الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«جرى الوحوش».. التوترات بين أمريكا وروسيا والصين تسرع عمليات بيع الأسلحة للحلفاء

احتدم الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا؛ حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن تشكيل مجموعة عمل لتسريع عمليات بيع الأسلحة للحلفاء لمنافسة بكين وموسكو تحديدًا.



ووفقًا لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) حملة واسعة لتسريع مبيعات الأسلحة المصنعة فى الولايات المتحدة لدول حليفة، فى محاولة للتنافس بشكل أفضل مع الصين وإعادة تخزين ترسانات بلدان صديقة زوّدت أوكرانيا بعتاد عسكرى لمساعدتها فى مواجهة الغزو الروسى.

وشكّل البنتاجون الشهر الماضى فريق عمل يضمّ مسئولين بارزين؛ لفحص أوجُه قصور مديدة تمسّ مبيعات واشنطن من أسلحة بمليارات الدولارات إلى دول أجنبية.

وسيبحث ما يُسمّى بـ«فريق النمر»، وسائل تمكّن الوزارة من تبسيط أجزاء من البرنامج، بحسب مسئول دفاعى بارز؛ بهدف الإسراع بتسليم دول حليفة وشريكة، مُسَيّرات ومدافع ومروحيات ودبابات وأسلحة أمريكية أخرى ترغب تلك البلدان فى شرائها.

ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مسئولين إن التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة والصين، وغزو روسيا لأوكرانيا، عَجّل بهذه المراجعة، التى بدأها البنتاجون قبل نحو شهر.

وتنفذ الوزارة جزءًا كبيرًا من برنامج لمبيعات أسلحة إلى الخارج، ولكن تشرف عليه وزارة الخارجية التى تستخدم مبيعات الأسلحة السنوية، البالغة 45 مليار دولار، أداة لنشر النفوذ الأمريكى، علمًا بأن كل تلك المبيعات تستلزم مصادقة الكونجرس.

 الولايات المتحدة فى المقدمة

تصدّرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول الأكثر تصديرًا للأسلحة بين عامَى 2017 -2021 بنسبة 39 % وذلك بحسب تقرير أعده معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام «SIPRI».

كما احتلت روسيا المركز الثانى عالميًا بعد الولايات المتحدة بنسبة بلغت 19 %، وضمت باقى القائمة فرنسا فى المركز الثالث بنسبة 11 % وتلتها الصين رابعة بنسبة 4.6 %.

وجاءت الدول الأكثر استيرادًا للأسلحة من الولايات المتحدة الامريكية، الهند فى المرتبة الأولى والسعودية ومصر والإمارات.

 المبيعات الصينية

ووفق تقرير لمعهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام «سيبرى» صادر فى عام 2020، أظهر أن الصين ثانى أكبر دولة منتجة للأسلحة بعد الولايات المتحدة، لكنها تراجعت فى عام 2021 من حيث الصادرات.

ووفقًا للتقرير السويدى؛ فقد حققت أربع شركات أسلحة صينية على الأقل مبيعات كافية لتصنيفها بين أكبر 20 بائعًا للأسلحة فى العالم، ومن هذه الشركات «شركة صناعة الطيران الصينية» (أفيك)، حققت مبيعات بقيمة 54. 1 مليار دولار فى عام 2017.

وتتراوح قيمة مبيعات الأسلحة الصينية بين 70 و80 مليار دولار سنويًا، وتذهب غالبيتها إلى مختلف قطع جيش التحرير الشعبى الصينى. 

وصدّرت الصين أسلحة تقليدية بنحو 17 مليار دولار، بين عامَى 2010 و2020، وفقًا لتقرير أعدّه «مركز الدراسات الاستراتيچية والدولية» (مَقرّه واشنطن)، 77 % منها إلى دول آسيوية و20 % إلى إفريقيا

الصادرات الروسية

كشفت الشبكة الألمانية دويتش فيليه، فى تقرير سابق لها أن صادرات الأسلحة تعد مكوّنًا رئيسيًا للاقتصاد الروسى. فى العقدين الماضيين؛ حيث تمكنت موسكو من تعميق علاقتها مع دول إفريقيا وأصبحت أكبر مُصَدّر أسلحة إلى القارة السمراء.

ووفقًا للتقرير الألمانى؛ فانه خلال العقدين الماضيين تمكنت من أن تصبح أكبر مُصدر للأسلحة إلى إفريقيا لتمثل نحو 49% من إجمالى صادراتها إلى القارة السمراء، وذلك بناءً على قاعدة البيانات فى معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام.

