الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

راكبو التريند.. غربان تنعق لخراب البيوت المصرية!

بين شد وجذب يحاول كل من الرجل والمرأة التعايش مع حياتهما الزوجية، فالحفاظ على البيوت الزوجية لم يعد اليوم أمرا هينا خاصة إذا نظرنا بشكل واقعى إلى إحصاءات حالات الطلاق حسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والتى جاءت كاشفة عن ارتفاع كبير فى حالات الطلاق بنسبة 14.7 فى المائة زيادة عن العام السابق لاسيما بين الفئة العمرية ما بين 25 إلى 35 سنة.



 

هذه الإحصاءات جعلت مصر فى صدارة دول العالم من حيث عدد حالات الطلاق اليوم ، بل كافة البلدان العربية! لم يعد الحفاظ على بيت الزوجية بالأمر السهل الهين على الزوجين وسط كثير من التغيرات، بل بات الهدم والطلاق هو الحل السهل السريع لإنهاء بيت ربما لم ينته بعد قاطنوه رجل أو امراة من ديون الزواج وتكاليف هذا البيت!

لذا نجد اليوم أنه لم يعد لكثير من البيوت أسرارها ولم تعد علاقة الزواج لدى الكثيرين هى العلاقة المقدسة التى من المفترض أن تغلق على نفسها لتعيش حياتها أو تتعايش مع كل ما يواجهها من أمواج وعثرات.

لذا ليس من المستغرب أن تعلن الزوجات عن مشاكلهن الزوجية عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو عبر برنامج تليفزيونى!

ولم يعد مستغربا أن يعلن الزوجان أو أحدهما أن علاقته انتهت بشريكه وأن الطلاق حدث بينهما ؛ اعلان بكل أريحية على تويتر أو الفيس بوك فى تغير لافت فى واحدة من مسلمات المجتمع الذى كان يوما ما يقدس الخصوصية الزوجية أثناء الزواج أو عند حدوث الطلاق!

كان منذ سنوات قليلة مضت عندما تتطلق امرأة تفعل كل ما فى وسعها حتى تخبئ الأمر لشهور طويلة إلى أن يتم اكتشافه داخل محيط أصدقائها أو الدائرة البعيدة من أقربائها.

نجد اليوم سريعا ما تعلن المرأة خبر طلاقها وتزفه  زفا إلى كافة المحيطين بها عبر حساباتها الافتراضية، ولم يعد غريبا وعجيبا أن تحتفل بهذا الطلاق فى حفلة كبيرة لا تختلف عن حفل زواجها !تدعو إليها القريب والبعيد ، وإذا كان من شروط الزواج الشرعى الإشهار فبات لدى أطياف واسعة من المجتمع الإشهار في الطلاق شيئا عاديا الأمر الذى معه قد تتقطع كل السبل فى الصلح والعودة بين الزوجين المطلقين فأى إشهار وفرح به واحتفال ينظم لهذا الطلاق ومن ثم يأتى صلح ورجوع عن الطلاق بالتأكيد سيكون الرجوع عن الطلاق صعبا بعد إشهار الطلاق والتشهير بالزوج أو التشهير بالزوجة داخل أوساط الأقارب والأصدقاء بل هؤلاء الغرباء على الفيس بوك!

يتبارى اليوم كل من يريد ركوب التريند بفتاوى حول كيفية معاملة الزوجة لزوجها والزوج لزوجته وكأن الزواج تم اكتشافه حديثا فى صراع من التصريحات تستقطب لصالحها طرفا عن آخر ، فتاوى لم تقتصر على تصريحات بعض الشيوخ فحسب بل طالت إعلاميات وإعلاميين وصناع محتوى ونقاشات عبر وسائل التواصل ووصلت إلى صناع الدراما كذلك لنشعر جميعا أننا داخل حلبة للمصارعة يحاول كل طرف استقطاب الرجال على النساء أو استقطاب النساء على الرجال لتحقيق مزيد من البروباجندا على حساب علاقة الزواج وقدسيتها !

لم يعد لراكبى التريند شغلا شاغلا سوى السفسطة وكثرة الكلام فى تأجيج الصراع بين الأزواج والزوجات اليوم دون خلق حلول منطقية ناجزة حقيقية لما تمر به الأسرة المصرية اليوم من تحديات ومشاكل على كافة الأصعدة بل لما تمر به العلاقة الزوجية فى حد ذاتها وسط كثير من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، الحقيقة ذهبت الرغبة فى البحث عن حلول المشاكل واشتعلت جذوة التريند والشهرة من شخوص بعضهم لديه تجاربه السيئة والتى تنعكس بشكل كبير على تصريحاته وبعضهم لديهم حياة تختلف فى تفاصيلها عن حياة الغالبية العامة من المصريين فى المجتمع.

يحدثنى د عطية لاشين أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف أن ما يحدث اليوم من تصريحات لاسيما من شيوخ بغية الشهرة وركوب التريند هو أمر عجيب جدا وكأن الجميع لا يهمه إلا مصلحته لمزيد من الظهور عبر الفضائيات وكسب بعض الأموال والنجاح الواهم وهذا كله حرام ولا أدرى لمصلحة من ما يثار من موضوع أنت ملتزمة وأنت ملتزم والبيوت تعيش فى أمن وأمان فيأتى أشخاص ينطقون بكلمة لا يتوقعون كيف ستكون نتائجها والبيوت تريد العيش فى أمان كما كانت تعيش بيوت الجدود والأباء والحقيقة نتائج هذه التصريحات التى تركب التريند أصبحت مصيبة على المجتمع ، هؤلاء يريدون الشهرة على حساب البيوت الساكنة الوادعة والحق أن كل ما يؤدى لخراب البيوت هو عمل من أعمال الشيطان فالتفريق بين المرء وزوجه عمل من أعمال الشيطان وهو ما تؤكده آيات كثيرة فى القرآن الكريم.

البيوت المصرية تعانى من كثير من الهموم الثقيلة على رأسها هذه الأزمة الاقتصادية الشديدة إذن لا ينقص الناس من هو ملتزم ومن هو غير ملتزم فى الزواج ، نحن نجد اليوم الرجل فى دائرة الحياة الطاحنة حتى يوفر قوت عائلته والمرأة أيضا فى دائرة الحياة الطاحنة تحاول تربية أولادها ورعايتهم وسط هذا العالم المنفتح على مصراعيه بكل قيمه وأخلاقه التى فى غالبيتها غريبة علينا وعلى مجتمعنا !

منذ مئات السنين والمرأة تعمل كتفا بكتف بجانب زوجها وأنا شاهدت ذلك بنفسى عندما كنت أرى والدتى تعمل مع والدى فى الحقل منذ طلوع الشمس حتى الغروب وأذكر أنه كان هناك برنامج للإعلامى جمال الشاعر كان يناقش ارتفاع الطلاق فى المجتمع المصرى منذ الثمانينيات واليوم تضاعفت أرقام عدد حالات الطلاق أضعافا مضاعفة ورغم ذلك نزيد إشعال المشاكل بين الأزواج ليشتهر أصحاب الفتاوى على حساب تدمير الأسرة والمجتمع فهم كالغربان التى تنعق فى الخراب وأجد أنه من باب أولى أن يكون هناك حلقات من التعليم الأسرى والزوجى المكثف لاسيما بين الشباب المقبل على الزواج حتى يفهم علاقة الزواج الصحيحة ويفهم كل طرف فى هذه العلاقة حقوقه وواجباته فاستقرار البيوت هو استقرار للبلد ويرفع كل عبء يزيد مع كل حالة طلاق وتشرد أسرة من على كاهل الوطن.