. كنت أخشى عليهم من الصدمة.. ولكن إصابتى علمتنى شيئًا مُهمًا ولا أزال متواصلة عليه حتى الآن.. أن آخذ يومًا واحدًا فى حزنى ثم أعود لممارسة حياتى مرة أخرى؛ لأن الحياة لن تقف عندى وإنما تستمر.. وخلال تلك الرحلة كان أكثر من قدّم لى الدعم هن بناتى ثم أخوتى ثم زوجة أخى.. فالحمد لله على وجودهم فى حياتى».

وأنهت «نجلاء» حديثها بمشاعر رضا طاغية ورغبة فى الانتصار على المرض قائلة «الحمد لله أمر العلاج فى تطور مستمر أيضًا، فعند دخولى إلى المستشفى كان الانتظار يستمر حتى 3 أشهر على خلاف الآن أصبحت هناك وحدتان للكشف المبكر وأصبح الانتظار أقل.. وأوجّه حديثى إلى كل سيدة مصابة بسرطان الثدى وأقول لها لا تخافى فإن السرطان مرض من عند الله وإن شاء الله سيكون سببًا فى دخولنا الجنة». 

 الرضا بقضاء الله 

وفى نهاية رحلتنا التقينا بالسيدة جيهان محمد على، ومثل الكثيرات من محاربات السرطان بدأت حديثها بحديث راضٍ ونفس متقبلة لابتلاء الله، قائلة: «ابتلاء ربنا رحمة»، ثم أردفت حديثها قائلة «ظهر أمر مرضى فجأة، اكتشفت إصابتى بالمرض فى عام 2020 قبل رمضان بأسبوع تحديدًا.. فى البداية كأى أم أو زوجة مصرية لم أهتم بالأمر عند اكتشافى لشىء غريب.. ربما يرجع الأمر أيضًا إلى كونى من الشخصيات التى لا تهتم بالمرض كثيرًا.. فنتج عن هذا أن تطور المرض وأصبحت فى المرحلة الثالثة.. بعد شعورى بالتعب الشديد قمت بالذهاب إلى عيادة خارجية وكشفت عند طبيب جرّاح وأخبرنى بإصابتى.. فى البداية أنهرت ولم أستطع التفكير سوى فى الأمور السوداوية ثم تداركت الأمر واسترجعت رباطة جأشى وتواصلت مع مستشفى بهية.. كان الحجز عندها مغلقًا نظرًا لانتشار فيروس كورونا فى البلاد.. وفى يوم 15- 7 حدث ما كنت فى انتظاره، لا يزال هذا التاريخ محفورًا فى ذاكرتى حتى الآن. تواصل معى أحد الأشخاص من فريق مستشفى بهية لكى أذهب لعمل الفحوصات». 

واستطردت جيهان حديثها قائلة «كان أصعب موقف مررت به خلال رحلة علاجى وقت تخلى عنّى الجميع فى وقت محنتى، فى وقت كنت فى أمَسّ الحاجة لهم.. فعلى الرغم من أننى أعطيت الكثير عندما كنت بكامل صحتى؛ فإن الجميع اختفى عند حاجتى إليهم ولم يقف إلى جوارى سوى أولادى وزوجى. والآن حمدًا لله؛ فلقد أكرمنى الله وأصبحت من محاربات بهية.. بدأت رحلتى بالعلاج الكيماوى ثم بعد ذلك أجريت عملية الاستئصال، والآن وصلت إلى مرحلة العلاج الهرمونى، وهى تستغرق 5 سنوات، وأنا الآن راضية فى كامل الرضى عن وضعى وأدعو الله أن يتم شفائى على خير وأن يحفظ لى أولادى وزوجى.. وأن تُكتب لى عُمْرَة فى بيته الحرام».

وإلى هنا نكون قد انتهينا من حكايات المحاربات اللاتى واجهن مرض سرطان الثدى لكن تلك ليست النهاية فلا يزال مستشفى بهية يعج بالقصص والحكايات لسيدات تغلبن على المرض وأخريات عُدْن للحياة مرّة أخرى بعد أن أصابهن المرض وآخريات أعدن اكتشاف ذواتهن، وغيرهن الكثير والكثير، وفى كل قصة عبرة وحكمة وفى كل رحلة أمل يتجدد.