ووفقًا للباحثة فى برنامج الإنفاق العسكرى التابع لمعهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام ألكسندرا كويموفا؛ فقد زاد عدد الدول الإفريقية التى اشترت الأسلحة الروسية على مدى العقدين الماضيين، ففى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، كانت هناك 16 دولة إفريقية تتلقى أسلحة روسية، ليرتفع الرقم إلى 21 دولة ما بين عامَى 2010 و2019.

والشهر الماضى كشف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين خلال عرض عسكرى للأسطول الروسى، أن موسكو قادرة على تسليح الدول الإفريقية وحلفائها بمختلف أنواع الأسلحة التى تريدها، ما يزيد من حجم سباق التسلح مع القوى الكبرى؛ وبخاصة الولايات المتحدة.

 شكوك ومخاوف

قد تؤدى مخاوف بشأن بيع قطعة من تكنولوچيا حساسة إلى إبطاء عملية البيع لسنوات. كذلك يمكن للمسئولين التدقيق فى جيش الدولة التى تعتزم شراء تلك الأسلحة؛ لمعرفة ما إذا كانت قواته مؤهلة لتشغيل المعدات والضمانات للحفاظ على أمنها.

ويمكن أن تثير هذه الوتيرة البطيئة شكوكًا لدَى بلدان، بشأن رغبة الولايات المتحدة فى أن تكون شريكة لها، وتجازف بدفع دولٍ تريد واشنطن الحفاظ على علاقات وثيقة معها، إلى بلدان أخرى لشراء الأسلحة.

ويرى مسئولون فى واشنطن وجوب تعزيز العلاقات مع تلك الدول، نتيجة تنافس عالمى مع الصين يُقاس غالبًا بمَن يمكنه بيع أفضل المعدات العسكرية وأكثرها تطوّرًا، بأسرع وقت وأرخص الأسعار.

ورحّب وزير البحرية الأمريكية السابق ريتشارد سبنسر بالمراجعة التى يجريها البنتاجون، محذرًا من أن الوزارة تستخدم غالبًا ضمادات بدلًا من إجراء إصلاح شامل.

وقال: «يجب أن تكون (الوزارة) رشيقة. نحن متصلّبون، ومصابون بالتهاب المفاصل، وعلينا تجاوز ذلك».

وصُمّم نظام المبيعات العسكرية الأمريكية ليعمل فى أوقات السلم، وليس فيما تزوّد الولايات المتحدة معدات عسكرية بمليارات الدولارات إلى حليف يقاتل روسيا.

وتمثل هدفه الأساسى فى تعزيز حلفاء واشنطن وشركائها، من خلال تزويدها بأسلحة أمريكية الصنع. هذا الأمر مفيد بالنسبة إلى مصالح الأمن القومى للولايات المتحدة، ويرسّخ علاقاتها مع شركائها وحلفائها.

لكن التنافس المتزايد مع دول، مثل الصين وروسيا، اللتين تطوّران أسلحة متقدمة بتكلفة أقلّ؛ يهدد بمعادلة الميزة التنافسية لواشنطن فى السباق لتسليح الدول الصديقة فى العالم.

وقال مسئول أمريكى: «الحجة المديدة لمصلحة المعدات الأمريكية هى أنها الأفضل، وهى كذلك. وهذا يجعلها أيضًا أغلى ثمنًا، فهى ليست رخيصة».

ويشعر البعض فى قطاع الدفاع والحكومة والكونجرس، بقلق من تحديات تواجه هذا القطاع والجاهزية العسكرية للولايات المتحدة. وأدت الحرب فى أوكرانيا إلى نقص مقلق فى مخزونات الأسلحة الأمريكية، بما فى ذلك بعض الذخيرة.

ويمسّ النزاع أيضًا حلفاء أوروبيين، قدّموا لأوكرانيا أسلحة بمئات الملايين من الدولارات، بعد تلقيهم تعهدًا بأن الولايات المتحدة ستساعدهم فى تجديد مخزوناتهم.

وأشار مسئول إلى أن بعض المشكلات قد تبدو مستعصية على الحلّ، ومتجذرة فى مشكلات النظام فى الصناعة الأمريكية وسوق العمل الضيقة.

وأضاف: «صناعة الدفاع الأمريكية ليست مصمّمة كما كانت فى الحرب العالمية الثانية. إنهم لا ينتجون أشياءً لمجرد أننا نطلب منهم ذلك. يجب أن يكون لديهم عقد» فى هذا الصدد.

ويأمل مسئولون أمريكيون بأن تؤدى أوجُه قصور عانتها أسلحة روسية خلال الحرب فى أوكرانيا، إلى جانب ضغوط محلية على دول لتجديد مخزونها العسكرى، إلى دفع بلدان تواصل الاعتماد على موسكو لشراء الأسلحة؛ لاستكشاف أسواق أخرى.